ثم قال تعالى : ( فليقاتل ) أي : المؤمن النافر ( في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ) أي : يبيعون دينهم بعرض قليل من الدنيا ، وما ذلك إلا لكفرهم وعدم إيمانهم .
ثم قال تعالى : ( ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) أي : كل من قاتل في سبيل الله - سواء قتل أو غلب وسلب - فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل ، كما ثبت في الصحيحين وتكفل الله للمجاهد في سبيله ، إن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة .
القول في تأويل قوله : فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)
قال أبو جعفر: وهذا حضٌّ من الله المؤمنين على جهاد عدوه من أهل الكفر به على أحايينهم = غالبين كانوا أو مغلوبين، والتهاونِ بأقوال المنافقين في جهاد من جاهدوا من المشركين، (36) [وأن لهم في] جهادهم إياهم - مغلوبين كانوا أو غالبين - منـزلة من الله رفيعة. (37)
* * *
يقول الله لهم جل ثناؤه: " فليقاتل في سبيل الله "، يعني: في دين الله والدعاء إليه، والدخول فيما أمر به أهل الكفر به =" الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة "، يعني: الذين يبيعون حياتهم الدنيا بثواب الآخرة وما وعد الله أهل طاعته فيها. وبيعُهم إياها بها: إنفاقهم أموالهم في طلب رضى الله، لجهاد من أمر بجهاده من أعدائه وأعداء دينه، (38) وبَذْلهم مُهَجهم له في ذلك.
* * *
أخبر جل ثناؤه بما لهم في ذلك إذا فعلوه فقال: " ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا "، يقول: ومن يقاتل - في طلب إقامة دين الله وإعلاء كلمة الله - أعداءَ الله =" فيقتل "، يقول: فيقتله أعداء الله، أو يغلبهم فيظفر بهم =" فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا "، يقول: فسوف نعطيه في الآخرة ثوابًا وأجرًا عظيمًا. وليس لما سمى جل ثناؤه " عظيمًا "، مقدار يعرِف مبلغَه عبادُ الله. (39)
* * *
وقد دللنا على أن الأغلب على معنى: " شريت "، في كلام العرب: " بعت "، بما أغنى [عن إعادته]، (40)
وقد:-
9942 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة "، يقول: يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.
9943 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " يشرون الحياة الدنيا بالآخرة "، فـ " يشري": يبيع، و " يشري": يأخذ = وإن الحمقى باعوا الآخرة بالدنيا.
* * *
---------------
(36) في المخطوطة والمطبوعة"والتهاون بأحوال المشركين" ، والذي يدل عليه سياق التفسير ، هو ما أثبت. ويعني بذلك ما يقوله المنافق عند هزيمة المسلمين: "قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدًا" ، وقوله إذا كانت الدولة والظفر للمسلمين: "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا".
وقوله: "والتهاون" عطف على قوله: "وهذا حض من الله المؤمنين على جهاد عدوه".
(37) كان مكان ما بين القوسين في المخطوطة والمطبوعة: "وقع" وهو كلام لا يستقيم البتة ، فاستظهرت أن يكون صواب سياقه ما أثبت ، أو ما يشبهه من القول.
(38) في المطبوعة والمخطوطة: "كجهاد من أمر بجهاده" ، وصواب السياق"لجهاد........" كما أثبتها.
(39) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف: 529 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(40) انظر تفسير"شرى" و"اشترى" فيما سلف 1: 312- 315 / 2: 340- 342 ، 455 / 3: 328 / 4: 246 / 6: 527 / 7: 420 ، 459 / 8: 428
وزدت ما بين القوسين ، جريًا على نهج عبارته في مئات من المواضع السالفة ، والظاهر أن الناسخ نسى أن يكتبها ، لأن"بما أغنى" وقعت في آخر الصفحة ، ثم قلب الورقة إلى الصفحة التالية ، وكتب"وقد".
Quran Translation Sura An-Nisaa aya 74
So let those fight in the cause of Allah who sell the life of this world for the Hereafter. And he who fights in the cause of Allah and is killed or achieves victory - We will bestow upon him a great reward.