ثم قال : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ) أي : إنما حصل لهم ذلك بتوفيق الله وهدايته إياهم ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) تشديد لأمر الشرك ، وتغليظ لشأنه ، وتعظيم لملابسته ، كما قال [ تعالى ] ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) الآية [ الزمر : 65 ] ، وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع ، كقوله [ تعالى ] ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] ، وكقوله ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) [ الأنبياء : 17 ] وكقوله ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ) [ الزمر : 4 ] .
القول في تأويل قوله : ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ذلك هدى الله "، هذا الهدي الذي هديت به من سميت من الأنبياء والرسل، فوفقتهم به لإصابة الدين الحقّ الذي نالوا بإصابتهم إياه رضا ربهم، وشرفَ الدنيا، وكرامة الآخرة, هو " هدى الله ", يقول: هو توفيق الله ولطفه, الذي يوفق به من يشاء، ويلطف به لمن أحب من خلقه, حتى ينيب إلى طاعة الله، وإخلاص العمل له، وإقراره بالتوحيد، ورفضِ الأوثان والأصنام (57) =" ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون "، يقول: ولو أشرك هؤلاء الأنبياء الذين سميناهم، بربهم تعالى ذكره, فعبدوا معه غيره =" لحبط عنهم "، يقول: لبطل فذهبَ عنهم أجرُ أعمالهم التي كانوا يعملون, (58) لأن الله لا يقبل مع الشرك به عملا .
--------------------
الهوامش :
(57) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
Quran Translation Sura Al-An'aam aya 88
That is the guidance of Allah by which He guides whomever He wills of His servants. But if they had associated others with Allah, then worthless for them would be whatever they were doing.