ثم قال : ( إليه يرد علم الساعة ) أي : لا يعلم ذلك أحد سواه ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة - حين سأله عن الساعة ، فقال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ، وكما قال تعالى : ( إلى ربك منتهاها ) [ النازعات : 44 ] ، وقال ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) [ الأعراف : 187 ] .
وقوله : ( وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) أي : الجميع بعلمه ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وقد قال تعالى : ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) [ الأنعام : 59 ] ، وقال جلت عظمته : ( يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار ) [ الرعد : 8 ] ، وقال ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) [ فاطر : 11 ] .
وقوله : ( ويوم يناديهم أين شركائي ) أي : يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق : أين شركائي الذين عبدتموهم معي ؟ ( قالوا آذناك ) أي : أعلمناك ، ( ما منا من شهيد ) أي : ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكا ،
القول في تأويل قوله تعالى : إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)
يقول تعالى ذكره: إلى الله يرد العالمون به علم الساعة, فإنه لا يعلم ما قيامها غيره.( وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا ) يقول: وما تظهر من ثمرة شجرة من أكمامها التي هي متغيبة فيها, فتخرج منها بارزة.( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى ) يقول: وما تحمل من أنثى من حمل حين تحمله, ولا تضع ولدها إلا بعلم من الله, لا يخفى عليه شيء من ذلك.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( مِنْ أَكْمَامِهَا ) قال: حين تطلع.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا ) قال: من طلعها والأكمام جمع كمة (1) وهو كل ظرف لماء أو غيره, والعرب تدعو قشر الكفراة كمَّا.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ( مِنْ ثَمَرَاتٍ ) فقرأت ذلك قرّاء المدينة: ( مِنْ ثَمَرَاتٍ ) على الجماع, وقرأت قراء الكوفة " من ثمرات " على لفظ الواحدة, وبأي القراءتين قرئ ذلك فهو عندنا صواب لتقارب معنييهما مع شهرتهما في القراءة.
وقوله: ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي ) يقول تعالى ذكره: ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين به في الدنيا الأوثان والأصنام: أين شركائي الذين كنتم تشركونهم في عبادتكم إياي؟.( قَالُوا آذَنَّاكَ ) يقول: أعلمناك ( مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ) يقول: قال هؤلاء المشركون لربهم يومئذ: ما منا من شهيد يشهد أن لك شريكا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثما أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( آذَنَّاكَ ) يقول: أعلمناك.
حدثني محمد, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ) قالوا: أطعناك (2) ما منا من شهيد على أن لك شريكا.
------------------------
الهوامش:
(1) لعل الأصل : جمع كم ، بلا تاء ، لأن الأكمام جمع" كم" لا جمع كمة . انظر ( اللسان : كم ) .
(2) كذا في الأصل . ولعله" أطلعناك" ، ليكون فيه معنى العلم .
Quran Translation Sura Fussilat aya 47
To him [alone] is attributed knowledge of the Hour. And fruits emerge not from their coverings nor does a female conceive or give birth except with His knowledge. And the Day He will call to them, "Where are My 'partners'?" they will say, "We announce to You that there is [no longer] among us any witness [to that]."