أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (سورة آل عمران الآية 179)

    القرآن الكريم تفسير سورة آل عمران الآية رقم 179.
    قال اللهُ تعالى: مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [آل عمران: 179].


    التفاسير للآية 179 من سورة آل عمران


    التفسير الميسر


    ما كان الله ليَدَعَكم أيها المصدقون بالله ورسوله العاملون بشرعه على ما أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق حتى يَمِيزَ الخبيث من الطيب، فيُعرف المنافق من المؤمن الصادق. وما كان مِن حكمة الله أن يطلعكم -أيها المؤمنون- على الغيب الذي يعلمه من عباده، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق، ولكنه يميزهم بالمحن والابتلاء، غير أن الله تعالى يصطفي من رسله مَن يشاء؛ ليطلعه على بعض علم الغيب بوحي منه، فآمنوا بالله ورسوله، وإن تؤمنوا إيمانًا صادقًا وتتقوا ربكم بطاعته، فلكم أجر عظيم عند الله.


    تفسير ابن كثير


    مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ|||

    م قال تعالى : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) أي : لا بد أن يعقد سببا من المحنة ، يظهر فيه وليه ، ويفتضح فيه عدوه . يعرف به المؤمن الصابر ، والمنافق الفاجر . يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن به المؤمنين ، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم [ وثباتهم ] وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وهتك به ستر المنافقين ، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله [ صلى الله عليه وسلم ] ولهذا قال : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) .

    قال مجاهد : ميز بينهم يوم أحد . وقال قتادة : ميز بينهم بالجهاد والهجرة . وقال السدي : قالوا : إن كان محمد صادقا فليخبرنا عمن يؤمن به منا ومن يكفر . فأنزل الله : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى ) [ يميز الخبيث من الطيب ) أي : حتى ] يخرج المؤمن من الكافر . روى ذلك كله ابن جرير :

    ثم قال : ( وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) أي : أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من المنافق ، لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك .

    ثم قال : ( ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ) كقوله ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) [ الجن : 26 ، 27 ] .

    ثم قال : ( فآمنوا بالله ورسله ) أي : أطيعوا الله ورسوله واتبعوه فيما شرع لكم ( وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ) .




    تفسير ابن جرير الطبري


    مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ|||

    القول في تأويل قوله : مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ

    قال أبو جعفر: يعني بقوله: " ما كان الله ليذر المؤمنين "، ما كان الله ليدع المؤمنين (31) =" على ما أنتم عليه " من التباس المؤمن منكم بالمنافق، فلا يعرف هذا من هذا=" حتى يميز الخبيث من الطيب "، يعنى بذلك: " حتى يميز الخبيث " وهو المنافق المستسرُّ للكفر (32) =" من الطيب "، وهو المؤمن المخلص الصادق الإيمان، (33) بالمحن والاختبار، كما ميَّز بينهم يوم أحد عند لقاء العدوّ عند خروجهم إليهم.

    * * *

    واختلف أهل التأويل في" الخبيث " الذي عنى الله بهذه الآية.

    فقال بعضهم فيه، مثل قولنا.

    * ذكر من قال ذلك:

    8268 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثني أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "، قال: ميز بينهم يوم أحد، المنافقَ من المؤمن.

    8269 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "، قال: ابن جريج، يقول: ليبين الصادق بإيمانه من الكاذب= قال ابن جريج، قال مجاهد: يوم أحد، ميز بعضهم عن بعض، المنافق عن المؤمن.

    8270 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "، أي: المنافقين. (34)

    * * *

    وقال آخرون: معنى ذلك: حتى يميز المؤمن من الكافر بالهجرة والجهاد.

    * ذكر من قال ذلك:

    8271 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه "، يعني الكفار. يقول: لم يكن الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة: " حتى يميز الخبيث من الطيب "، يميز بينهم في الجهاد والهجرة.

    8272 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " حتى يميز الخبيث من الطيب "، قال: حتى يميز الفاجر من المؤمن.

    8273 - حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي،" ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " قالوا: " إن كان محمدٌ صادقًا، فليخبرنا بمن يؤمن بالله ومن يكفر "!! فأنـزل الله: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب "، حتى يخرج المؤمن من الكافر.

    * * *

    قال أبو جعفر: والتأويل الأول أولى بتأويل الآية، لأن الآيات قبلها في ذكر المنافقين، وهذه في سياقتها. فكونها بأن تكون فيهم، أشبه منها بأن تكون في غيرهم.

    * * *

    القول في تأويل قوله : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ

    قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

    فقال بعضهم بما:-

    8274 - حدثنا به محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وما كان الله ليطلعكم على الغيب "، وما كان الله ليطلع محمدًا على الغيب، ولكن الله اجتباه فجعله رسولا.

    * * *

    وقال آخرون بما:-

    8275 - حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " وما كان الله ليطلعكم على الغيب "، أي: فيما يريد أن يبتليكم به، لتحذروا ما يدخل عليكم فيه=" ولكنّ الله يجتبي من رسله من يشاء "، يعلمه. (35)

    * * *

    قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بتأويله: وما كان الله ليطلعكم على ضمائر قلوب عباده، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق والكافر، ولكنه يميز بينهم بالمحن والابتلاء= كما ميز بينهم بالبأساء يوم أحد= وجهاد عدوه، وما أشبه ذلك من صنوف المحن، حتى تعرفوا مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم. غير أنه تعالى ذكره يجتبي من رسله من يشاء فيصطفيه، فيطلعه على بعض ما في ضمائر بعضهم، بوحيه ذلك إليه ورسالته، كما:-

    8276 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء "، قال: يخلصهم لنفسه.

    * * *

    وإنما قلنا هذا التأويل أولى بتأويل الآية، لأنّ ابتداءها خبرٌ من الله تعالى ذكره أنه غير تارك عباده (36) -يعني بغير محن- حتى يفرق بالابتلاء بين مؤمنهم وكافرهم وأهل نفاقهم. ثم عقب ذلك بقوله: " وما كان الله ليطلعكم على الغيب "، فكان فيما افتتح به من صفة إظهار الله نفاق المنافق وكفر الكافر، دلالةٌ واضحةٌ على أن الذي ولي ذلك هو الخبر عن أنه لم يكن ليطلعهم على ما يخفى عنهم من باطن سرائرهم، إلا بالذي ذكر أنه مميِّزٌ به نعتَهم إلا من استثناه من رسله الذي خصه بعلمه.

    * * *

    القول في تأويل قوله : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)

    قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (37) " وإن تؤمنوا "، وإن تصدِّقوا من اجتبيته من رُسلي بعلمي وأطلعته على المنافقين منكم=" وتتقوا " ربكم بطاعته فيما أمركم به نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وفيما نهاكم عنه=" فلكم أجر عظيم "، يقول: فلكم بذلك من إيمانكم واتقائكم ربكم، ثوابٌ عظيم، كما:-

    8277 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا "، أي: ترجعوا وتتوبوا=" فلكم أجر عظيم ". (38)

    -----------------------------

    الهوامش:

    (31) انظر تفسير"يذر" فيما سلف 6: 22.

    (32) انظر تفسير"الخبيث" فيما سلف 5: 559.

    (33) انظر تفسير"الطيب" فيما سلف 3: 301 / 5: 555 ، 556 / 6: 361.

    (34) الأثر: 8270 - سيرة ابن هشام 3: 128 ، وهو جزء من الأثر السالف رقم: 8265 ، وتتمة الآثار التي قبله من تفسير ابن إسحاق. وكان في المطبوعة هنا"المنافق" ، والصواب من المخطوطة ، والأثر السالف ، وسيرة ابن هشام.

    (35) الأثر: 8275 - سيرة ابن هشام 3: 128 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8270 ، وكان في المطبوعة: "بعلمه" بالباء في أوله ، والصواب من سيرة ابن هشام ، ونصه: "أي: يعلمه ذلك" ، أما المخطوطة ، فالكلمة فيها غير منقوطة.

    (36) في المطبوعة والمخطوطة"وابتداؤها خبر من الله" ، وهو سياق لا يستقيم ، والظاهر أن ناسخ المخطوطة لما نسخ ، أشكل على بصره ، "الآية" ثم"لأن" بعقبها. فأسقط"لأن" ، وكتب"وابتداؤها" ، ورسم الكلمة في المخطوطة"وابتداها" ، فلذلك رجحت ما أثبته ، وإن كان ضبط السياق وحده كافيًا في الترجيح.

    (37) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه بقوله" ، وإقحام"بذلك" مفسدة وهجنة في الكلام ، فأسقطتها ، وهي سبق قلم من الناسخ.

    (38) الأثر: 8277 - سيرة ابن هشام 3: 128 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8275.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Aal-Imran aya 179

    Allah would not leave the believers in that [state] you are in [presently] until He separates the evil from the good. Nor would Allah reveal to you the unseen. But [instead], Allah chooses of His messengers whom He wills, so believe in Allah and His messengers. And if you believe and fear Him, then for you is a great reward.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا