( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ) أي : لو أراد الله لحال بيننا وبين عبادة هذه الأصنام ، التي هي على صور الملائكة التي هي بنات الله ، فإنه عالم بذلك وهو يقررنا عليه ، فجمعوا بين أنواع كثيرة من الخطأ :
أحدها : جعلهم لله ولدا ، تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبيرا .
الثاني : دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين ، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا .
الثالث : عبادتهم لهم مع ذلك كله ، بلا دليل ولا برهان ، ولا إذن من الله عز وجل ، بل بمجرد الآراء والأهواء ، والتقليد للأسلاف والكبراء والآباء ، والخبط في الجاهلية الجهلاء .
الرابع : احتجاجهم بتقريرهم على ذلك قدرا [ والحجة إنما تكون بالشرع ] ، وقد جهلوا في هذا الاحتجاج جهلا كبيرا ، فإنه تعالى قد أنكر ذلك عليهم أشد الإنكار ، فإنه منذ بعث الرسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته وحده لا شريك له ، وينهى عن عبادة ما سواه ، قال [ تعالى ] ، ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) [ النحل : 36 ] ، وقال تعالى : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [ الزخرف : 45 ] .
وقال في هذه الآية - بعد أن ذكر حجتهم هذه - : ( ما لهم بذلك من علم ) أي : بصحة ما قالوه واحتجوا به ( إن هم إلا يخرصون ) أي : يكذبون ويتقولون .
وقال مجاهد في قوله : ( ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) أي ما يعلمون قدرة الله على ذلك .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (20)
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون من قريش: لو شاء الرحمن ما عبدنا أوثاننا التي نعبدها من دونه, وإنما لم يحلّ بنا عقوبة على عبادتنا إياها لرضاه منا بعبادتناها.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ) للأوثان يقول الله عزّ وجلّ.( مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ) يقول: ما لهم بحقيقة ما يقولون من ذلك من علم, وإنما يقولونه تخرّصا وتكذّبا, لأنهم لا خبر عندهم مني بذلك ولا بُرْهان. وإنما يقولونه ظنا وحسبانا.( إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ) يقول: ما هم إلا متخرّصون هذا القول الذي قالوه, وذلك قولهم ( لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ).
وكان مجاهد يقول في تأويل ذلك, ما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثنا الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ) ما يعلمون قُدرة الله على ذلك.
Quran Translation Sura Az-Zukhruf aya 20
And they said, "If the Most Merciful had willed, we would not have worshipped them." They have of that no knowledge. They are not but falsifying.