أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (سورة الأحزاب الآية 9)

    القرآن الكريم تفسير سورة الأحزاب الآية رقم 9.
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا [الأحزاب: 9].


    التفاسير للآية 9 من سورة الأحزاب


    التفسير الميسر


    يا معشر المؤمنين اذكروا نعمة الله تعالى التي أنعمها عليكم في "المدينة" أيام غزوة الأحزاب -وهي غزوة الخندق-، حين اجتمع عليكم المشركون من خارج "المدينة"، واليهود والمنافقون من "المدينة" وما حولها، فأحاطوا بكم، فأرسلنا على الأحزاب ريحًا شديدة اقتلعت خيامهم ورمت قدورهم، وأرسلنا ملائكة من السماء لم تروها، فوقع الرعب في قلوبهم. وكان الله بما تعملون بصيرًا، لا يخفى عليه من ذلك شيء.


    تفسير ابن كثير


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا|||

    يقول تعالى مخبرا عن نعمته وفضله وإحسانه إلى عباده المؤمنين ، في صرفه أعداءهم وهزمه إياهم عام تألبوا عليهم وتحزبوا وذلك عام الخندق ، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة على الصحيح المشهور .

    وقال موسى بن عقبة وغيره كانت في سنة أربع .

    وكان سبب قدوم الأحزاب أن نفرا من أشراف يهود بني النضير ، الذين كانوا قد أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر ، منهم : سلام بن أبي الحقيق ، وسلام بن مشكم ، وكنانة بن الربيع ، خرجوا إلى مكة واجتمعوا بأشراف قريش ، وألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدوهم من أنفسهم النصر والإعانة . فأجابوهم إلى ذلك ، ثم خرجوا إلى غطفان فدعوهم فاستجابوا لهم أيضا . وخرجت قريش في أحابيشها ، ومن تابعها ، وقائدهم أبو سفيان صخر بن حرب ، وعلى غطفان عيينة بن حصن بن بدر ، والجميع قريب من عشرة آلاف ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم أمر المسلمين بحفر الخندق حول المدينة مما يلي الشرق ، وذلك بإشارة سلمان الفارسي ، فعمل المسلمون فيه واجتهدوا ، ونقل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب وحفر ، وكان في حفره ذلك آيات بينات ودلائل واضحات .

    وجاء المشركون فنزلوا شرقي المدينة قريبا من أحد ، ونزلت طائفة منهم في أعالي أرض المدينة ،




    تفسير ابن جرير الطبري


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا|||

    القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)

    يقول تعالى ذكره: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) التي أنعمها على جماعتكم وذلك حين حوصر المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق (إْذ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : جنود الأحزاب: قريش، وغَطفان، ويهود بني النضير (فأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا) وهي فيما ذكر: ريح الصَّبا.

    كما حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، قال: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب: انطلقي ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الشمال: إن الحرّة لا تسري بالليل، قال: فكانت الريح التي أُرسلت عليهم الصبا.

    حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثني الزبير -يعني: ابن عبد الله- قال: ثني ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر، فهل من شيء تقوله؟ قال: " نَعَمْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا "، فَضَرَبَ اللهُ وُجُوهَ أعْدائِهِ بالرِّيحِ، فهَزَمَهُم اللهُ بالرّيحِ.

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عبد الله بن عمرو، عن نافع، عن عبد الله، قال: أرسلني خالي عثمان بن مظعون ليلة الخندق في برد شديد وريح، إلى المدينة، فقال: ائتنا بطعام ولحاف قال: فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي وقال: " مَنْ لَقِيتَ مِنْ أصحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا ". قال: فذهبت والريح تسفي كل شيء، فجعلت لا ألقى أحدا إلا أمرته بالرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: فما يلوي أحد منهم عنقه؛ قال: وكان معي ترس لي، فكانت الريح تضربه عليّ، وكان فيه حديد، قال: فضربته الريح حتى وقع بعض ذلك الحديد على كفي، فأنفذها إلى الأرض.

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة: قال: ثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال فتى من أهل الكوفة لحُذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، لحملناه على أعناقنا. قال حُذَيفة: يا بن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق، وصلى رسول الله هويا من الليل (1) ثم التفت إلينا فقال: " من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم؟ يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يرجع أدخله الله الجنة "، فما قام أحد، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال مثله، فما قام منا رجل، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: " مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنا ما فَعَلَ القَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ، يَشْتَرطُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرَّجْعَةَ، أسألُ الله أنْ يكُونَ رَفِيقي فِي الجَنَّةِ" فما قام رجل من شدّة الخوف، وشدّة الجوع، وشدّة البرد؛ فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن لي بدّ من القيام حين دعاني، فقال: " يا حُذيْفَةُ اذْهَبْ فادْخُلْ فِي القَوْمِ فانْظُرْ، وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئا حتى تَأْتينَا ". قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء؛ فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه، فقال حُذَيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان؛ ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، ولقد هلك الكراع والخفّ، واختلفت بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله ما يطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم. ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا تُحدث شيئا حتى تأتيني، لو شئت لقتلته بسهم؛ قال حُذَيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه؛ فلما رآني أدخلني بين رجليه، وطرح عليّ طَرف المِرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه؛ فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غَطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.

    حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) قال: الأحزاب: عيينة بن بدر، وأبو سفيان، وقريظة.

    وقوله: (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا) قال: ريح الصبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق، حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونـزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم. وقوله: (وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْها) قال: الملائكة ولم تقاتل يومئذ.

    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) قال: يعني الملائكة، قال: نـزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا فخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس، حتى نـزلوا بعقوة (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عُيينة بن حصن، أحد بني بدر ومن تبعه من الناس حتى نـزلوا بعقوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه، فقال حيث يقول الله تعالى: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ فبعث الله عليهم الرعب والريح، فذكر لنا أنهم كانوا كلما أوقدوا نارا أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول: يا بني فلان هلمّ إليّ، حتى إذا اجتمعوا عنده فقال: النجاء النجاء، أتيتم لما بعث الله عليهم من الرعب.

    حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ...) الآية، قال: كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب.

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، في قول الله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) والجنود: قريش وغطفان وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح: الملائكة.

    وقوله: (وكانَ اللَّهُ بِمَا تَعْملُونَ بَصِيرًا) يقول تعالى ذكره: وكان الله بأعمالكم يومئذ، وذلك صبرهم على ما كانوا فيه من الجهد والشدّة، وثباتهم لعدوّهم، وغير ذلك من أعمالهم، بصيرا لا يخفى عليه من ذلك شيء، يحصيه عليهم، ليجزيهم عليه.

    ------------------------

    الهوامش :

    (1) هويا، بهاء مفتوحة أو مضمومة، وياء مشددة، وهو الساعة الممتدة من الليل (اللسان: هوى).

    (2) العقوة: الساحة وما حول الدار. (عن اللسان: عقا).




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Ahzaab aya 9

    O you who have believed, remember the favor of Allah upon you when armies came to [attack] you and We sent upon them a wind and armies [of angels] you did not see. And ever is Allah, of what you do, Seeing.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا