لما ذكر تعالى حال السعداء ، شرع في بيان مآل الأشقياء ، فقال : ( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ) ، كما قال تعالى : ( لا يموت فيها ولا يحيا ) [ طه : 74 ] . وثبت في صحيح مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أما أهل النار الذين هم أهلها ، فلا يموتون فيها ولا يحيون " . قال [ الله ] تعالى : ( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ) [ الزخرف : 77 ] . فهم في حالهم ذلك يرون موتهم راحة لهم ، ولكن لا سبيل إلى ذلك ، قال الله تعالى : ( لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ) ، كما قال تعالى : ( إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ) [ الزخرف : 74 ، 75 ] ، وقال ( كلما خبت زدناهم سعيرا ) [ الإسراء : 97 ] ( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) [ النبأ : 30 ] .
ثم قال : ( كذلك نجزي كل كفور ) أي : هذا جزاء كل من كفر بربه وكذب بالحق .
القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)
يقول تعالى ذكره (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالله ورسوله (لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ) يقول: لهم نار جهنم مخلدين فيها لا حظ لهم في الجنة ولا نعيمها.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ ) بالموت (فَيَمُوتُوا)، لأنهم لو ماتوا لاستراحوا( وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) يقول: ولا يخفف عنهم من عذاب نار جهنم بإماتتهم، فيخفف ذلك عنهم.
كما حدثني مطرَّف بن عبد الله الضَّبِّي قال: ثنا أَبو قتيبة قال ثنا أَبو هلال الراسبي عن قتادة عن أَبي السوداء قال: مساكين أهل النار لا يموتون، لو ماتوا لاستراحوا.
حدثني عقبة بن سنان القزاز قال: ثنا غسان بن مضر قال: ثنا سعيد بن يزيد وحدثني يعقوب قال: ثنا ابن علية عن سعيد بن يزيد، وحدثنا سَوَّار بن عبد الله قال: ثنا بشر بن المفضل، ثنا أَبو سلمة عن أَبي نضرة عن أَبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، لكنَّ ناسًا، أو كما قال، تُصيبهمُ النارُ بذنوبِهم، أو قال: بخطاياهم، فَيُمِيتُهم إماتةً حتى إذا صاروا فَحْمًا أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضَبَائرَ ضَبَائرَ، فَبُثُّوا على أهل الجنة، فقال: يا أهلَ الجنة أفِيضُوا عليهم فَيَنْبُتُون كما تَنْبُتُ الحبة في حَمِيلِ السيل " فقال رجل من القوم حينئذٍ: كأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد كان بالبادية .
فإن قال قائل: وكيف قيل ( وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) وقد قيل في موضع آخر كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ؟ قيل: معنى ذلك: ولا يخفف عنهم من هذا النوع من العذاب.
وقوله ( كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ) يقول تعالى ذكره: هكذا يكافِئ كل جحود لنعم ربه يوم القيامة؛ بأن يدخلهم نار جهنم بسيئاتهم التي قدموها في الدنيا.
Quran Translation Sura Faatir aya 36
And for those who disbelieve will be the fire of Hell. [Death] is not decreed for them so they may die, nor will its torment be lightened for them. Thus do we recompense every ungrateful one.