أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (سورة لقمان الآية 18)

    القرآن الكريم تفسير سورة لقمان الآية رقم 18.
    قال اللهُ تعالى: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان: 18].


    التفاسير للآية 18 من سورة لقمان


    التفسير الميسر


    ولا تُمِلْ وجهك عن الناس إذا كلَّمتهم أو كلموك؛ احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم، ولا تمش في الأرض بين الناس مختالا متبخترًا، إن الله لا يحب كل متكبر متباه في نفسه وهيئته وقوله.


    تفسير ابن كثير


    وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ|||

    وقوله : ( ولا تصعر خدك للناس ) يقول : لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك ، احتقارا منك لهم ، واستكبارا عليهم ولكن ألن جانبك ، وابسط وجهك إليهم ، كما جاء في الحديث : " ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، والمخيلة لا يحبها الله " .

    قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ولا تصعر خدك للناس ) يقول : لا تتكبر فتحقر عباد الله ، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك . وكذا روى العوفي وعكرمة عنه .

    وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : ( ولا تصعر خدك للناس ) : لا تكلم وأنت معرض . وكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، ويزيد بن الأصم ، وأبي الجوزاء ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وابن يزيد ، وغيرهم .

    وقال إبراهيم النخعي : يعني بذلك التشديق في الكلام .

    والصواب القول الأول .

    قال ابن جرير : وأصل الصعر : داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رؤوسها ، حتى تلفت أعناقها عن رؤوسها ، فشبه به الرجل المتكبر ، ومنه قول عمرو بن حنى التغلبي :

    وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من ميله فتقوما

    وقال أبو طالب في شعره :

    وكنا قديما لا نقر ظلامة إذا ما ثنوا صعر الرؤوس نقيمها

    وقوله : ( ولا تمش في الأرض مرحا ) أي : جذلا متكبرا جبارا عنيدا ، لا تفعل ذلك يبغضك الله; ولهذا قال : ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ) أي : مختال معجب في نفسه ، فخور أي على غيره ، وقال تعالى : ( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) [ الإسراء : 37 ] ، وقد تقدم الكلام على ذلك في موضعه .

    وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت بن قيس بن شماس قال : ذكر الكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فشدد فيه ، فقال : " إن الله لا يحب كل مختال فخور " . فقال رجل من القوم : والله يا رسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ، ويعجبني شراك نعلي ، وعلاقة سوطي ، فقال : " ليس ذلك الكبر ، إنما الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس " .

    ورواه من طريق أخرى بمثله ، وفيه قصة طويلة ، ومقتل ثابت ووصيته بعد موته .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)

    اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَلا تُصَعِّرْ) فقرأه بعض قرّاء الكوفة والمدنيين والكوفيين: (وَلا تُصَعِّرْ) على مثال (تُفَعِّل). وقرأ ذلك بعض المكيين وعامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة (وَلا تُصَاعِرْ) على مثال (تُفَاعِل).

    والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: ولا تعرض بوجهك عمن كلمته تكبرا واستحقارا لمن تكلمه، وأصل (الصعر) داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رءوسها حتى تلفت أعناقها عن رءوسها، فيشبه به الرجل المتكبر على الناس، ومنه قول عمرو بن حُنَيٍّ التَّغلبيّ:

    وكُنَّــا إذَا الجَبَّــارُ صَعَّــرَ خَـدَّهُ

    أقَمْنــا لَــهُ مِــنْ مَيْلِـهِ فَتَقوَّمـا (3)

    واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) يقول: ولا تتكبر؛ فتحقر عباد الله، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.

    حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) يقول: لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا.

    حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَلا تُصَعِّرْ) قال: الصدود والإعراض بالوجه عن الناس.

    حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن جعفر بن برقان، عن يزيد في هذه الآية (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: إذا كلمك الإنسان لويت وجهك، وأعرضت عنه محقرة له.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا خالد بن حيان الرقي، عن جعفر بن ميمون بن مهران، قال: هو الرجل يكلم الرجل فيلوي وجهه.

    حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، قال: ثنا أبو مكين، عن عكرِمة في قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: لا تُعْرض بوجهك.

    حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) يقول: لا تعرض عن الناس، يقول: أقبل على الناس بوجهك وحسن خلقك.

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: تصعير الخدّ: التجبر والتكبر على الناس ومحقرتهم.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي مكين، عن عكرمة، قال: الإعراض.

    وقال آخرون: إنما نهاه عن ذلك أن يفعله لمن بينه وبينه صعر، لا على وجه التكبر.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: الرجل يكون بينه وبين أخيه الحنة، فيراه فيعرض عنه.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: هو الرجل بينه وبين أخيه حنة فيعرض عنه.

    وقال آخرون: هو التشديق.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن جعفر الرازي، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: هو التشديق.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: هو التشديق أو التشدّق " الطبري يشكُّ".

    حدثنا يحيى بن طلحة، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، بمثله.

    وقوله: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا) يقول: ولا تمش في الأرض مختالا.

    كما حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا) يقول: بالخيلاء.

    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ ولا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا إنَّ اللهَ لا يُحبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) قال: نهاه عن التكبر، قوله: (إنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) متكبر ذي فخر.

    كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) قال: متكبر. وقوله: (فخور) قال: يعدّد ما أعطى الله، وهو لا يشكر الله.

    ---------------------

    الهوامش :

    (3) البيت لعمرو بن حني (بالنون) التغلبي (معجم الشعراء للمرزباني ص 206 - 207) وهو فارس جاهلي مذكور، يقول في قتلهم عمرو بن هند، على رواية محمد بن داود:

    نُعَـاطِي المُلُـوكَ الحَـقَّ مَا قَصَدُوا بِنَا

    وَلَيْسَ عَلَيْنَـــا قَتْلُهُـــمْ بِمُحَــرَّمِ

    أنِفْـتُ لَهُـمْ مِـنْ عَقْلِ عَمْرِو بنِ مَرْثَدٍ

    إذَا وَرَدُوا مَــاءً وَرُمْـح بـنِ هَـرْثَمِ

    وَكُنَّــا إذَا الجَبَّــارُ صَعَّــرَ خَـدَّهُ

    أقَمْنَــا لَــهُ مِــنْ مَيْلِــهِ فَتَقَـوَّمِ

    قال: يريد: فتقوم أنت. وهذا البيت يروى من قصيدة المتلمس التي أولها:

    يُعَـيِّرُنِي أُمِّـي رِجَـالٌ وَلَـنْ تَـرَى

    أخــا كــرمٍ إلا بِــأنْ يَتَكَرمَّــا

    وبعده البيت، وآخره: "أقمنا لــه مــن ميلــه فتقومـا"

    وغيره يروون هذه الأبيات لجابر بن حني التغلبي. وقال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس): مجازه: لا تقلب وجهك، ولا تعرض بوجهك في ناحية، من الكبر؛ ومنه الصعر الذي يأخذ الإبل في رءوسها، حتى يلفت أعناقها عن رءوسها. وقال عمرو بن حني التغلبي: "وكنا ... فتقوما". ونسب البيت في (اللسان: صعر) للمتلمس جرير بن عبد المسيح. قال: الصعر: ميل في الوجه. وقيل: الصعر: ميل في الخد خاصة. وربما كان خلقة في الإنسان والظليم. وقيل: هو ميل في العنق، وانقلاب في الوجه إلى حد الشقين. وقد صعر خده وصاعره: أماله من الكبر، قال المتلمس "وكنا ... فتقوما". يقول: إذا أمال متكبر خده أذللناه حتى يتقوم ميله. ا هـ .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Luqman aya 18

    And do not turn your cheek [in contempt] toward people and do not walk through the earth exultantly. Indeed, Allah does not like everyone self-deluded and boastful.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا