أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (سورة ق الآية 19)

    القرآن الكريم تفسير سورة ق الآية رقم 19.
    قال اللهُ تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19].


    التفاسير للآية 19 من سورة ق


    التفسير الميسر


    وجاءت شدة الموت وغَمْرته بالحق الذي لا مردَّ له ولا مناص، ذلك ما كنت منه - أيها الإنسان - تهرب وتروغ.


    تفسير ابن كثير


    وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ|||

    وقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، يقول تعالى : وجاءت - أيها الإنسان - سكرة الموت بالحق ، أي : كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه ، ( ذلك ما كنت منه تحيد ) أي : هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك ، فلا محيد ولا مناص ، ولا فكاك ولا خلاص .

    وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو . وقيل : الكافر ، وقيل غير ذلك .

    وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن زياد - سبلان - أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عائشة رضي الله عنها ، قالت : حضرت أبي وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر :

    من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لا بد مرة مدقوق

    قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ، ليس كذلك ولكن كما قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .

    وحدثنا خلف بن هشام ; حدثنا أبو شهاب [ الخياط ] ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال : لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه ، جاءت عائشة رضي الله عنها ، فتمثلت بهذا البيت :

    لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

    فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) وقد أوردت لهذا الأثر طرقا [ كثيرة ] في سيرة الصديق عند ذكر وفاته رضي الله عنه .

    وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : " سبحان الله ! إن للموت لسكرات " . وفي قوله : ( ذلك ما كنت منه تحيد ) قولان :

    أحدهما : أن " ما " هاهنا موصولة ، أي : الذي كنت منه تحيد - بمعنى : تبتعد وتنأى وتفر - قد حل بك ونزل بساحتك .

    والقول الثاني : أن " ما " نافية بمعنى : ذلك ما كنت تقدر على الفرار منه ولا الحيد عنه .

    وقد قال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، حدثنا حفص بن عمر الحدي ، حدثنا معاذ بن محمد الهذلي ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب ، تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني . فخرج وله حصاص ، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات " .

    ومضمون هذا المثل : كما لا انفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)

    وفي قوله ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) وجهان من التأويل, أحدهما: وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته على فهم الإنسان, كالسكرة من النوم أو الشراب بالحقّ من أمر الآخرة, فتبينه الإنسان حتى تثبته وعرفه. والثاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.

    وقد ذُكر عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقّ بالمَوْتِ ).

    * ذكر الرواية بذلك:

    حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن واصل, عن أبي وائل, قال: لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي, قالت عائشة رضي الله عنها هذا, كما قال الشاعر:

    إذَا حَشْرَجَتْ يَوْما وَضَاقَ بِها الصَّدْرُ (4)

    فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا تقولي ذلك, ولكنه كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) (5) . وقد ذُكر أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود. ولقراءة من قرأ ذلك كذلك من التأويل وجهان:

    أحدهما: وجاءت سكرة الله بالموت, فيكون الحقّ هو الله تعالى ذكره. والثاني: أن تكون السكرة هي الموت أُضيفت إلى نفسها, كما قيل : إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ . ويكون تأويل الكلام: وجاءت السكرةُ الحق بالموت.

    وقوله ( ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) يقول: هذه السكرة التي جاءتك أيها الإنسان بالحقّ هو الشيء الذي كنت تهرب منه, وعنه تروغ.

    --------------------------

    الهوامش :

    (4) هذا عجز بيت، وصدره كما في ( اللسان : حشرج ) * لعمـرك ما يغني الثراء ولا الغنى *

    قال : الحشرجة : تردد صوت النفس وهو الغرغرة في الصدور . وفي حديث عائشة ودخلت على أبيها - رضي الله عنهما - عند موته ، فأنشدت : " لعمرك ... البيت " فقال : ليس كذلك ، ولكن : " وجاء سكرة الحق بالموت ". وهي قراءة منسوبة إليه وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 309 ) عند قوله تعالى : " وجاءت سكرة الموت بالحق " : وفي قراءة عبد الله ( ابن مسعود ) وإن شئت جعلت السكرة هي الموت ، أضفتها إلى نفسها كأنك قلت : جاءت سكرة الحق بالموت أ هـ . قلت : ض وهذا البيت لحاتم الطائي ، وروايته في ديوانه ( لندن سنة 1872 ص 39 ) :

    أمـاوِيَّ مـا يُغْنِـي الـثَّرَاءُ عنِ الفَتَى

    إذا حَشْـرَجَتْ يوْما وَضَاقَ بها الصَّدْرُ

    (5) لعله سكرة الحق بالموت فإنها قراءة الصديق رضي الله عنه إلا أن تكون القراءة الأخرى رويت عنه أيضًا .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Qaaf aya 19

    And the intoxication of death will bring the truth; that is what you were trying to avoid.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا