وقوله : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ) أي : ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه ، ( فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه ، على سبيل العيب والتنقص لهم ، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الكفرة بالله ورسوله ، ثم الرافضة الذين يتنقصون الصحابة ويعيبونهم بما قد برأهم الله منه ، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم; فإن الله ، عز وجل ، قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم ، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم ويتنقصونهم ، ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدا ، فهم في الحقيقة منكوسو القلوب يذمون الممدوحين ، ويمدحون المذمومين .
وقال أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أنه قيل : يا رسول الله ، ما الغيبة ؟ قال : " ذكرك أخاك بما يكره " . قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .
وهكذا رواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن الدراوردي ، به . قال : حسن صحيح .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سلمة ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن عمار بن أنس ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أي الربا أربى عند الله ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : "أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم " ، ثم قرأ : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) .
وقوله (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ) كان مجاهد يوجه معنى قوله (يُؤْذُونَ) إلى يقفون.
ذكر الرواية عنه:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ) قال: يقفون.
فمعنى الكلام على ما قال مجاهد: والذين يقفون المؤمنين والمؤمنات. ويعيبونهم طلبا لشينهم (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) يقول: بغير ما عملوا.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) قال: عملوا.
حدثنا نصر بن علي، قال: ثنا عثام بن علي، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: قرأ ابن عمر: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) قال: فكيف إذا أوذي بالمعروف، فذلك يضاعف له العذاب.
حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا عثام بن علي، عن الأعمش، عن ثور، عن ابن عمر ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ) قال: كيف بالذي يأتي إليهم المعروف.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) فإياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه، ويغضب له.
وقوله (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) يقول: فقد احتملوا زورا وكذبًا وفرية شنيعة، وبهتان: أفحش الكذب، (وَإِثْمًا مُبِينًا) يقول: وإثما يبين لسامعه أنه إثم وزور.
Quran Translation Sura Al-Ahzaab aya 58
And those who harm believing men and believing women for [something] other than what they have earned have certainly born upon themselves a slander and manifest sin.