وقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) أي : فبأي الآلاء - يا معشر الثقلين ، من الإنس والجن - تكذبان ؟ قاله مجاهد ، وغير واحد . ويدل عليه السياق بعده ، أي : النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها ، لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها ، فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون : " اللهم ، ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد " . وكان ابن عباس يقول : " لا بأيها يا رب " . أي : لا نكذب بشيء منها .
قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر ، والمشركون يستمعون ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .
القول في تأويل قوله تعالى : فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
يعني تعالى ذكره بقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ): فبأيّ نِعَم ربكما معشر الجنّ والإنس من هذه النعم تكذّبان.
كما حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سهل السراج، عن الحسن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ): فبأيّ نعمة ربكما تكذّبان.
قال عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال: لا بأيتها يا ربّ.
حدثنا محمد بن عباد بن موسى وعمرو بن مالك النضري، قالا ثنا يحيى بن سليمان الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قرأ سورة الرحمن، أو قُرئت عنده، فقال " ما لِيَ أسْمَعُ الجنّ أحْسَنَ جَوَابا لِرَبِّها مِنْكُمْ ؟ " قالوا: ماذا يا رسول الله ؟ قال: " ما أتَيْتُ على قَوْلِ اللهِ: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟ إلا قالت الجنّ: لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ رَبِّنا نُكَذّبُ ."
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول: فبأيّ نعمة الله تكذّبان.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول للجنّ والإنس: بأيّ نِعم الله تكذّبان.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش وغيره، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال: لا بأيتها ربنا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال: الآلاء: القدرة، فبأيّ آلائه تكذّب خلقكم كذا وكذا، فبأيّ قُدرة الله تكذّبان أيها الثَّقَلان، الجنّ والإنس.
فإن قال: لنا قائل: وكيف قيل: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) فخاطب اثنين، وإنما ذكر في أول الكلام واحد، وهو الإنسان؟ قيل: عاد بالخطاب في قوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) إلى الإنسان والجانّ، ويدلّ على أن ذلك كذلك ما بعد هذا من الكلام، وهو قوله: ( خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ). وقد قيل: إنما جعل الكلام خطابا لاثنين، وقد ابتدئ الخبر عن واحد، لما قد جرى من فعل العرب تفعل ذلك، وهو أن يخاطبوا الواحد بفعل الاثنين، فيقولون: خلياها يا غلام، وما أشبه ذلك، مما قد بيَّناه من كتابنا هذا في غير موضع.
Quran Translation Sura Ar-Rahmaan aya 13
So which of the favors of your Lord would you deny?