واختلاف الليل والنهار في تعاقبهما دائبين لا يفتران ، هذا بظلامه وهذا بضيائه ، وما أنزل الله تعالى من السحاب من المطر في وقت الحاجة إليه ، وسماه رزقا ; لأن به يحصل الرزق ، ( فأحيا به الأرض بعد موتها ) أي : بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء .
وقوله : ( وتصريف الرياح ) أي : جنوبا وشآما ، ودبورا وصبا ، بحرية وبرية ، ليلية ونهارية . ومنها ما هو للمطر ، ومنها ما هو للقاح ، ومنها ما هو غذاء للأرواح ، ومنها ما هو عقيم [ لا ينتج ] .
وقال أولا ) لآيات للمؤمنين ) ، ثم ) يوقنون ) ثم ) يعقلون ) وهو ترق من حال شريف إلى ما هو أشرف منه وأعلى . وهذه الآيات شبيهة بآية " البقرة " وهي قوله : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) [ البقرة : 164 ] . وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا عن وهب بن منبه أثرا طويلا غريبا في خلق الإنسان من الأخلاط الأربعة .
القول في تأويل قوله تعالى : وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
يقول تبارك وتعالى ( وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) أيها الناس, وتعاقبهما عليكم, هذا بظلمته وسواده وهذا بنوره وضيائه ( وَمَا أَنـزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ ) وهو الغيث الذي به تخرج الأرض أرزاق العباد وأقواتهم, وإحيائه الأرض بعد موتها: يقول: فأنبت ما أنـزل من السماء من الغيْث ميت الأرض, حتى اهتزّت بالنبات والزرع من بعد موتها, يعني: من بعد جدوبها وقحوطها ومصيرها دائرة لا نبت فيها ولا زرع.
وقوله ( وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ) يقول: وفي تصريفه الرياح لكم شمالا مرّة, وجنوبا أخرى, وصبًّا أحيانا, ودبورا أخرى لمنافعكم.
وقد قيل: عنى بتصريفها بالرحمة مرّة, وبالعذاب أخرى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ) قال: تصريفها إن شاء جعلها رحمة; وإن شاء جعلها عذابا.
وقوله ( آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) يقول تعالى ذكره: في ذلك أدلة وحجج لله على خلقه, لقوم يعقلون عن الله حججه, ويفهمون عنه ما وعظهم به من الآيات والعبر.
Quran Translation Sura Al-Jaathiya aya 5
And [in] the alternation of night and day and [in] what Allah sends down from the sky of provision and gives life thereby to the earth after its lifelessness and [in His] directing of the winds are signs for a people who reason.