ثم قال : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا ) أي : في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم ، أن ذلك لا يجدي عنهم شيئا ولا ينفعهم عند الله ، إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم ، ثم ذكر المثل فقال : ( امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين ) أي : نبيين رسولين عندهما في صحبتها ليلا ونهارا يؤاكلانهما ، ويضاجعانهما ، ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط ( فخانتاهما ) أي : في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدقاهما في الرسالة ، فلم يجد ذلك كله شيئا ، ولا دفع عنهما محذورا ; ولهذا قال : ( فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ) أي : لكفرهما ، ( وقيل ) أي : للمرأتين : ( ادخلا النار مع الداخلين ) وليس المراد : ( فخانتاهما ) في فاحشة ، بل في الدين ، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة ; لحرمة الأنبياء ، كما قدمنا في سورة النور .
قال سفيان الثوري ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن قتة : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية ( فخانتاهما ) قال : ما زنتا ، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قال : كانت خيانتهما أنهما كانتا على عورتيهما ، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء .
وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم .
[ وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين ] .
وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كثير من الناس : من أكل مع مغفور له غفر له . وهذا الحديث لا أصل له ، وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال : يا رسول الله ، أنت قلت : من أكل مع مغفور له غفر له ؟ قال : " لا ، ولكني الآن أقوله " .
يقول تعالى ذكره: مَثَّل الله مثلا للذين كفروا من الناس وسائر الخلق امرأة نوح وامرأة لوط، كانتا تحت عبدين من عبادنا، وهما نوح ولوط فخانتاهما.
ذُكر أن خيانة امرأة نوح زوجها أنها كانت كافرة، وكانت تقول للناس: إنه مجنون. وأن خيانة امرأة لوط، أن لوطًا كان يُسِرّ الضيف، وتَدُلّ عليه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سلمان بن قيس، عن ابن عباس، قوله: (فَخَانَتَاهُمَا ) قال: كانت امرأة نوح تقول للناس: إنه مجنون. وكانت امرأة لوط تَدُل على الضيف.
حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال: ثنا إسماعيل بن عمر، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قيس، قال: سمعت ابن عباس قال في هذه الآية: أما امرأة نوح، فكانت تخبر أنه مجنون؛ وأما خيانة امرأة لوط، فكانت تَدُلّ على لوط.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أَبي عامر الهمداني، عن الضحاك (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ) قال: ما بغت امرأة نبيّ قط (فَخَانَتَاهُمَا ) قال: في الدين خانتاهما.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) قال: كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما، فكانت امرأة نوح تطلع على سرّ نوح، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، فكان ذلك من أمرها؛ وأما امرأة لوط فكانت إذا ضاف لوطًا أحد خبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن أبي سعيد، أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية (فَخَانَتَاهُمَا ) قال: في الدين.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) قال: وكانت خيانتهما أنهما كانتا مشركتين.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: عبيد بن سليمان، عن الضحاك (فَخَانَتَاهُمَا ) قال: كانتا مخالفتين دين النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كافرتين بالله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أَبو صخر، عن أَبي معاوية البجلي، قال: سألت سعيد بن جبير: ما كانت خيانة امرأة لوط وامرأة نوح؟ فقال: أما امرأة لوط، فإنها كانت تدلّ على الأضياف؛ وأما امرأة نوح فلا علم لي بها.
وقوله: (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) يقول: فلم يغن نوح ولوط عن امرأتيهما من الله لما عاقبهما على خيانتهما أزواجهما شيئًا، ولم ينفعهما أن كانت أزواجهما أنبياء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ ) ... الآية، هاتان زوجتا نَبِيَّي الله لما عصتا ربهما، لم يغن أزواجهما عنهما من الله شيئًا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ) .... الآية، قال: يقول الله: لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئًا، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون.
وقوله: (وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) قال الله لهما يوم القيامة: ادخلا أيتها المرأتان نار جهنم مع الداخلين فيها.
Quran Translation Sura At-Tahrim aya 10
Allah presents an example of those who disbelieved: the wife of Noah and the wife of Lot. They were under two of Our righteous servants but betrayed them, so those prophets did not avail them from Allah at all, and it was said, "Enter the Fire with those who enter."