ولهذا قال تعالى : ( قد كان لكم آية ) أي : قد كان لكم - أيها اليهود القائلون ما قلتم - ( آية ) أي : دلالة على أن الله معز دينه ، وناصر رسوله ، ومظهر كلمته ، ومعل أمره ( في فئتين ) أي : طائفتين ( التقتا ) أي : للقتال ( فئة تقاتل في سبيل الله ) وهم المسلمون ، ( وأخرى كافرة ) وهم مشركو قريش يوم بدر .
وقوله : ( يرونهم مثليهم رأي العين ) قال بعض العلماء - فيما حكاه ابن جرير : يرى المشركون يوم بدر المسلمين مثليهم في العدد رأي أعينهم ، أي : جعل الله ذلك فيما رأوه سببا لنصرة الإسلام عليهم . وهذا لا إشكال عليه إلا من جهة واحدة ، وهي أن المشركين بعثوا عمر بن سعد يومئذ قبل القتال يحزر لهم المسلمين ، فأخبرهم بأنهم ثلاثمائة ، يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا . وهكذا كان الأمر ، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ثم لما وقع القتال أمدهم الله بألف من خواص الملائكة وساداتهم .
والقول الثاني : " أن المعنى في قوله : ( يرونهم مثليهم رأي العين ) أي : ترى الفئة المسلمة الفئة الكافرة مثليهم ، أي : ضعفيهم في العدد ، ومع هذا نصرهم الله عليهم . وهذا لا إشكال فيه على ما رواه العوفي ، عن ابن عباس أن المؤمنين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا والمشركين كانوا ستمائة وستة وعشرين رجلا . وكأن هذا القول مأخوذ من ظاهر هذه الآية ، ولكنه خلاف المشهور عند أهل التواريخ والسير وأيام الناس ، وخلاف المعروف عند الجمهور من أن المشركين كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف كما رواه محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل ذلك العبد الأسود لبني الحجاج عن عدة قريش ، فقال : كثير ، قال : " كم ينحرون كل يوم ؟ " قال : يوما تسعا ويوما عشرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " القوم ما بين التسعمائة إلى الألف " .
وروى أبو إسحاق السبيعي ، عن حارثة ، عن علي ، قال : كانوا ألفا ، وكذا قال ابن مسعود . والمشهور أنهم كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف ، وعلى كل تقدير فقد كانوا ثلاثة أمثال المسلمين ، وعلى هذا فيشكل هذا القول والله أعلم . لكن وجه ابن جرير هذا ، وجعله صحيحا كما تقول : عندي ألف وأنا محتاج إلى مثليها ، وتكون محتاجا إلى ثلاثة آلاف ، كذا قال . وعلى هذا فلا إشكال .
لكن بقي سؤال آخر وهو وارد على القولين ، وهو أن يقال : ما الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في قصة بدر : ( وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) ؟ [ الأنفال : 44 ] والجواب : أن هذا كان في حال ، والآخر كان في حال أخرى ، كما قال السدي ، عن الطيب عن ابن مسعود في قوله : ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا [ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين ] ) الآية ، قال : هذا يوم بدر . قال عبد الله بن مسعود : وقد نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا ، وذلك قوله تعالى : ( وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ) .
وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جانبي تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة . قال : فأسرنا رجلا منهم فقلنا : كم كنتم ؟ قال : ألفا . فعندما عاين كل الفريقين الآخر رأى المسلمون المشركين مثليهم ، أي : أكثر منهم بالضعف ، ليتوكلوا ويتوجهوا ويطلبوا الإعانة من ربهم ، عز وجل . ورأى المشركون المؤمنين كذلك ليحصل لهم الرعب والخوف والجزع والهلع ، ثم لما حصل التصاف والتقى الفريقان قلل الله هؤلاء في أعين هؤلاء ، وهؤلاء في أعين هؤلاء ، ليقدم كل منهما على الآخر .
( ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) أي : ليفرق بين الحق والباطل ، فيظهر كلمة الإيمان على الكفر ، ويعز المؤمنين ويذل الكافرين ، كما قال تعالى : ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) [ آل عمران : 123 ] وقال هاهنا : ( والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) أي : إن في ذلك لمعتبرا لمن له بصيرة وفهم يهتدي به إلى حكم الله وأفعاله ، وقدره الجاري بنصر عباده المؤمنين في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
القول في تأويل قوله : قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قُلْ، يا محمد، للذين كفروا من اليهود الذين بين ظهرانَيْ بلدك: " قد كان لكم آية "، يعني: علامةٌ ودلالةٌ على صدق ما أقول: إنكم ستغلبون، وعبرة، (19) كما:-
6673 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " قد كان لكم آية "، عبرةٌ وتفكر.
6674 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله = إلا أنه قال: ومُتَفَكَّر.
* * *
=" في فئتين "، يعني: في فرقتين وحزبين = و " الفئة " الجماعة من الناس. (20) =" التقتا " للحرب، وإحدى الفئتين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومن كان معه ممن شهد وقعة بدر، والأخرى مشركو قريش.
