أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (سورة القلم الآية 1)

    القرآن الكريم تفسير سورة القلم الآية رقم 1.
    قال اللهُ تعالى: ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم: 1].


    التفاسير للآية 1 من سورة القلم


    التفسير الميسر


    (ن) سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة. أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس، وبما يكتبون من الخير والنفع والعلوم. ما أنت -أيها الرسول- بسبب نعمة الله عليك بالنبوة والرسالة بضعيف العقل، ولا سفيه الرأي، وإن لك على ما تلقاه من شدائد على تبليغ الرسالة لَثوابًا عظيمًا غير منقوص ولا مقطوع، وإنك -أيها الرسول- لعلى خلق عظيم، وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق؛ فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره، وينتهي عما ينهى عنه.


    تفسير ابن كثير


    ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ|||

    تفسير سورة " ن " وهي مدنية .

    قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول " سورة البقرة " ، وأن قوله : ( ن ) كقوله : ( ص ) ) ق ) ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور ، وتحرير القول في ذلك بما أغنى عن إعادته .

    وقيل : المراد بقوله : ( ن ) حوت عظيم على تيار الماء العظيم المحيط ، وهو حامل للأرضين السبع ، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير :

    حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان - هو الثوري - حدثنا سليمان - هو الأعمش - عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم قال : اكتب . قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر . فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة . ثم خلق " النون " ورفع بخار الماء ، ففتقت منه السماء ، وبسطت الأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون فمادت الأرض ، فأثبتت بالجبال ، فإنها لتفخر على الأرض .

    وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أحمد بن سنان ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش به . وهكذا رواه شعبة ، ومحمد بن فضيل ، ووكيع ، عن الأعمش ، به . وزاد شعبة في روايته : ثم قرأ : ( ن والقلم وما يسطرون ) وقد رواه شريك ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان - أو مجاهد ، - عن ابن عباس فذكر نحوه . ورواه معمر ، عن الأعمش : أن ابن عباس قال . . . فذكره ، ثم قرأ : ( ن والقلم وما يسطرون ) ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : إن أول شيء خلق ربي عز وجل القلم ، ثم قال له : اكتب . فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة . ثم خلق " النون " فوق الماء ، ثم كبس الأرض عليه .

    وقد روى الطبراني ذلك مرفوعا فقال : حدثنا أبو حبيب زيد بن المهتدي المروذي ، حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أول ما خلق الله القلم والحوت ، قال للقلم : اكتب ، قال : ما أكتب ؟ قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة " . ثم قرأ : ( ن والقلم وما يسطرون ) فالنون : الحوت . والقلم : القلم .

    حديث آخر في ذلك : رواه ابن عساكر ، عن أبي عبد الله مولى بني أمية ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن أول شيء خلقه الله القلم ، ثم خلق " النون " وهي : الدواة . ثم قال له : اكتب . قال وما أكتب ؟ قال : اكتب ما يكون - أو : ما هو كائن - من عمل ، أو رزق ، أو أثر ، أو أجل . فكتب ذلك إلى يوم القيامة ، فذلك قوله : ( ن والقلم وما يسطرون ) ثم ختم على القلم فلم يتكلم إلى يوم القيامة ، ثم خلق العقل وقال : وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ، ولأنقصنك ممن أبغضت " .

    وقال ابن أبي نجيح : إن إبراهيم بن أبي بكر أخبره عن مجاهد قال : كان يقال : النون : الحوت العظيم الذي تحت الأرض السابعة .

    وذكر البغوي وجماعة من المفسرين : إن على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السماوات والأرض ، وعلى ظهرها ثور له أربعون ألف قرن ، وعلى متنه الأرضون السبع وما فيهن وما بينهن فالله أعلم . ومن العجيب أن بعضهم حمل على هذا المعنى الحديث الذي رواه الإمام أحمد :

    حدثنا إسماعيل ، حدثنا حميد ، عن أنس : أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فأتاه فسأله عن أشياء ، قال : إني سائلك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي ، قال : ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه ؟ والولد ينزع إلى أمه ؟ قال : " أخبرني بهن جبريل آنفا " . قال ابن سلام : فذاك عدو اليهود من الملائكة . قال : " أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب . وأول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد حوت . وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت " .

