ولهذا قال تعالى : ( وهو القاهر فوق عباده ) أي : هو الذي خضعت له الرقاب ، وذلت له الجبابرة ، وعنت له الوجوه ، وقهر كل شيء ودانت له الخلائق ، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته الأشياء ، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت حكمه وقهره
( وهو الحكيم ) أي : في جميع ما يفعله ) الخبير ) بمواضع الأشياء ومحالها ، فلا يعطي إلا لمن يستحق ولا يمنع إلا من يستحق .
القول في تأويل قوله : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وهو "، نفسَه، يقول: والله الظاهر فوق عباده (41) = ويعني بقوله: " القاهر " ، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم. وإنما قال: " فوق عباده ", لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم. ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه .
فمعنى الكلام إذًا: والله الغالب عبادَه, المذلِّلهم, العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم, فهو فوقهم بقهره إياهم, وهم دونه =" وهو الحكيم " ، يقول: والله الحكيم في علِّوه على عباده، وقهره إياهم بقدرته، وفي سائر تدبيره (42) =" الخبير "، بمصالح الأشياء ومضارِّها, الذي لا يخفي عليه عواقب الأمور وبواديها, ولا يقع في تدبيره خلل , ولا يدخل حكمه دَخَل. (43)
* * *
---------------
الهوامش :
(41) في المطبوعة: "والله القاهر" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب في التفسير.
(42) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (حكم).
(43) انظر تفسير (الخبير" فيما سلف من فهارس اللغة (خبر).
Quran Translation Sura Al-An'aam aya 18
And He is the subjugator over His servants. And He is the Wise, the Acquainted [with all].