أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (سورة الطور الآية 48)

    القرآن الكريم تفسير سورة الطور الآية رقم 48.
    قال اللهُ تعالى: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطور: 48].


    التفاسير للآية 48 من سورة الطور


    التفسير الميسر


    واصبر -أيها الرسول- لحكم ربك وأمره فيما حَمَّلك من الرسالة، وعلى ما يلحقك من أذى قومك، فإنك بمرأى منا وحفظ واعتناء، وسبِّح بحمد ربك حين تقوم إلى الصلاة، وحين تقوم من نومك، ومن الليل فسبِّح بحمد ربك وعظِّمه، وصلِّ له، وافعل ذلك عند صلاة الصبح وقت إدبار النجوم. وفي هذه الآية إثبات لصفة العينين لله تعالى بما يليق به، دون تشبيه بخلقه أو تكييف لذاته، سبحانه وبحمده، كما ثبت ذلك بالسنة، وأجمع عليه سلف الأمة، واللفظ ورد هنا بصيغة الجمع للتعظيم.


    تفسير ابن كثير


    وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ|||

    وقوله : ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) أي : اصبر على أذاهم ولا تبالهم ، فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا ، والله يعصمك من الناس .

    وقوله : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال الضحاك : أي إلى الصلاة : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .

    وقد روي مثله عن الربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهما .

    وروى مسلم في صحيحه ، عن عمر أنه كان يقول هذا في ابتداء الصلاة . ورواه أحمد وأهل السنن ، عن أبي سعيد وغيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول ذلك .

    وقال أبو الجوزاء : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) أي : من نومك من فراشك . واختاره ابن جرير : ويتأيد هذا القول بما رواه الإمام أحمد :

    حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، حدثنا عبادة بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : رب اغفر لي - أو قال : ثم دعا - استجيب له ، فإن عزم فتوضأ ، ثم صلى تقبلت صلاته " .

    وأخرجه البخاري في صحيحه ، وأهل السنن من حديث الوليد بن مسلم ، به .

    وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال : من كل مجلس .

    وقال الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) قال : إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال : سبحانك اللهم وبحمدك .

    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي ، حدثنا محمد بن شعيب ، أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي ، عن عطاء بن أبي رباح ; أنه حدثه عن قول الله : ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) يقول : حين تقوم من كل مجلس ، إن كنت أحسنت ازددت خيرا ، وإن كان غير ذلك كان هذا كفارة له .

    وقد قال عبد الرزاق في جامعه : أخبرنا معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن أبي عثمان الفقير ; أن جبريل علم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من مجلسه أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك . قال معمر : وسمعت غيره يقول : هذا القول كفارة المجالس

    وهذا مرسل ، وقد وردت أحاديث مسندة من طرق - يقوي بعضها بعضا - بذلك ، فمن ذلك حديث ابن جريج ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " .

    رواه الترمذي - وهذا لفظه - والنسائي في اليوم والليلة ، من حديث ابن جريج . وقال الترمذي : حسن صحيح . وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال : إسناد على شرط مسلم ، إلا أن البخاري علله .

    قلت : علله الإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة ، والدارقطني ، وغيرهم . ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج . على أن أبا داود قد رواه في سننه من طريق غير ابن جريج إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه ، ورواه أبو داود - واللفظ له - والنسائي ، والحاكم في المستدرك ، من طريق الحجاج بن دينار ، عن هاشم عن أبي العالية ، عن أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " . فقال رجل : يا رسول الله ، إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ؟ ! قال : " كفارة لما يكون في المجلس " .

    وقد روي مرسلا عن أبي العالية ، والله أعلم . وهكذا رواه النسائي والحاكم ، من حديث الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله سواء ، وروي مرسلا أيضا ، والله أعلم . وكذا رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو ; أنه قال : " كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات ، إلا كفر بهن عنه ، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن كما يختم بالخاتم على الصحيفة : سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " وأخرجه الحاكم من حديث أم المؤمنين عائشة ، وصححه ، ومن رواية جبير بن مطعم ورواه أبو بكر الإسماعيلي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقد أفردت لذلك جزءا على حدة بذكر طرقه وألفاظه وعلله ، وما يتعلق به ، ولله الحمد والمنة




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)

    يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) يا محمد الذي حكم به عليك, وامض لأمره ونهيه, وبلغ رسالاته ( فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: فإنك بمرأى منا نراك ونرى عملك, ونحن نحوطك ونحفظك, فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين.

    وقوله: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: إذا قمت من نومك فقل: سبحان الله وبحمده.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, في قوله: ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: من كل منامة, يقول حين يريد أن يقوم: سبحانَك وبحمدك.

    حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص عوف بن مالك ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) قال: سبحان الله وبحمده.

    حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: إذا قام لصلاة من ليل أو نهار. وقرأ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ قال: من نوم. ذكره عن أبيه.

    وقال بعضهم: بل معنى ذلك: إذا قمت إلى الصلاة المفروضة فقل: سبحانك اللهمّ وبحمدك.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا ابن المبارك, عن جُوَيبر, عن الضحاك ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: إذا قام إلى الصلاة قال: سبحانك اللهمّ وبحمدك, وتبارك اسمك ولا إله غيرك.

    وَحُدِّثت عن الحسين , قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) إلى الصلاة المفروضة.

    وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: وصلّ بحمد ربك حين تقوم من مَنامك, وذلك نوم القائلة, وإنما عنى صلاة الظهر.

    وإنما قلت: هذا القول أولى القولين بالصواب, لأن الجميع مجمعون على أنه غير واجب أن يقال في الصلاة: سبحانك وبحمدك, وما روي عن الضحاك عند القيام إلى الصلاة, فلو كان القول كما قاله الضحاك لكان فرضا أن يُقال لأن قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) أمر من الله تعالى بالتسبيح, وفي إجماع الجميع على أن ذلك غير واجب الدليل الواضح على أن القول في ذلك غير الذي قاله الضحاك.

    فإن قال قائل: ولعله أريد به الندب والإرشاد. قيل: لا دلالة في الآية على ذلك, ولم تقم حجة بأن ذلك معنيّ به ما قاله الضحاك, فيحمل إجماع الجميع على أن التسبيح عند القيام إلى الصلاة مما خير المسلمون فيه دليلا لنا على أنه أُريد به الندب والإرشاد.

    وإنما قلنا: عُني به القيام من نوم القائلة, لأنه لا صلاة تجب فرضا بعد وقت من أوقات نوم الناس المعروف إلا بعد نوم الليل, وذلك صلاة الفجر, أو بعد نوم القائلة, وذلك صلاة الظهر; فلما أمر بعد قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) بالتسبيح بعد إدبار النجوم, وذلك ركعتا الفجر بعد قيام الناس من نومها ليلا عُلِم أن الأمر بالتسبيح بعد القيام من النوم هو أمر بالصلاة التي تجب بعد قيام من نوم القائلة على ما ذكرنا دون القيام من نوم الليل.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura At-Tur aya 48

    And be patient, [O Muhammad], for the decision of your Lord, for indeed, you are in Our eyes. And exalt [Allah] with praise of your Lord when you arise.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا