وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) أي : قالوا عن المؤمنين بالقرآن : لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه . يعنون بلالا وعمارا وصهيبا وخبابا وأشباههم وأقرانهم من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطئوا خطأ بينا ، كما قال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) [ الأنعام : 53 ] أي : يتعجبون : كيف اهتدى هؤلاء دوننا ; ولهذا قالوا : ( لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ; لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها .
وقوله : ( وإذ لم يهتدوا به ) أي : بالقرآن ( فسيقولون هذا إفك ) أي : كذب ) قديم ) أي : مأثور عن الأقدمين ، فينتقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بطر الحق ، وغمط الناس " .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)
يقول تعالى ذكره: وقال الذين جحدوا نبوة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من يهود بني إسرائيل للذين آمنوا به, لو كان تصديقكم محمدا على ما جاءكم به خيرا, ما سبقتمونا إلى التصديق به, وهذا التأويل على مذهب من تأوّل قوله وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ أنه معنيّ به عبد الله بن سلام, فأما على تأويل من تأوّل أنه عُني به مشركو قريش, فإنه ينبغي أن يوجه تأويل قوله ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) أنه عُني به مشركو قريش وكذلك كان يتأوّله قتادة, وفي تأويله إياه كذلك ترك منه تأويله, قوله وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ أنه معني به عبد الله بن سلام.
* ذكر الرواية عنه ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) قال: قال ذاك أناس من المشركين: نحن أعزّ, ونحن, ونحن, فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان, فإن الله يختصّ برحمته من يشاء.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) قال: قد قال ذلك قائلون من الناس, كانوا أعزّ منهم في الجاهلية, قالوا: والله لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه بنو فلان وبنو فلان, يختص الله برحمته من يشاء, ويكرم الله برحمته من يشاء, تبارك وتعالى.
وقوله ( وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ ) يقول تعالى ذكره: وإذ لم يبصروا بمحمد وبما جاء به من عند الله من الهدى, فيرشدوا به الطريق المستقيم ( فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ) يقول: فسيقولون هذا القرآن الذي جاء به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أكاذيب من أخبار الأوّلين قديمة, كما قال جل ثناؤه مخبرًا عنهم, وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا .
Quran Translation Sura Al-Ahqaf aya 11
And those who disbelieve say of those who believe, "If it had [truly] been good, they would not have preceded us to it." And when they are not guided by it, they will say, "This is an ancient falsehood."