يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده ، الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة ( جنات عدن ) أي : جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على ربهم ، عز وجل ، ( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ) ، كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " .
( ولباسهم فيها حرير ) ولهذا كان محظورا عليهم في الدنيا ، فأباحه الله لهم في الدار الآخرة ، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " . وقال : " [ لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ] هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن سواد السرحي ، أخبرنا ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل بن خالد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه; أن أبا أمامة حدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ، وذكر حلي أهل الجنة فقال : " مسورون بالذهب والفضة ، مكللة بالدر ، وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة ، وعليهم تاج كتاج الملوك ، شباب جرد مرد مكحلون " .
القول في تأويل قوله تعالى : جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)
يقول تعالى ذكره: بساتين إقامة يدخلونها هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب، الذين اصطفينا من عبادنا يوم القيامة (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ) يلبسون في جنات عدن أسورة من ذهب ( وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) يقول: ولباسهم في الجنة حرير.
وقوله ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) اختلف أهل التأويل في الحَزَنِ الذي حمد الله على إذهابه عنهم هؤلاء القوم؛ فقال بعضهم: ذلك الحزَن الذي كانوا فيه قبل دخولهم الجنة من خوف النار إذ كانوا خائفين أن يدخلوها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني قتادة بن سعيد بن قتادة السدوسي قال: ثنا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي قال: ثنا أَبي عن عمرو بن مالك عن أَبي الجوزاء عن ابن عباس في قوله ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) قال: حزن النار.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا ابن المبارك عن مَعْمَر عن يحيى بن المختار عن الحسن وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا قال: إن المؤمنين قوم ذُلُل ذلَّت والله الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مَرضَى، وما بالقوم مرض، وإنهم لأصحة القلوب ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فقالوا( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) والحَزَنُ، والله ما حزنهم حزن الدنيا ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة أبكاهم الخوف من النار، وأنه من لا يتعزَّ بعزاء الله يقطِّع نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه.
وقال آخرون: عني به الموت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن إدريس عن أبيه عن عطية في قوله ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) قال: الموت.
وقال آخرون: عني به حزن الخبز (2) .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن حفص يعني ابن حميد عن شمر قال: لما أدخل الله أهل الجنة الجنة قالوا( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) قال: حزن الخبز.
وقال آخرون. عني بذلك: الحزن من التعب الذي كانوا فيه في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
------------------------
الهوامش:
(2) كذا في الأصل: الخبز، ولعل المراد به. هم العيش في الدنيا. والعيش فيها قوامه الطعام والخبز.
Quran Translation Sura Faatir aya 33
[For them are] gardens of perpetual residence which they will enter. They will be adorned therein with bracelets of gold and pearls, and their garments therein will be silk.