أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (سورة النساء الآية 110)

    القرآن الكريم تفسير سورة النساء الآية رقم 110.
    قال اللهُ تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء: 110].


    التفاسير للآية 110 من سورة النساء


    التفسير الميسر


    ومن يُقْدِمْ على عمل سيِّئ قبيح، أو يظلم نفسه بارتكاب ما يخالف حكم الله وشرعه، ثم يرجع إلى الله نادمًا على ما عمل، راجيًا مغفرته وستر ذنبه، يجد الله تعالى غفورًا له، رحيمًا به.


    تفسير ابن كثير


    وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا|||

    يخبر ، تعالى ، عن كرمه وجوده : أن كل من تاب إليه تاب عليه من أي ذنب كان .

    فقال تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما )

    قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، أنه قال في هذه الآية : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ، ومغفرته ، فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا ( ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) ولو كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال . رواه ابن جرير .

    وقال ابن جرير أيضا : حدثنا محمد بن مثنى ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي وائل قال : قال عبد الله : كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه ، وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا - فقال عبد الله : ما آتاكم الله خيرا مما آتاهم ، جعل الماء لكم طهورا ، وقال : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) [ آل عمران : 135 ] وقال ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما )

    وقال أيضا : حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، حدثنا ابن عون ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ، فلما ولدت قتلت ولدها ؟ قال عبد الله بن مغفل : ما لها ؟ لها النار ! فانصرفت وهي تبكي ، فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) قال : فمسحت عينها ، ثم مضت .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن عثمان بن المغيرة قال : سمعت علي بن ربيعة من بني أسد ، يحدث عن أسماء - أو ابن أسماء من بني فزارة - قال : قال علي ، رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله شيئا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه . وحدثني أبو بكر - وصدق أبو بكر - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غفر له " . وقرأ هاتين الآيتين : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه [ ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ] ) ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية .

    وقد تكلمنا على هذا الحديث ، وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن ، وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه . وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضا .

    وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن علي فقال : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، حدثنا داود بن مهران الدباغ ، حدثنا عمر بن يزيد ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، عن علي قال : سمعت أبا بكر - هو الصديق - يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ، ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه ، إلا كان حقا على الله أن يغفر له ; لأنه يقول : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه [ ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ] ) .

    ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي ، عن الصديق - بنحوه . وهذا إسناد لا يصح .

    وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن علي بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا موسى بن مروان الرقي ، حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي ، عن تمام بن نجيح ، حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال : سمعت أبا الدرداء يحدث قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله ، وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ، ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه ، وإنه قام فترك نعليه . قال أبو الدرداء : فأخذ ركوة من ماء فاتبعته ، فمضى ساعة ، ثم رجع ولم يقض حاجته ، فقال : " إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه : ( من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) فأردت أن أبشر أصحابي " . قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس الآية التي قبلها : ( من يعمل سوءا يجز به ) فقلت : يا رسول الله ، وإن زنى وإن سرق ، ثم استغفر ربه ، غفر له ؟ قال : " نعم " قلت الثانية ، قال : " نعم " ، ثم قلت الثالثة ، قال : " نعم ، وإن زنى وإن سرق ، ثم استغفر الله غفر له على رغم أنف عويمر " . قال : فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه .

    هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه بهذا السياق ، وفي إسناده ضعف .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا|||

    القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)

    قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل ذنبًا، وهو " السوء " (56) =" أو يظلم نفسه "، بإكسابه إياها ما يستحق به عقوبة الله=" ثم يستغفر الله "، يقول: ثم يتوب إلى الله بإنابته مما عمل من السوء وظُلْم نفسه، ومراجعته ما يحبه الله من الأعمال الصالحة التي تمحو ذنبَه وتذهب جرمه=" يجد الله غفورًا رحيمًا "، يقول: يجد ربه ساترًا عليه ذنبه بصفحه له عن عقوبة جرمه، رحيمًا به. (57)

    * * *

    واختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية.

    فقال بعضهم: عنى بها الذين وصفهم الله بالخيانة بقوله: وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ .

    * * *

    وقال آخرون: بل عني بها الذين كانوا يجادلون عن الخائنين، (58) الذين قال الله لهم: هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وقد ذكرنا قائلي القولين كليهما فيما مضى.

    * * *

    قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أنه عنى بها كل من عمل سوءًا أو ظلم نفسه، وإن كانت نـزلت في أمر الخائنين والمجادلين عنهم الذين ذكر الله أمرَهم في الآيات قبلها.

    * * *

    وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.

    *ذكر من قال ذلك:

    10422- حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل قال، قال عبد الله: كانت بنو إسرائيل إذا أصابَ أحدهم ذنبًا أصبح قد كُتِب كفارة ذلك الذنب على بابه. وإذا أصاب البولُ شيئًا منه، قَرَضه بالمقراض. (59) فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيرًا! فقال عبد الله: ما آتاكم الله خيرٌ مما آتاهم، جعل الله الماءَ لكم طهورًا وقال: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [سورة آل عمران: 135]، وقال: " ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا ".

    10423- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا ابن عون، عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مُغَفّل، فسألته عن امرأة فَجرت فَحبِلت، فلما ولدتْ قتلت ولدها؟ فقال ابن مغفل: ما لها؟ لها النار! فانصرفت وهي تبكي، فدعاها ثم قال: ما أرى أمرَك إلا أحدَ أمرين: " من يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا "، قال: فَمَسحت عينها ثم مضت. (60)

    10424- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا "، قال: أخبر الله عبادَه بحلمه وعفوه وكرمه، وسعةِ رحمته ومغفرته، فمن أذنب ذنبًا صغيرًا كان أو كبيرًا، ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا، ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال.

    ---------------------

    الهوامش :

    (56) انظر تفسير"السوء" فيما سلف من فهارس اللغة.

    (57) انظر تفسير"استغفر" ، "غفور" ، "رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة.

    (58) في المطبوعة"الذين يجادلون عن الخائنين" ، وأثبت ما في المخطوطة.

    (59) "قرضه": قصه. و"المقراض": المقص.

    (60) الأثر: 10423 -"حبيب بن أبي ثابت الأسدي" مضى برقم: 9012 ، 9035. و"عبد الله بن مغفل المزني" من مشاهير الصحابة ، وهو أحد البكائين في غزوة تبوك. وهو أحد العشرة الذين بعثهم عمر ليفقه الناس بالبصرة.

    وهذا الخبر من محاسن الأخبار الدالة على عقل الفقيه ، وبصره بأمر دينه ، ونصيحته للناس في أمور دنياهم.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura An-Nisaa aya 110

    And whoever does a wrong or wrongs himself but then seeks forgiveness of Allah will find Allah Forgiving and Merciful.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا