أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (سورة الأنعام الآية 124)

    القرآن الكريم تفسير سورة الأنعام الآية رقم 124.
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ [الأنعام: 124].


    التفاسير للآية 124 من سورة الأنعام


    التفسير الميسر


    وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال هؤلاء الطغاة الذل، ولهم عذاب موجع في نار جهنم؛ بسبب كيدهم للإسلام وأهله.


    تفسير ابن كثير


    وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ|||

    وقوله : ( وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) أي : إذا جاءتهم آية وبرهان وحجة قاطعة ، قالوا : ( لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) أي : حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة ، كما تأتي إلى الرسل ، كقوله ، جل وعلا ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) [ الفرقان : 21 ] .

    وقوله : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) أي : هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه ، كما قال تعالى : ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك ) الآية [ الزخرف : 31 ، 32 ] يعنون : لولا نزل هذا القرآن على رجل عظيم كبير مبجل في أعينهم ( من القريتين ) أي : مكة والطائف . وذلك لأنهم - قبحهم الله - كانوا يزدرون بالرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، بغيا وحسدا ، وعنادا واستكبارا ، كما قال تعالى مخبرا عنهم : ( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ) [ الأنبياء : 36 ] ، وقال تعالى : ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا ) [ الفرقان : 41 ] ، وقال تعالى : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الأنعام : 10 ] . هذا وهم يعترفون بفضله وشرفه ونسبه . وطهارة بيته ومرباه ومنشئه ، حتى أنهم كانوا يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه : " الأمين " ، وقد اعترف بذلك رئيس الكفار " أبو سفيان " حين سأله " هرقل " ملك الروم : كيف نسبه فيكم؟ قال : هو فينا ذو نسب . قال : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال : لا . الحديث بطوله الذي استدل به ملك الروم بطهارة صفاته ، عليه السلام ، على صدقه ونبوته وصحة ما جاء به .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا الأوزاعي ، عن شداد أبي عمار ، عن واثلة بن الأسقع ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم "

    انفرد بإخراجه مسلم من حديث الأوزاعي - وهو عبد الرحمن بن عمرو إمام أهل الشام - به نحوه .

    وفي صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا ، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه "

    وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن المطلب بن أبي وداعة قال : قال العباس : بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس ، فصعد المنبر فقال : " من أنا؟ " قالوا : أنت رسول الله . قال : " أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة . وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا " صدق صلوات الله وسلامه عليه .

    وفي الحديث أيضا المروي عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال لي جبريل : قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد ، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم " رواه الحاكم والبيهقي . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو بكر ، حدثنا عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته . ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ .

    وقال أحمد : حدثنا شجاع بن الوليد قال : ذكر قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن سلمان قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا سلمان ، لا تبغضني فتفارق دينك " قلت : يا رسول الله ، كيف أبغضك وبك هدانا الله؟ قال : " تبغض العرب فتبغضني "

    وذكر ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية : ذكر عن محمد بن منصور الجواز ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي حسين قال : أبصر رجل ابن عباس وهو يدخل من باب المسجد فلما نظر إليه راعه ، فقال : من هذا؟ قالوا : ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) .

    وقوله تعالى : ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) هذا وعيد شديد من الله وتهديد أكيد ، لمن تكبر عن اتباع رسله والانقياد لهم فيما جاءوا به ، فإنه سيصيبه يوم القيامة بين يدي الله ) صغار ) وهو الذلة الدائمة ، لما أنهم استكبروا أعقبهم ذلك ذلا كما قال تعالى : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] أي : صاغرين ذليلين حقيرين .