=" فئة تُقاتل في سبيل الله "، جماعة تقاتل في طاعة الله وعلى دينه، (21) وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه =" وأخرى كافرة "، وهم مشركو قريش، كما:-
6675 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله "، أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر =" وأخرى كافرة "، فئة قريش الكفار. (22)
6676 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس مثله. (23)
6677 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله "، محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه =" وأخرى كافرة "، قريش يوم بدر.
6678 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " قد كان لكم آية في فئتين "، قال: في محمد وأصحابه، ومشركي قريش يوم بدر.
6679 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
6680 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله "، قال: ذلك يوم بدر، التقى المسلمون والكفار.
* * *
قال أبو جعفر: ورفعت: " فئةٌ تقاتل في سبيل الله "، وقد قيل قبل ذلك: " في فئتين "، بمعنى: إحداهما تقاتل في سبيل الله - على الابتداء، كما قال الشاعر: (24)
فَكُـنْتُ كَـذِي رِجْـلَيْنِ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ
وَرِجْـلٌ رَمَـى فِيهَـا الزَّمَـانُ فَشَلَّتِ (25)
وكما قال ابن مفرِّغ: (26)
فَكُـنْتُ كَـذِي رِجْـلَيْنِ: رِجْلٌ صَحِيحَةٌ
وَرِجْــلٌ بِهَـا رَيْـبٌ مِـنَ الحَدَثَـانِ (27)
فَأَمَّـا الَّتِـي صَحَّـتْ فَـأَزْدُ شَـنُوءَةٍ,
وَأَمَّــا الّتِــي شَـلَّتْ فَـأَزْدُ عُمَـانِ
وكذلك تفعل العرب في كل مكرر على نظير له قد تقدمه، إذا كان مع المكرر خبر: تردُّه على إعراب الأوّل مرة، وتستأنفه ثانيةً بالرفع، وتنصبه في التامِّ من الفعل والناقص، وقد جُرّ ذلك كله، فخفض على الردّ على أوّل الكلام، كأنه يعني إذا خفض ذلك: فكنت كذلك رجلين: كذي رجل صحيحة ورجل سقيمة. وكذلك الخفض في قوله: " فئة "، جائز على الردّ على قوله: " في فئتين التقتا "، في فئة تقاتل في سبيل الله.
وهذا وإن كان جائزًا في العربية، فلا أستجيز القراءة به، لإجماع الحجة من القرَأة على خلافه. ولو كان قوله: " فئة "، جاء نصبًا، كان جائزًا أيضًا على قوله: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا "، مُختلفتين. (28)
* * *
القول في تأويل قوله : يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
قال أبو جعفر: اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك.
فقرأته قرأة أهل المدينة: ( تَرَوْنَهُمْ ) بالتاء، بمعنى: قد كان لكم أيها اليهود آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ، فئة تقاتل في سبيل الله، والأخرى كافرةٌ، ترونَ المشركين مِثْلي المسلمين رأىَ العين. يريد بذلك عِظَتهم، يقول: إن لكم عبرةً، أيها اليهود، فيما رأيتم من قلة عدد المسلمين وكثرة عدد المشركين، وظفر هؤلاء مع قلة عددهم، بهؤلاء مع كثرة عددهم.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة والبصرة وبعض المكيين: ( يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ ) بالياء، بمعنى: يرى المسلمون الذين يقاتلون في سبيل الله، الجماعةَ الكافرةَ مثلي المسلمين في القدْر. فتأويل الآية على قراءتهم: قد كان لكم، يا معشر اليهود، عبرةٌ ومتفكرٌ في فئتين التقتا، فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، يرى هؤلاء المسلمون مع قلة عددهم، هؤلاء المشركين في كثرة عددهم.
* * *
فإن قال قائل: وما وجه تأويل قراءة من قرأ ذلك بالياء؟ وأيّ الفئتين رأت صاحبتها مثليها؟ الفئة المسلمةُ هي التي رأت المشركة مثليها، أم المشركة هي التي رأت المسلمة كذلك، أم غيرهما رأت إحداهما كذلك؟
قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك.
فقال بعضهم: الفئةُ التي رأت الأخرى مثلى أنفسها، الفئةُ المسلمة رأت عدَد الفئة المشركة مثلي عدد الفئة المسلمة، قلَّلها الله عز وجل في أعينها حتى رأتها مثلي عدد أنفسها، (29) ثم قللها في حال أخرى فرأتها مثل عَدَد أنفسها.
ذكر من قال ذلك:
6681 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين "، قال: هذا يوم بدر. قال عبد الله بن مسعود: قد نظرنا إلى المشركين، فرأيناهم يُضْعِفون علينا، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدًا، وذلك قول الله عز وجل: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ [سورة الأنفال: 44]
* * *
فمعنى الآية على هذا التأويل: قد كان لكم، يا معشر اليهود، آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا : إحداهما مسلمة والأخرى كافرة، كثيرٌ عدد الكافرة، قليلٌ عدد المسلمة، ترى الفئة القليلُ عددُها، الكثيرَ عددُها أمثالا أنها إنما تكثر من العدد بمثل واحد، (30) فهم يرونهم مثليهم. فيكون أحدُ المثلين عند ذلك، العددُ الذي هو مثل عدد الفئة التي رأتهم، والمثل الآخر الضّعف الزائد على عددهم. فهذا أحد معنيي التقليل الذي أخبر الله عز وجل المؤمنين أنه قلَّلهم في أعينهم.
