قال جويبر ، عن الضحاك : إن الله لا يقسم بشيء من خلقه ، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه .
وهذا القول ضعيف . والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله عز وجل ، يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته . ثم قال بعض المفسرين : " لا " هاهنا زائدة ، وتقديره : أقسم بمواقع النجوم . ورواه ابن جرير ، عن سعيد بن جبير . ويكون جوابه : ( إنه لقرآن كريم ) .
وقال آخرون : ليست " لا " زائدة لا معنى لها ، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما به على منفي ، كقول عائشة رضي الله عنها : " لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط " وهكذا هاهنا تقدير الكلام : " لا أقسم بمواقع النجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة ، بل هو قرآن كريم " .
وقال ابن جرير : وقال بعض أهل العربية : معنى قوله : ( فلا أقسم ) فليس الأمر كما تقولون ، ثم استأنف القسم بعد : فقيل : أقسم .
واختلفوا في معنى قوله : ( بمواقع النجوم ) ، فقال حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس يعني : نجوم القرآن ; فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا في السنين بعد . ثم قرأ ابن عباس هذه الآية .
وقال الضحاك عن ابن عباس : نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - عشرين سنة ، فهو قوله : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) نجوم القرآن .
وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وأبو حزرة .
وقال مجاهد أيضا : ( بمواقع النجوم ) في السماء ، ويقال : مطالعها ومشارقها . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، وهو اختيار ابن جرير . وعن قتادة : مواقعها : منازلها . وعن الحسن أيضا : أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة . وقال الضحاك : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) يعني بذلك : الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .
وقوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) فقال بعضهم: عُنِي بقوله: ( فَلا أُقْسِمُ ) : أقسم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير ( فَلا أُقْسِمُ ) قال: أقسم.
وقال بعض أهل العربية: معنى قوله: ( فَلا ) فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد فقيل أقسم وقوله: ( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا: أنـزل القرآن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نجومًا متفرّقة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حُصَين، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين بعد. قال: وتلا ابن عباس هذه الآية ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: نـزل متفرّقًا.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: أنـزل الله القرآن نجومًا ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرِمة: إن القرآن نـزل جميعًا، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نـزل جميعًا في ليلة القدر.
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مجاهد ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: هو مُحْكَم القرآن.
حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها.
حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) أي مساقطها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النجوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: بمنازل النجوم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بانتثار النجوم عند قيام الساعة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة بموقع على التوحيد، وقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين بمواقع: على الجماع.
والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
Quran Translation Sura Al-Waaqia aya 75
Then I swear by the setting of the stars,