وقوله : ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، كقوله : ( لنريك من آياتنا ) [ طه : 23 ] أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا . وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع ; لأنه قال : ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس ، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة " سبحان " وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن الوليد بن قيس ، عن إسحاق بن أبي الكهتلة قال محمد : أظنه عن ابن مسعود - أنه قال : إن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته ، فأراه صورته فسد الأفق . وأما الأخرى فإنه صعد معه حين صعد به . وقوله : ( وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ) قال : فلما أحس جبريل ربه عز وجل ، عاد في صورته وسجد . فقوله : ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) قال : خلق جبريل عليه السلام .
هكذا رواه الإمام أحمد ، وهو غريب .
القول في تأويل قوله تعالى : مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)
يقول تعالى ذكره: ما مال بصر محمد يَعْدِل يمينا وشمالا عما رأى, أي ولا جاوز ما أمر به قطعا, يقول: فارتفع عن الحدّ الذي حُدّ له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد الزبيريّ, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مسلم البطين, عن ابن عباس, فى قوله ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) قال: ما زاغ يمينا ولا شمالا ولا طغى, ولا جاوز ما أُمر به.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب القرظي ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) قال رأى جبرائيل في صورة المَلك.
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مسلم البطين, عن ابن عباس ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) قال: ما زاغ: ذهب يمينا ولا شمالا ولا طغى: ما جاوز.
Quran Translation Sura An-Najm aya 18
He certainly saw of the greatest signs of his Lord.