    ورواه البخاري من طرق عن حميد ، ورواه مسلم أيضا ، وله من حديث ثوبان - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا . وفي صحيح مسلم من حديث أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان : أن حبرا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مسائل ، فكان منها أن قال : فما تحفتهم ؟ - يعني أهل الجنة حين يدخلون الجنة - قال : " زيادة كبد الحوت " . قال : فما غذاؤهم على أثرها ؟ قال : " ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " . قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : " من عين فيها تسمى سلسبيلا " .

    وقيل : المراد بقوله : ( ن ) لوح من نور .

    قال ابن جرير : حدثنا الحسين بن شبيب المكتب ، حدثنا محمد بن زياد الجزري ، عن فرات بن أبي الفرات ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ( ن والقلم وما يسطرون ) لوح من نور ، وقلم من نور ، يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة " وهذا مرسل غريب .

    وقال ابن جريج أخبرت أن ذلك القلم من نور طوله مائة عام .

    وقيل : المراد بقوله : ( ن ) دواة ، والقلم : القلم . قال ابن جرير :

    حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، وقتادة في قوله : ( ن ) قالا هي الدواة .

    وقد روي في هذا حديث مرفوع غريب جدا ، فقال ابن أبي حاتم :

    حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا أبو عبد الله مولى بني أمية ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خلق الله النون ، وهي الدواة " .

    وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أخي عيسى بن عبد الله ، حدثنا ثابت الثمالي ، عن ابن عباس قال : إن الله خلق النون - وهي الدواة - وخلق القلم ، فقال : اكتب . قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول به بر ، أو فجور ، أو رزق مقسوم ، حلال ، أو حرام . ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه : دخوله في الدنيا ، ومقامه فيها كم ؟ وخروجه منها كيف ؟ ثم جعل على العباد حفظة ، وللكتاب خزانا ، فالحفظة ينسخون كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم ، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر وانقضى الأجل أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم ، فتقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا فترجع الحفظة ، فيجدونهم قد ماتوا . قال : فقال ابن عباس : ألستم قوما عربا تسمعون الحفظة يقولون : ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) [ الجاثية : 29 ] ؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل .

    وقوله : ( والقلم ) الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) [ العلق : 3 - 5 ] . فهو قسم منه تعالى ، وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ; ولهذا قال : ( وما يسطرون ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : يعني : وما يكتبون .

    وقال أبو الضحى ، عن ابن عباس : ( وما يسطرون ) أي : وما يعملون .

    وقال السدي : ( وما يسطرون ) يعني الملائكة وما تكتب من أعمال العباد .

    وقال آخرون : بل المراد ها هنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة . وأوردوا في ذلك الأحاديث الواردة في ذكر القلم ، فقال ابن أبي حاتم :

    حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان ، ويونس بن حبيب قالا : حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا عبد الواحد بن سليم السلمي ، عن عطاء - هو ابن أبي رباح - حدثني الوليد بن عبادة بن الصامت قال : دعاني أبي حين حضره الموت فقال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : يا رب وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر [ ما كان ] وما هو كائن إلى الأبد " .

    وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد من طرق ، عن الوليد بن عبادة ، عن أبيه به . وأخرجه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي به . ، وقال : حسن صحيح غريب . ورواه أبو داود في كتاب " السنة " من سننه ، عن جعفر بن مسافر ، عن يحيى بن حسان ، عن ابن رباح ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أبي حفصة - واسمه حبيش بن شريح الحبشي الشامي - عن عبادة فذكره .

    وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله الطوسي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا رباح بن زيد ، عن عمر بن حبيب ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه كان يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أول شيء خلقه الله القلم ، فأمره ، فكتب كل شيء " . غريب من هذا الوجه ، ولم يخرجوه

    وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( والقلم ) يعني : الذي كتب به الذكر . .

    وقوله : ( وما يسطرون ) أي : يكتبون كما تقدم .




    تفسير ابن جرير الطبري


    ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)

    اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( ن ) فقال بعضهم: هو الحوت الذي عليه الأرَضُون.

