ثم قال تعالى : ( قل آمنا بالله وما أنزل علينا ) يعني : القرآن ( وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ) أي : من الصحف والوحي : ( والأسباط ) وهم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل - هو يعقوب - الاثني عشر . ( وما أوتي موسى وعيسى ) يعني : بذلك التوراة والإنجيل ( والنبيون من ربهم ) وهذا يعم جميع الأنبياء جملة ( لا نفرق بين أحد منهم ) يعني : بل نؤمن بجميعهم ( ونحن له مسلمون ) فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبي أرسل ، وبكل كتاب أنزل ، لا يكفرون بشيء من ذلك بل هم مصدقون بما أنزل من عند الله ، وبكل نبي بعثه الله .
القول في تأويل قوله : قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " أفغير دين الله تبغون "، يا معشر اليهود،" وله أسلم مَنْ في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه ترجعون " = فإن ابتغوا غيرَ دين الله، يا محمد، فقل لهم: "آمَنَّا بِاللَّهِ"، فترك ذكر قوله: " فإن قالوا: نعم "، أو ذكر قوله: (1) " فإن ابتغوا غير دين الله "، لدلالة ما ظهر من الكلام عليه.
وقوله: " قل آمنا بالله "، يعني به: قل لهم، يا محمد، : صدقنا بالله أنه ربنا وإلهنا، لا إله غيره، ولا نعبد أحدًا سواه =" وما أنزل علينا "، يقول: وقل: وصدَّقنا أيضًا بما أنـزل علينا من وَحيه وتنـزيله، فأقررنا به =" وما أنزل على إبراهيم "، يقول: وصدقنا أيضًا بما أنـزل على إبراهيم خليل الله، وعلى ابنيه إسماعيل وإسحاق، وابن ابنه يعقوب = وبما أنـزل على " الأسباط"، وهم ولد يعقوب الاثنا عشر، وقد بينا أسماءَهم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2) =" وما أوتي موسى وعيسى "، يقول: وصدّقنا أيضًا مع ذلك بالذي أنـزل الله على موسى وعيسى من الكتب والوَحْي، وبما أنـزل على النبيين من عنده.
والذي آتى الله موسى وعيسى = مما أمرَ الله عز وجل محمدًا بتصديقهما فيه، والإيمان به = التوراة التي آتاها موسى، والإنجيل الذي أتاه عيسى.
=" لا نفرق بين أحد منهم "، يقول: لا نصدّق بعضهم ونكذّب بعضَهم، ولا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم، كما كفرت اليهود والنصارى ببعض أنبياء الله وصدّقت بعضًا، ولكنا نؤمن بجميعهم، ونصدّقهم =" ونحن له مسلمون ". يعني: ونحن ندين لله بالإسلام لا ندين غيره، بل نتبرأ إليه من كل دين سواه، ومن كل ملة غيره.
ويعني بقوله: " ونحن له مسلمون ". ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودة، (3) مقرّون لهُ بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره. وقد ذكرنا الروايةَ بمعنى ما قلنا في ذلك فيما مضى، وكرهنا إعادته. (4)
--------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة: "وذكر قوله" ، جعل الواو مكان "أو" ، والصواب ما في المخطوطة.
(2) انظر ما سلف 2: 120 ، 121 / 3: 111-113.
(3) في المطبوعة: "بالعبودية" كما فعل في سابقتها ، وأثبت ما في المخطوطة ، وانظر ما سلف قريبًا ص: 565 ، تعليق: 2.
(4) يعني ما سلف 3: 109-111 ، وهي نظيرة هذه الآية ، وانظر فهارس اللغة"سلم".
Quran Translation Sura Aal-Imran aya 84
Say, "We have believed in Allah and in what was revealed to us and what was revealed to Abraham, Ishmael, Isaac, Jacob, and the Descendants, and in what was given to Moses and Jesus and to the prophets from their Lord. We make no distinction between any of them, and we are Muslims [submitting] to Him."