وقوله : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ) أي : أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق ، تبارك وتعالى ، للخلائق لفصل القضاء ، ( ووضع الكتاب ) قال قتادة : كتاب الأعمال ، ( وجيء بالنبيين ) قال ابن عباس : يشهدون على الأمم بأنهم بلغوهم رسالات الله إليهم ، ( والشهداء ) أي : الشهداء من الملائكة الحفظة على أعمال العباد من خير وشر ، ( وقضي بينهم بالحق ) أي : بالعدل ( وهم لا يظلمون ) قال الله [ تعالى ] : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) [ الأنبياء : 47 ] ، وقال [ الله ] تعالى : ( وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ] ، ولهذا قال :
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69)
يقول تعالى ذكره: فأضاءت الأرض بنور ربها, يقال: أشرقت الشمس. إذا صفت وأضاءت, وأشرقت: إذا طلعت, وذلك حين يبرز الرحمن لفصل القضاء بين خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر. قال. ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) قال: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه.
حدثنا محمد, قال ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) قال: أضاءت.
وقوله ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ ) يعني. كتاب أعمالهم لمحاسبتهم ومجازاتهم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال ثنا سعيد, عن قتادة ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ ) قال: كتب أعمالهم.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ ) قال: الحساب.
وقوله: ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ) يقول: وجيء بالنبيين ليسألهم ربهم عما أجابتهم به أممهم, وردت عليهم في الدنيا, حين أتتهم رسالة الله، والشهداء, يعني بالشهداء: أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , ويستشهدهم ربهم على الرسل, فيما ذكرت من تبليغها رسالة الله التي أرسلهم بها ربهم إلى أممها, إذ جحدت أممهم أن يكونوا أبلغوهم رسالة الله, والشهداء: جمع شهيد, وهذا نظير قول الله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا . وقيل: عنى بقوله: ( الشُّهَدَاءِ ) : الذين قتلوا في سبيل الله، وليس لما قالوا من ذلك في هذا الموضع كبير معنى, لأن عقيب قوله: ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) , وفي ذلك دليل واضح على صحة ما قلنا من أنه إنما دعى بالنبيين والشهداء للقضاء بين الأنبياء وأممها, وأن الشهداء إنما هي جمع شهيد, الذين يشهدون للأنبياء على أممهم كما ذكرنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ) فإنهم ليشهدون للرسل بتبليغ الرسالة, وبتكذيب الأمم إياهم.
* ذكر من قال ما حكينا قوله من القول الآخر:
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ) : الذين استشهدوا في طاعة الله.
وقوله: ( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) يقول تعالى ذكره: وقضي بين النبيين وأممها بالحقّ, وقضاؤه بينهم بالحقّ, أن لا يحمل على أحد ذنب غيره, ولا يعاقب نفسا إلا بما كسبت.
Quran Translation Sura Az-Zumar aya 69
And the earth will shine with the light of its Lord, and the record [of deeds] will be placed, and the prophets and the witnesses will be brought, and it will be judged between them in truth, and they will not be wronged.