    ذكر من قال ذلك:

    حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبى عديّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس، قال: أوّل ما خلق الله من شيء القلم، فجرى بما هو كائن، ثم رفع بخار الماء، فخلقت منه السماوات، ثم خلق النون فبسطت الأرض على ظهر النون، فتحرّكت الأرض فمادت، فأثبت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض، قال: وقرأ: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ).

    حدثنا تميم بن المنتصر، قال: ثنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، أو مجاهد عن ابن عباس، بنحوه، إلا أنه قال: فَفُتِقَتْ مِنْهُ السموات.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثني سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: أوّل ما خلق الله القلم، قال: اكتب، &; 23-524 &; قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال: فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون، ورفع بخار الماء، ففُتِقت منه السماء و بُسِطت الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر على الأرض.

    حدثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن فُضَيل، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: " أوّل ما خلق الله من شيء القلم، فقال له: اكتب، فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال فجرى القلم بما هو كائن من ذلك إلى قيام الساعة، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات، ثم خلق النون فدُحيت الأرض على ظهره، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأُثبتت بالجبال فإنها لتفخر على الأرض ".

    حدثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس نحوه.

    حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، أن إبراهيم بن أبي بكر، أخبره عن مجاهد، قال: كان يقال النون: الحوت الذي تحت الأرض السابعة.

    حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، قال: قال معمر، ثنا الأعمش، أن ابن عباس قال: إنّ أوّل شيء خُلق القلم، ثم ذكر نحو حديث واصل عن ابن فضيل، وزاد فيه: ثم قرأ ابن عباس: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ).

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس، قال: إن أوّل شيء خلق ربي القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ثم خلق النون فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه.

    وقال آخرون: ( ن ) حرف من حروف الرحمن.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا عبد الله بن أحمد المروزي، قال: ثنا عليّ بن الحسين، قال: ثنا أبي، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس الر و حم و ( ن ) حروف الرحمن مقطعة.

    حدثني محمد بن معمر، قال: ثنا عباس بن زياد الباهلي، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قوله: الر و حم و ( ن ) قال: اسم مقطع.

    وقال آخرون: ( ن ) : الدواة، والقلم: القلم.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا أخي عيسى بن عبد الله، عن ثابت البناني، عن ابن عباس قال: إن الله خلق النون وهي الدواة، وخلق القلم، فقال: &; 23-525 &; اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، من عمل معمول، برّ أو فجور، أو رزق مقسوم حلال أو حرام، ثم ألزم كلّ شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم، وخروجه منها كيف؛ ثم جعل على العباد حفظة وللكتاب خزانا، فالحفظة ينسخون كلّ يوم عمل ذلك اليوم، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر، وانقضى الأجل، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم، فتقول لهم الخزنة: ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا، فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا؛ قال: فقال ابن عباس: ألستم قوما عربا تسمعون الحَفَظة يقولون: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل؟.

    حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن وقتادة، في قوله: ( ن ) قال: هو الدواة.

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو، عن قتادة، قال: النون: الدواة.

    وقال آخرون: ( ن ) : لوح من نور.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا الحسن بن شبيب المكتّب، قال: ثنا محمد بن زياد الجزري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ )" لوح من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة لوح &;

    وقال آخرون: ( ن ) : قَسَم أقسم الله به.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) يُقْسِم الله بما شاء.

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله الله: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) قال: هذا قسم أقسم الله به.

    وقال آخرون: هي اسم من أسماء السورة.

    وقال آخرون: هي حرف من حروف المعجم؛ وقد ذكرنا القول فيما جانس ذلك من حروف الهجاء التي افتتحت بها أوائل السور، والقول في قوله نظير القول في ذلك.

    واختلفت القرّاء في قراءة: ( ن ) فأظهر النون فيها وفي يس عامة قرّاء الكوفة خلا الكسائيّ، وعامة قرّاء البصرة، لأنها حرف هجاء، والهجاء مبني على الوقوف عليه وإن اتصل، وكان الكسائيّ يُدغم النون الآخرة منهما ويخفيها بناء على الاتصال.

    والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان فصيحتان بأيتهما قرأ القارئ أصاب، غير أن إظهار النون أفصح وأشهر، فهو أعجب إلىّ.وأما القلم فهو القلم المعروف، غير أن الذي أقسم به ربنا من الأقلام: القلم الذي خلقه الله تعالى ذكره، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة.

    حدثني محمد بن صالح الأنماطي، قال ثنا عباد بن العوّام، قال: ثنا عبد الواحد بن سليم، قال: سمعت عطاء، قال: سألت الوليد بن عبادة بن الصامت كيف كانت وصية أبيك حين حشره الموت؟ فقال: دعاني فقال: أي بنيّ اتق الله واعلم أنك لن تتقي الله، ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده، والقدر خيره وشرّه، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ أوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ خَلَقَ القَلَمَ، فَقالَ لَهُ: اكْتُبْ، قالَ: يَا رَبّ وَما أكْتُبُ؟ قال: اكْتُبَ القَدَرَ، قالَ فَجَرَى القَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كانَ وَما هُوَ كائِنٌ إلى الأبَدِ".

    حدثني محمد بن عبد الله الطوسي، قال: ثنا عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا رباح بن زيد، عن عمرو بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه كان يحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أوَّلُ شَيْء خَلَق اللهُ القَلَمَ وأمَرَهُ فَكَتَبَ كُلَّ شَيْء ".

    حدثنا موسى بن سهل الرملي، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا ابن المبارك بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، نحوه.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: إن ناسا يكذّبون بالقدر، فقال: إنهم يكذّبون بكتاب الله، لآخذّن بشَعْر أحدهم، فلا يقصَّن به، إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئًا، فكان أوّل ما خلق الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، فإنما يجري الناس على أمر قد فُرغ منه.

    حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو هاشم، أنه سمع مجاهدًا، قال: سمعت عبد الله - لا ندري ابن عمر أو ابن عباس قال -: إن أوّل ما خلق الله القلم، فجرى القلم بما هو كائن؛ وإنما يعمل الناس اليوم فيما قد فُرِغ منه.

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني معاوية بن صالح؛ وحدثني عبد الله بن آدم، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح، عن أيوب بن زياد، قال: ثني عباد بن الوليد بن عُبادة بن الصامت، قال: أخبرني أبي، قال: قال أبي عُبادة بن الصامت: يا بنيّ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ أوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"

    حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( ن وَالْقَلَمِ ) قال: الذي كُتِبَ به الذكر.

    حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، أخبره عن إبراهيم بن أبي بكر، عن مجاهد، في قوله: ( ن وَالْقَلَمِ ) قال: الذي كتب به الذكر.

    وقوله: ( وَمَا يَسْطُرُونَ ) يقول: والذي يخُطُّون ويكتبون. وإذا وُجِّهَ التأويل إلى هذا الوجه كان القسم بالخلق وأفعالهم. وقد يحتمل الكلام معنى آخر، وهو أن يكون معناه: وسطرهم ما يسطرون، فتكون " ما " بمعنى المصدر. واذا وُجه التأويل إلى هذا الوجه، كان القسم بالكتاب، كأنه قيل: ن والقلم والكتاب.

    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا يَسْطُرُونَ ) قال: وما يَخُطُّون.

    حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَا يَسْطُرُونَ ) يقول: يكتبون.

    حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَمَا يَسْطُرُونَ ) قال: وما يكتبون.

    حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَمَا يَسْطُرُونَ ) : وما يكتبون، يقال منه: سطر فلان الكتاب فهو يَسْطُر سَطْرا: إذا كتبه؛ ومنه قول رُؤبة بن العجَّاج:

    إنّي وأسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا (1)

    ------------------

    الهوامش :

    (1) البيت في ديوان رؤبة بن العجاج الراجز (ديوانه طبع ليبسج 174). وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن عند قوله تعالى: ( والقلم وما يسطرون ) قال: وما يكتبون قال رؤبة: "إني وأسطار..." البيت. والأسطار: جمع سطر، وهو الصف من النخل أو من حروف الكتابة المنسوقة.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Qalam aya 1

    Nun. By the pen and what they inscribe,

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا