أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (سورة آل عمران الآية 64)

    القرآن الكريم تفسير سورة آل عمران الآية رقم 64.
    قال اللهُ تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: 64].


    التفاسير للآية 64 من سورة آل عمران


    التفسير الميسر


    قل -أيها الرسول- لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: تعالَوْا إلى كلمة عدل وحق نلتزم بها جميعًا: وهي أن نَخُص الله وحده بالعبادة، ولا نتخذ أي شريك معه، من وثن أو صنم أو صليب أو طاغوت أو غير ذلك، ولا يدين بعضنا لبعض بالطاعة من دون الله. فإن أعرضوا عن هذه الدعوة الطيبة فقولوا لهم - أيها المؤمنون -: اشهدوا علينا بأنا مسلمون منقادون لربنا بالعبودية والإخلاص. والدعوة إلى كلمة سواء، كما تُوجَّه إلى اليهود والنصارى، توجَّه إلى من جرى مجراهم.


    تفسير ابن كثير


    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ|||

    هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ومن جرى مجراهم ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة ) والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا . ثم وصفها بقوله : ( سواء بيننا وبينكم ) أي : عدل ونصف ، نستوي نحن وأنتم فيها . ثم فسرها بقوله : ( ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ) لا وثنا ، ولا صنما ، ولا صليبا ولا طاغوتا ، ولا نارا ، ولا شيئا بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له . وهذه دعوة جميع الرسل ، قال الله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] . [ وقال تعالى ] ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] .

    ثم قال : ( ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) وقال ابن جريج : يعني : يطيع بعضنا بعضا في معصية الله . وقال عكرمة : يعني : يسجد بعضنا لبعض .

    ( فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) أي : فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم .

    وقد ذكرنا في شرح البخاري ، عند روايته من طريق الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، عن أبي سفيان ، في قصته حين دخل على قيصر ، فسألهم عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفته ونعته وما يدعو إليه ، فأخبره بجميع ذلك على الجلية ، مع أن أبا سفيان كان إذ ذاك مشركا لم يسلم بعد ، وكان ذلك بعد صلح الحديبية وقبل الفتح ، كما هو مصرح به في الحديث ، ولأنه لما قال هل يغدر ؟ قال : فقلت : لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها . قال : ولم يمكني كلمة أزيد فيها شيئا سوى هذه : والغرض أنه قال : ثم جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، فإذا فيه :

    " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، فأسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .

    وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران ، وقال الزهري : هم أول من بذل الجزية . ولا خلاف أن آية الجزية نزلت بعد الفتح ، فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب ، وبين ما ذكره محمد بن إسحاق والزهري ؟ والجواب من وجوه :

    أحدها : يحتمل أن هذه الآية نزلت مرتين ، مرة قبل الحديبية ، ومرة بعد الفتح .

    الثاني : يحتمل أن صدر سورة آل عمران نزل في وفد نجران إلى عند هذه الآية ، وتكون هذه الآية نزلت قبل ذلك ، ويكون قول ابن إسحاق : " إلى بضع وثمانين آية " ليس بمحفوظ ، لدلالة حديث أبي سفيان .

    الثالث : يحتمل أن قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية ، وأن الذي بذلوه مصالحة عن المباهلة لا على وجه الجزية ، بل يكون من باب المهادنة والمصالحة ، ووافق نزول آية الجزية بعد ذلك على وفق ذلك كما جاء فرض الخمس والأربعة الأخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر ، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك .

    الرابع : يحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتب هذا [ الكلام ] في كتابه إلى هرقل لم يكن أنزل بعد ، ثم نزل القرآن موافقة له كما نزل بموافقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحجاب وفي الأسارى ، وفي عدم الصلاة على المنافقين ، وفي قوله : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ البقرة : 125 ] وفي قوله : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) الآية [ التحريم : 5 ] .




