يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال ، كما قال تعالى : ( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ) [ الصافات : 71 ] ، وقال تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] ، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم ، وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل "إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" فإن الخرص هو الحزر ومنه خرص النخل وهو حزر ما عليها من التمر وذلك كله عن قدر الله ومشيئته.
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (116)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد، يا محمد، فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لآلهتهم, وأهلُّوا به لغير ربهم، وأشكالَهم من أهل الزيغ والضلال, فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله، ومحجة الحق والصواب، فيصدُّوك عن ذلك .
وإنما قال الله لنبيه: (وإن تطع أكثر من في الأرض)، من بني آدم, لأنهم كانوا حينئذ كفارًا ضلالا فقال له جل ثناؤه: لا تطعهم فيما دعوك إليه, فإنك إن تطعهم ضللت ضلالهم، وكنتَ مثلهم، لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطئوه . ثم أخبر جل ثناؤه عن حال الذين نَهَى نبيه عن طاعتهم فيما دعوه إليه في أنفسهم, فقال: (إن يتبعون إلا الظن)، فأخبر جل ثناؤه أنهم من أمرهم على ظن عند أنفسهم, وحسبان على صحة عزمٍ عليه، (25) وإن كان خطأ في الحقيقة =(وإن هم إلا يخرصون)، يقول: ما هم إلا متخرِّصون، يظنون ويوقعون حَزْرًا، لا يقينَ علمٍ. (26)
* * *
يقال منه: " خرَصَ يخرُصُ خَرْصًا وخروصًا "، (27)
أي كذب، و " تخرّص بظن "، و " تخرّص بكذب ", و " خرصتُ النخل أخرُصه ", و " خَرِصَتْ إبلك "، أصابها البردُ والجوع .
------------------
الهوامش :
(25) هكذا في المطبوعة و المخطوطة ، وأنا في شك من صوابه .
(26) انظر مجاز القرآن أبي عبيدة 1 : 206 .
(27) في المطبوعة : (( خرصا وخرصا )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، ولم أجد (( خروصًا )) ، مصدرًا لهذا الفعل ، في شيء مما بين يدي من كتب اللغة ، ولكن ذكره أبو حيان في تفسيره أيضًا 4 : 205 .
Quran Translation Sura Al-An'aam aya 116
And if you obey most of those upon the earth, they will mislead you from the way of Allah. They follow not except assumption, and they are not but falsifying.