وقوله : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ) أي : هو الخالق الرازق يخرج الإنسان من بطن أمه عريانا لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قوى ، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك ، والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن سلام أبي شرحبيل ، عن حبة وسواء ابني خالد قالا دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلح شيئا فأعناه ، فقال : " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما; فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يرزقه الله عز وجل " .
وقوله : ( ثم يميتكم ) ، أي : بعد هذه الحياة ( ثم يحييكم ) أي : يوم القيامة .
وقوله : ( هل من شركائكم ) أي : الذين تعبدونهم من دون الله . ( من يفعل من ذلكم من شيء ) أي : لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك ، بل الله سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق والرزق ، والإحياء والإماتة ، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة; ولهذا قال بعد هذا كله : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) أي : تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم وجل وعز عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساو ، أو ولد أو والد ، بل هو الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)
يقول تعالى ذكره للمشركين به، معرّفهم قبح فعلهم، وخبث صنيعهم: الله أيها القوم الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره، هو الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا، ثم رزقكم وخوّلكم، ولم تكونوا تملكون قبل ذلك، ثم هو يميتكم من بعد أن خلقكم أحياء، ثم يحييكم من بعد مماتكم لبعث القيامة.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) للبعث بعد الموت.
وقوله: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول تعالى ذكره: هل من آلهتكم وأوثانكم التي تجعلونهم لله في عبادتكم إياه شركاء من يفعل من ذلكم من شيء، فيخلق، أو يرزق، أو يميت، أو ينشر، وهذا من الله تقريع لهؤلاء المشركين. وإنما معنى الكلام أن شركاءهم لا تفعل شيئا من ذلك، فكيف يعبد من دون الله من لا يفعل شيئا من ذلك، ثم برأ نفسه تعالى ذكره عن الفرية التي افتراها هؤلاء المشركون عليه بزعمهم أن آلهتهم له شركاء، فقال جلّ ثناؤه (سبحانه) أي تنـزيها لله وتبرئة (وَتَعالى) يقول: وعلوّا له (عَمَّا يُشْرِكُونَ) يقول: عن شرك هؤلاء المشركين به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) لا والله (سُبْحانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان.
Quran Translation Sura Ar-Room aya 40
Allah is the one who created you, then provided for you, then will cause you to die, and then will give you life. Are there any of your "partners" who does anything of that? Exalted is He and high above what they associate with Him.