    تفسير ابن جرير الطبري


    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ|||

    القول في تأويل قوله : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)

    قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " قل "، يا محمد، لأهل الكتاب، وهم أهل التوراة والإنجيل =" تعالوا "، هلموا (24) =" إلى كلمة سواء "، يعني: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، (25) والكلمة العدل، هي أن نوحِّد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئًا.

    = وقوله: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا "، يقول: ولا يدين بعضُنا لبعض بالطاعة فيما أمر به من معاصي الله، ويعظِّمه بالسجود له كما يسجدُ لربه =" فإن تولوا "، يقول: فإن أعرضوا عما دعوتَهم إليه من الكلمة السواء التي أمرُتك بدعائهم إليها، (26) فلم يجيبوك إليها =" فقولوا "، أيها المؤمنون، للمتولِّين عن ذلك =" اشهدوا بأنا مسلمون ".

    * * *

    واختلف أهل التأويل فيمن نـزلت فيه هذه الآية.

    فقال بعضهم: نـزلت في يهود بني إسرائيل الذين كانوا حَوالى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ذكر من قال ذلك:

    7191 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا يهودَ أهل المدينة إلى الكلمة السواء، وهم الذين حاجوا في إبراهيم.

    7192 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم دَعا اليهود إلى كلمة السَّواء.

    7193 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا يهودَ أهل المدينة إلى ذلك، فأبوا عليه، فجاهدهم = قال: دعاهم إلى قول الله عز وجل: " قل يا أهل الكتاب تَعالوْا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، الآية.

    * * *

    وقال آخرون: بل نـزلت في الوفد من نصارى نجران.

    ذكر من قال ذلك:

    7194 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " الآية، إلى قوله: " فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "، قال: فدعاهم إلى النَّصَف، وقطع عنهم الحجةَ - يعني وفد نجران. (27)

    7195 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم دعاهم رسُول الله صلى الله عليه وسلم. - يعني الوفدَ من نصارى نجران - فقال: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، الآية.

    7196 - حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، حدثنا ابن زيد قال قال: يعني جل ثناؤه: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ، في عيسى = على ما قد بيناه فيما مضى = (28) قال: فأبوا - يعني الوفدَ من نجران - فقال: ادعهم إلى أيسر من هذا،" قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " فقرأ حتى بلغ: " أربابًا من دون الله "، فأبوا أن يقبلوا هذا ولا الآخر.

    * * *

    قال أبو جعفر: وإنما قلنا عنى بقوله: " يا أهل الكتاب "، أهلَ الكتابين، لأنهما جميعًا من أهل الكتاب، ولم يخصص جل ثناؤه بقوله: " يا أهل الكتاب " بعضًا دون بعض. فليس بأن يكون موجَّهًا ذلك إلى أنه مقصود به أهلُ التوراة، بأولى منه بأن يكون موجهًا إلى أنه مقصود به أهل الإنجيل، ولا أهل الإنجيل بأولى أن يكونوا مقصودين به دُون غيرهم من أهل التوراة. وإذ لم يكن أحدُ الفريقين بذلك بأولى من الآخر = لأنه لا دلالة على أنه المخصوص بذلك من الآخر، ولا أثر صحيح = فالواجب أن يكون كل كتابيّ معنيًّا به. لأن إفرادَ العبادة لله وحدَه، وإخلاصَ التوحيد له، واجبٌ على كل مأمور منهيٍّ من خلق الله. واسم " أهل الكتاب "، يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل، (29) فكان معلومًا بذلك أنه عني به الفريقان جميعًا.

    * * *

    وأما تأويل قوله: " تعالوا "، فإنه: أقبلوا وهلمُّوا. (30) وإنما " هو تفاعلوا " من " العلوّ" فكأن القائل لصاحبه: " تعالَ إليّ"، قائلٌ" تفاعل " من " العلوّ(31) كما يقال: " تَدَانَ مني" من " الدنوّ"، و " تقارَبْ مني"، من " القرب ".