    وقوله : ( وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) لما كان المكر غالبا إنما يكون خفيا ، وهو التلطف في التحيل والخديعة ، قوبلوا بالعذاب الشديد جزاء وفاقا ، ( ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] ، كما قال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] أي : تظهر المستترات والمكنونات والضمائر . وجاء في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة ، فيقال : هذه غدرة فلان ابن فلان "

    والحكمة في هذا أنه لما كان الغدر خفيا لا يطلع عليه الناس ، فيوم القيامة يصير علما منشورا على صاحبه بما فعل .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ|||

    القول في تأويل قوله : وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ

    قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا جاءت هؤلاء المشركين الذين يجادلون المؤمنين بزخرف القول فيما حرم الله عليهم، ليصدّوا عن سبيل الله =(آية)، يعني: حجة من الله على صحة ما جاءهم به محمد من عند الله وحقيقته (43) = قالوا لنبي الله وأصحابه: =(لن نؤمن)، يقول: يقولون: لن نصدق بما دعانا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان به, وبما جاء به من تحريم ما ذكر أنّ الله حرّمه علينا=(حتى نؤتى)، يعنون: حتى يعطيهم الله من المعجزات مثل الذي أعطى موسى من فلق البحر, وعيسى من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص . (44) يقول تعالى ذكره: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)، يعني بذلك جل ثناؤه: أن آيات الأنبياء والرسل لن يُعطاها من البشر إلا رسول مرسل, (45) وليس العادلون بربهم الأوثان والأصنام منهم فيعطوها . يقول جل ثناؤه: فأنا أعلم بمواضع رسالاتي، ومن هو لها أهل, فليس لكم أيها المشركون أن تتخيَّروا ذلك عليّ أنتم, لأن تخيُّر الرسول إلى المرسِلِ دون المرسَل إليه, والله أعلم إذا أرسل رسالةً بموضع رسالاته .

    * * *

    القول في تأويل قوله : سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)

    قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, معلِّمَه ما هو صانع بهؤلاء المتمردين عليه: " سيصيب "، يا محمد، (46) الذين اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره =(صغار)، يعني: ذلة وهوان ، كما:-

    13851- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله)، قال: " الصغار "، الذلة .

    * * *

    وهو مصدر من قول القائل: " صَغِرَ يصغَرُ صَغارًا وصَغَرًا ", وهو أشدّ الذلّ .

    * * *

    وأما قوله: (صغار عند الله)، فإن معناه: سيصيبهم صغارٌ من عند الله, كقول القائل: " سيأتيني رزقي عند الله ", بمعنى: من عند الله, يراد بذلك: سيأتيني الذي لي عند الله . وغير جائز لمن قال: " سيصيبهم صغار عند الله "، أن يقول: " جئت عند عبد الله "، بمعنى: جئت من عند عبد الله, لأن معنى " سيصيبهم صغارٌ عند الله "، سيصيبهم الذي عند الله من الذل، بتكذيبهم رسوله. فليس ذلك بنظير: " جئت من عند عبد الله " . (47) .

    * * *

    وقوله: (وعذاب شديد بما كانوا يمكرون)، يقول: يصيب هؤلاء المكذبين بالله ورسوله، المستحلين ما حرَّم الله عليهم من الميتة، مع الصغار عذابٌ شديد، بما كانوا يكيدون للإسلام وأهله بالجدال بالباطل، والزخرف من القول، غرورًا لأهل دين الله وطاعته . (48)

    ----------------------

    الهوامش :

    (43) انظر تفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .

    (44) انظر تفسير (( الإيتاء )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أتى ) .

    (45) في المطبوعة : (( لم يعطها )) ، وفي المخطوطة : ما أثبت ، وهو صواب محض .

    (46) انظر تفسير (( الإصابة )) فيما سلف : 11 : 170 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك .

    (47) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 253 = تفسير (( عند )) فيما سلف 2 : 501/7 : 490/8 : 555 .

    (48) انظر تفسير (( المكر )) فيما سلف قريبًا ص : 95




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-An'aam aya 124

    And when a sign comes to them, they say, "Never will we believe until we are given like that which was given to the messengers of Allah." Allah is most knowing of where He places His message. There will afflict those who committed crimes debasement before Allah and severe punishment for what they used to conspire.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا