قال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مالك بن الحصين الفزاري ، عن أبيه ، عن علي ، رضي الله عنه ، في قوله : ( الذين أضلانا ) قال : إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه .
وهكذا روى حبة العرني عن علي ، مثل ذلك .
وقال السدي ، عن علي : فإبليس يدعو به كل صاحب شرك ، وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة ، فإبليس - لعنه الله - هو الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه ، وابن آدم الأول . كما ثبت في الحديث : " ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ; لأنه أول من سن القتل " .
وقوله ( نجعلهما تحت أقدامنا ) أي : أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابا منا ; ولهذا قالوا : ( ليكونا من الأسفلين ) أي : في الدرك الأسفل من النار ، كما تقدم في " الأعراف " من سؤال الأتباع من الله أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم ، قال : ( لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] أي : إنه تعالى قد أعطى كلا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال ، بحسب عمله وإفساده ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) [ النحل : 88 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ (29)
يقول تعالى ذكره: وقال الذين كفروا بالله ورسوله يوم القيامة بعد ما أدخلوا جهنم: يا ربنا أرنا اللذين أضلانا من خلقك من جنهم وإنسهم. وقيل: إن الذي هو من الجنّ إبليس, والذي هو من الإنس ابن آدم الذي قتل أخاه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ثابت الحداد, عن حبة العرنيّ (2) عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: ( أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: إبليس الأبالسة وابن آدم الذي قتل أخاه.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سلمة, عن مالك بن حصين, عن أبيه عن عليّ رضي الله عنه في قوله: ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثني وهب بن جرير, قال: ثنا شعبة, عن سلمة بن كهيل, عن أبي مالك وابن مالك, عن أبيه, عن علي رضي الله عنه ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: ابن آدم الذي قتل أخاه, وإبليس الأبالسة.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه, في قوله: ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ )... الآية, فإنهما ابن آدم القاتل, وإبليس الأبالسة. فأما ابن آدم فيدعو به كلّ صاحب كبيرة دخل النار من أجل الدعوة. وأما إبليس فيدعو به كل صاحب شرك, يدعوانهما في النار.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, قال: ثنا معمر, عن قتادة ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) هو الشيطان, وابن آدم الذي قتل أخاه.
وقوله ( نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسْفَلِينَ ) يقول: نجعل هذين اللذين أضلانا تحت أقدامنا, لأن أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض, وكل ما سفل منها فهو أشد على أهله, وعذاب أهله أغلظ, ولذلك سأل هؤلاء الكفار ربهم أن يريهم اللذين أضلاهم ليجعلوهما أسفل منهم ليكونا في أشد العذاب في الدرك الأسفل من النار.
------------------------
الهوامش:
(2) كذا في خلاصة الخزرجي ، حبة بن جوين العرني ، بضم المهملة الأولى ، أبو قدامة الكوفي ؛ عن علي ؛ وعنه سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة . قال العجلي : ثقة ؛ وقال ابن سعد : مات سنة ست وسبعين . وفي الأصل : العوفي ، تحريف .
Quran Translation Sura Fussilat aya 29
And those who disbelieved will [then] say, "Our Lord, show us those who misled us of the jinn and men [so] we may put them under our feet that they will be among the lowest."