وكذا الآية التي بعدها : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة ) إلى آخرها ، تقدمت .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى بن أبي بكر ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، حدثنا الربيع بن أنس قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته ، لا يشرك به ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، فارقها والله عنه راض ، وهو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم ، قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء " . وتصديق ذلك في كتاب الله : ( فإن تابوا ) يقول : فإن خلعوا الأوثان وعبادتها ( وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) وقال في آية أخرى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )
ثم قال البزار : آخر الحديث عندي والله أعلم : " فارقها وهو عنه راض " ، وباقيه عندي من كلام الربيع بن أنس .
القول في تأويل قوله : فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم وشركهم بالله، إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته =(وأقاموا الصلاة)، المكتوبة، فأدّوها بحدودها =(وآتوا الزكاة)، المفروضة أهلَها (26) =(فإخوانكم في الدين)، يقول: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به, وهو الإسلام =(ونفصل الآيات)، يقول: ونبين حجج الله وأدلته على خلقه (27) =(لقوم يعلمون)، ما بُيِّن لهم، فنشرحها لهم مفصلة، دون الجهال الذين لا يعقلون عن الله بيانه ومحكم آياته.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16516- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، يقول: إن تركوا اللات والعزّى, وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله =(فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون).
16517- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص بن غياث, عن ليث, عن رجل, عن ابن عباس: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة)، قال: حرَّمت هذه الآية دماءَ أهل القِبْلة.
16518- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: افترضت الصلاة والزكاة جميعًا لم يفرَّق بينهما. وقرأ: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال: رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه.
16519- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال: أمرتم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة, ومن لم يزك فلا صلاة له.
* * *
وقيل: (فإخوانكم)، فرفع بضمير: " فهم إخوانكم ", إذ كان قد جرى ذكرهم قبل, كما قال: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ، [سورة الأحزاب: 5]، فهم إخوانكم في الدين. (28)
----------------------
الهوامش :
(26) انظر تفسير " التوبة " و " إقامة الصلاة " و " إيتاء الزكاة " في فهارس اللغة ( توب ) ، ( قوم ) ، ( أتى ) .
(27) انظر تفسير " التفصيل " فيما سلف 13 : 252 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
= وتفسير " الآيات " فيما سلف من فهارس اللغة ( أيى ) .
(28) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 425 .
Quran Translation Sura At-Tawba aya 11
But if they repent, establish prayer, and give zakah, then they are your brothers in religion; and We detail the verses for a people who know.