    * * *

    وقوله: " إلى كلمة سواء ". فإنها الكلمة العدلُ،" والسَّواء " من نعتِ" الكلمة ". (32)

    * * *

    وقد اختلف أهل العربية في وجه إتباع " سواء " في الإعراب " لكلمة "، وهو اسمٌ لا صفة.

    فقال بعض نحويي البصرة: جر " سواء " لأنها من صفة " الكلمة " وهي العدل، وأراد مستوية. قال: ولو أراد " استواء "، كان النصب. وإن شاء أن يجعلها على " الاستواء " ويجرّ، جاز، ويجعله من صفة " الكلمة "، مثل " الخلق "، لأن " الخلق " هو " المخلوق "." والخلق " قد يكونُ صفةً واسمًا، ويجعل " الاستواء " مثل " المستوى "، قال عز وجل: الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ [سورة الحج: 25]، لأن " السواء " للآخر، وهو اسمٌ ليس بصفة فيجرى على الأول، وذلك إذا أراد به " الاستواء ". فإن أراد به " مستويًا " جاز أن يُجرَي على الأول. والرفع في ذا المعنى جيدٌ، لأنها لا تغيَّر عن حالها ولا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث فأشبهت الأسماء التي هي مثل " عدل " و " رضًى " و " جُنُب "، وما أشبه ذلك. وقالوا: [في قوله]: (33) أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ [سورة الجاثية: 21]، فـ" السواء " للمحيا والممات بهذا، المبتدأ.

    وإن شئت أجريته على الأول، وجعلتَه صفة مقدمة، كأنها من سبب الأول فجرت عليه. وذلك إذا جعلته في معنى " مستوى ". والرفع وجه الكلام كما فسَّرتُ لك.

    * * *

    وقال بعض نحويي الكوفة: " سواء " مصدرٌ وضع موضع الفعل، (34) يعني موضع " متساوية ": و " متساو "، فمرة يأتي على الفعل، ومرّةً على المصدر. وقد يقال في" سواء "، بمعنى عدل: " سِوًى وسُوًى "، كما قال جل ثناؤه: مَكَانًا سُوًى و سُوًى [سورة طه: 58]، يراد به: عدل ونصَفٌ بيننا وبينك. وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ذلك ( إِلَى كَلَمَةٍ عَدْلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم " ). (35)

    * * *

    وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله: " إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، بأن " السواء " هو العدلٍ، قال أهل التأويل.

    ذكر من قال ذلك:

    7197 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، عدل بيننا وبينكم =" ألا نعبد إلا الله "، الآية.

    7198 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا "، بمثله. (36)

    * * *

    وقال آخرون: هو قولُ" لا إله إلا الله ".

    ذكر من قال ذلك:

    7199 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال، قال أبو العالية: " كلمة السواء "، لا إله إلا الله.

    * * *

    وأما قوله: " ألا نعبُدَ إلا الله "، فإنّ" أنْ" في موضع خفض على معنى: تعالوا إلى أنْ لا نعبد إلا الله. (37)

    * * *

    وقد بينا - معنى " العبادة " في كلام العرب فيما مضى، ودللنا على الصحيح من معانيه بما أغنى عن إعادته. (38)

    * * *

    وأما قوله: " ولا يتخذ بعضُنا بعضًا أربابًا "، فإنّ" اتخاذ بعضهم بعضًا "، ما كان بطاعة الأتباع الرؤساءَ فيما أمروهم به من معاصي الله، (39) وتركِهم ما نهوهم عنه من طاعة الله، كما قال جل ثناؤه: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا [سورة التوبة: 31]، كما:-

    7200 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله "، يقول: لا يطع بعضُنا بعضًا في معصية الله. ويقال إنّ تلك الرُّبوبية: أن يطيعَ الناس سادَتهم وقادتهم في غير عبادة، وإن لم يصلُّوا لهم.

    * * *

    وقال آخرون: " اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا "، سجودُ بعضهم لبعض.

    ذكر من قال ذلك:

    7201 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: " ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله "، قال: سجود بعضهم لبعض.

