قول تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) يا محمد : ( لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك ) أي : يا أيها الإنسان ( كثرة الخبيث ) يعني : أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار ، كما جاء في الحديث : " ما قل وكفى ، خير مما كثر وألهى " .
وقال أبو القاسم البغوي في معجمه : حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا الحوطي ، حدثنا محمد بن شعيب ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن أبي عبد الملك علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة أنه أخبره عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أنه قال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " .
( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) أي : يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة ، وتجنبوا الحرام ودعوه ، واقنعوا بالحلال واكتفوا به ( لعلكم تفلحون ) أي : في الدنيا والآخرة .
القول في تأويل قوله : قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا محمد: لا يعتدل الرديء والجيد, والصالح والطالح, والمطيع والعاصي (112) = ولو أعجبك كثرة الخبيث "، يقول: لا يعتدل العاصي والمطيع لله عند الله، ولو كثر أهل المعاصى فعجبت من كثرتهم, لأن أهل طاعة الله هم المفلحون الفائزون بثواب الله يوم القيامة وإن قلُّوا، دون أهل معصيته= وإن أهل معاصيه هم الأخسرون الخائبون وإن كثروا.
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: فلا تعجبنَّ من كثرة من يعصى الله فيُمْهِله ولا يعاجله بالعقوبة، فإن العقبَى الصالحة لأهل طاعة الله عنده دونهم، كما:-
12793 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي،" لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة " الخبيث "، قال: الخبيث، هم المشركون= و " الطيب "، هم المؤمنون.
* * *
وهذا الكلام وإن كان مخرجه مخرجَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فالمراد به بعض أتباعه, يدل على ذلك قوله: " فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون "
* * *
القول في تأويل قوله : فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واتقوا الله بطاعته فيما أمركم ونهاكم, واحذروا أن يستحوذ عليكم الشيطان بإعجابكم كثرة الخبيث, فتصيروا منهم=" يا أولي الألباب "، يعني بذلك أهلَ العقول والحِجَى, الذين عقلوا عن الله آياته, وعرفوا مواقع حججه. (113) =" لعلكم تفلحون " ، يقول: اتقوا الله لتفلحوا، أي: كي تنجحوا في طلبكم ما عنده. (114)
----------------
الهوامش :
(112) انظر تفسير: "استوى" فيما سلف 9: 85= وتفسير"الخبيث" فيما سلف 5: 558 ، 559/7: 424 ، 527= وتفسير"الطيب" فيما سلف 10: 513 تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(113) انظر تفسير"أولي الألباب" فيما سلف 3 : 383/ 4 : 162 /5 : 580 /6 : 211 وفي التعليق على المواضع السالفة خطأ ، يصحح من هنا.
(114) انظر تفسير"الفلاح" فيما سلف 10: 564 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
Quran Translation Sura Al-Maaida aya 100
Say, "Not equal are the evil and the good, although the abundance of evil might impress you." So fear Allah, O you of understanding, that you may be successful.