وهذا أيضا من صفاتهم القبيحة في الجبن والخوف والخور ، ( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ) بل هم قريب منهم ، وإن لهم عودة إليهم ( وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ) أي : ويودون إذا جاءت الأحزاب أنهم لا يكونون حاضرين معكم في المدينة بل في البادية ، يسألون عن أخباركم ، وما كان من أمركم مع عدوكم ، ( ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ) أي : ولو كانوا بين أظهركم ، لما قاتلوا معكم إلا قليلا; لكثرة جبنهم وذلتهم وضعف يقينهم .
القول في تأويل قوله تعالى : يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا (20)
يقول تعالى ذكره: يحسب هؤلاء المنافقون الأحزاب، وهم قريش وغطفان.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا): قريش وغطفان.
وقوله: (لَمْ يَذْهَبُوا) يقول: لم ينصرفوا، وإن كانوا قد انصرفوا جبنا وهَلعا منهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا) قال: يحسبونهم قريبا.
وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ قَدْ ذَهَبُوا فإذَا وَجَدُوهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا وَدُّوا لَوْ أنَّهُمْ بادُونَ فِي الأعْرَابِ).
وقوله: ( وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ ) يقول تعالى ذكره: وإن يأت المؤمنين الأحزاب وهم الجماعة: واحدهم حزب (يَوَدُّوا) يقول: يتمنوا من الخوف والجبن أنهم غيب عنكم في البادية مع الأعراب خوفا من القتل. وذلك أن قوله: (لَوْ أنَّهُمْ بادُونَ فِي الأعْرَابِ) تقول: قد بدا فلان إذا صار في البدو فهو يبدو، وهو باد؛ وأما الأعراب: فإنهم جمع أعرابيّ، وواحد العرب عربيّ، وإنما قيل: أعرابيّ لأهل البدو، فرقا بين أهل البوادي والأمصار، فجعل الأعراب لأهل البادية، والعرب لأهل المصر.
وقوله: (يَسألُونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) يقول: يستخبر هؤلاء المنافقون أيها المؤمنون الناس عن أنبائكم، يعني: عن أخباركم بالبادية، هل هلك محمد وأصحابه؟ نقول: يتمنون أن يسمعوا أخباركم بهلاككم، ألا يشهدوا معكم مشاهدكم (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إلا قَلِيلا) يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ولو كانوا أيضا فيكم ما نفعوكم، وما قاتلوا المشركين إلا قليلا يقول: إلا تعذيرا، لأنهم لا يقاتلونهم حسبة ولا رجاء ثواب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (يَسألونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) قال: أخباركم، وقرأت قرّاء الأمصار جميعا سوى عاصم الجحدري (يَسألونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) بمعنى: يسألون من قدم عليهم من الناس عن أنباء عسكركم وأخباركم، وذكر عن عاصم الجحدري أنه كان يقرأ ذلك (يَسّاءَلونَ) بتشديد السين، بمعنى: يتساءلون: أي يسأل بعضهم بعضا عن ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
Quran Translation Sura Al-Ahzaab aya 20
They think the companies have not [yet] withdrawn. And if the companies should come [again], they would wish they were in the desert among the bedouins, inquiring [from afar] about your news. And if they should be among you, they would not fight except for a little.