    * * *

    وأما قوله: " فإن تولَّوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "، فإنه يعني: فإن تولَّى الذين تدعونهم إلى الكلمة السواء عنها وكفروا، فقولوا أنتم، أيها المؤمنون، لهم: اشهدوا علينا بأنا = بما تولَّيتم عنه، من توحيد الله، وإخلاص العبودية له، وأنه الإلهُ الذي لا شريك له =" مسلمون "، يعني: خاضعون لله به، متذلِّلون له بالإقرار بذلك بقلوبنا وألسنتنا.

    * * *

    وقد بينا معنى " الإسلام " فيما مضى، ودللنا عليه بما أغنى عن إعادته. (40)

    -----------------------

    الهوامش :

    (24) انظر تفسير"تعالوا" فيما سلف قريبًا: 474 ، وسيأتي ص: 485.

    (25) انظر تفسير"سواء" فيما سلف 1: 256 / 2: 495-497.

    (26) انظر معنى"تولى" فيما سلف قريبًا ص: 477 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.

    (27) الأثر 7194- سيرة ابن هشام 2: 232 ، ومضى أيضًا برقم: 7181 ، وهو من بقية الآثار التي آخرها رقم: 7181.

    (28) يعني الأثر السالف رقم: 7178.

    (29) في المطبوعة: "وأهل الكتاب يعم أهل التوراة وأهل الإنجيل" ، غير ما في المخطوطة حين لم يحسن قراءة ما فيه من التصحيف ، وكان في المخطوطة: "وأنتم أهل الكتاب يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل" صحف الكاتب فكتب مكان"واسم" ، "وأنتم" ، وصواب قراءتها ما أثبت.

    (30) قد فسر أبو جعفر"تعالوا" في موضعين سلفا ص: 474 ، ص: 483 ، ولكنه استوفى هنا الكلام في بيانها ، ولا أدري لم يفعل مثل ذلك ، وكان الأولى أن يفسرها أول مرة.

    (31) في المطبوعة: "فكأن القائل تعالى إلى ، فإنه تفاعل من العلو" لأنه لم يفهم ما كان في المخطوطة ، فبدله ، ووضع علامة (3) للدلالة على أنه خطأ لا معنى له ، أو سقط في الكلام. والصواب ما أثبت.

    (32) انظر تفسير"سواء" فيما سلف قريبًا ص: 483 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.

    (33) الزيادة التي بين القوسين ، زدتها ليستقيم الكلام ويستبين ، وأخشى أن يكون في هذه الجملة سقط لم أستطع أن أتبينه ، وراجع قول أبي جعفر في هذه الآية من تفسيره ، 25 ، 89 ، 90 (بولاق).

    (34) "الفعل" يعني به الصفة المشتقة مثل فاعل ومفعول ، كما هو ظاهر هنا ، وراجع فهرس المصطلحات.

    (35) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 220.

    (36) الأثر: 7198- في المخطوطة: "و.. ولا نشرك به شيئًا" الآية ، وليس فيها"بمثله" ، زادها الناشر أو ناسخ قبله ، لما رأى الأثر غير تام ، وهو صنيع حسن ، وإن كنت لا أرتضيه ، وظني أنه قد سقط من الناسخ الأول بقية التفسير.

    (37) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 220 ، فانظر تمامها هناك.

    (38) انظر ما سف 1: 160 ، 161 ، 362 / 3: 120 ، 317.

    (39) في المطبوعة: "هو ما كان بطاعة الأتباع..." بزيادة"هو" ، وليست في المخطوطة.

    (40) انظر ما سلف 2: 510 ، 511 / 3: 73 ، 74 ، 92 ، 110 / ثم 6: 275 ، 280.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Aal-Imran aya 64

    Say, "O People of the Scripture, come to a word that is equitable between us and you - that we will not worship except Allah and not associate anything with Him and not take one another as lords instead of Allah." But if they turn away, then say, "Bear witness that we are Muslims [submitting to Him]."

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا