ثم قال : ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) أي : يفعلون المنكر ويحضون الناس عليه ، ( ومن يتول ) أي : عن أمر الله وطاعته ( فإن الله هو الغني الحميد ) كما قال موسى عليه السلام : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] .
يقول تعالى ذكره: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، الباخلين بما أوتوا في الدنيا على اختيالهم به وفخرهم بذلك على الناس، فهم يبخلون بإخراج حق الله الذي أوجبه عليهم فيه، ويشِحُّون به، وهم مع بخلهم به أيضا يأمرون الناس بالبخل.
وقوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) يقول تعالى ذكره: ومن يُدْبرْ مُعرضًا عن عظة الله، (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضا عن عظة الله، تاركا العمل بما دعاه إليه من الإنفاق في سبيله، فرِحا بما أوتي من الدنيا، مختالا به فخورا يخيلا فإن الله هو الغنيّ عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه.
واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ )، فقال بعضهم: استغنى بالأخبار التي لأشباههم، ولهم في القرآن، كما قال وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى , ولم يكن في ذا الموضع خبر. والله أعلم بما ينـزل، هو كما أنـزل، أو كما أراد أن كون. وقال غيره من أهل العربية: الخبر قد جاء في الآية التي قبل هذه (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) عطف بجزاءين على جزاء، وجعل جوابهما واحدا، كما تقول: إن تقم وإن تحسن آتك، لا أنه حذف الخبر.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة ( فإنَّ اللهَ الغَنِيُّ ) بحذف " هو " من الكلام، وكذلك ذلك في مصاحفهم بغير " هو "، وقرأته عامة قرّاء الكوفة (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )، بإثبات هو في القراءة، وكذلك " هو " في مصاحفهم.
والصواب من القول أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
Quran Translation Sura Al-Hadid aya 24
[Those] who are stingy and enjoin upon people stinginess. And whoever turns away - then indeed, Allah is the Free of need, the Praiseworthy.