والمعنى الآخر منه: التقليل الثاني، على ما قاله ابن مسعود: وهو أنْ أراهم عددَ المشركين مثل عددهم، لا يزيدون عليهم. فذلك التقليل الثاني الذي قال الله جل ثناؤه: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا .
* * *
وقال آخرون من أهل هذه المقالة: إن الذين رأوا المشركين مثليْ أنفسهم، هم المسلمون. غير أن المسلمين رَأوهم على ما كانوا به من عددهم لم يقلَّلوا في أعينهم، ولكن الله أيدهم بنصره. قالوا: ولذلك قال الله عز وجل لليهود: قد كان لكم فيهم عبرةٌ، يخوّفهم بذلك أنْ يحل بهم منهم مثل الذي أحَلَّ بأهل بدر على أيديهم.
ذكر من قال ذلك:
6682 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ، أنـزلت في التخفيف يوم بدر، فإن المؤمنين كانوا يومئذ ثلثمئة وثلاثة عشر رجلا (31) وكان المشركون مثليهم، فأنـزل الله عز وحل: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين "، وكان المشركون ستةً وعشرين وستمئة، فأيد الله المؤمنين. فكان هذا الذي في التخفيف على المؤمنين.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الرواية خلافُ ما تظاهرت به الأخبار عن عدة المشركين يوم بدر. وذلك أن الناس إنما اختلفوا في عددهم على وجهين.
فقال بعضهم: كان عددهم ألفًا = وقال بعضهم: ما بين التسعمئة إلى الألف.
ذكر من قال: " كان عددهم ألفًا ".
6683 - حدثني هارون بن إسحاق الهمداني قال، حدثنا مصعب بن المقدام قال، حدثنا إسرائيل قال، حدثنا أبو إسحاق، عن حارثة، عن علي قال: سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فسبقنا المشركين إليها، فوجدنا فيها رجلين، منهم رجل من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط. فأما القرشيّ فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثير شديدٌ بأسُهم! فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه، (32) حتى انتهوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: كم القوم؟ فقال: هم والله كثير شديدٌ بأسهم! فجهد النبي صلى الله عليه وسلم على أن يخبره كم هم، فأبى. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله: " كم يَنحرون من الجزُر؟ قال: عشرة كل يوم. (33) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القومُ ألفٌ. (34)
6684 - حدثني أبو سعيد بن يوشع البغدادي قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: أسرنا رجلا منهم - يعني من المشركين - يوم بدر، فقلنا: كم كنتم؟ قال: ألفًا. (35)
* * *
ذكر من قال: " كان عددهم ما بين التسعمئة إلى الألف ":
6685 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم نفرًا من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبرَ له عليه، (36) فأصابوا راويةً من قريش: (37) فيها أسلم، غلام بني الحجاج، وعَريض أبو يسار غلام بني العاص. فأتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما: كم القوم؟ قالا كثير! قال: ما عدّتهم؟ قالا لا ندري! قال: كم يَنحرون كل يوم؟ قالا يومًا تسعًا، ويومًا عشرًا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: القومُ ما بين التسعمئة إلى الألف. (38)
6686 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين "، ذلكم يوم بدر، ألفٌ المشركون أو قاربوا، (39) وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمئة وبضعة عشر رجلا.
6687 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ إلى قوله: " رأي العين "، قال: يُضْعفون عليهم، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، يوم بدر.
6688 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين "، قال: كان ذلك يوم بدر، وكان المشركون تسعمئة وخمسين، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثلثمئة وثلاثة عشر.
6689 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمئة وبضعة عشر، والمشركون ما بين التسعمئة إلى الألف.
* * *
قال أبو جعفر: فكل هؤلاء الذين ذكرنا مخالفون القولَ الذي رويناه عن ابن عباس في عدد المشركين يوم بدر. فإذْ كان ما قاله من حكينا قوله - ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمئة - [صحيحًا]، (40) فالتأويل الأول الذي قلناه على الرواية التي روينا عن ابن مسعود، أولى بتأويل الآية.
* * *
وقال آخرون: كان عددُ المشركين زائدًا على التسعمئة، فرأى المسلمون عدَدَهم على غير ما كانوا به من العدد. وقالوا: أرى اللهُ المسلمين عددَ المشركين قليلا آية للمسلمين. قالوا: وإنما عنى الله عز وجل بقوله: " يرونهم مثليهم "، المخاطبين بقوله: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ . قالوا: وهم اليهود، غيرَ أنه رجع من المخاطبة إلى الخبر عن الغائب، لأنه أمرٌ من الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك لهم، فحسن أن يخاطب مرة، ويخبرَ عنهم على وجه الخبر مرّة أخرى، كما قال: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ (41) [سورة يونس: 22]
وقالوا: فإن قال لنا قائل: فكيف قيل: " يرونهم مثليهم رأي العين "، وقد علمتم أن المشركين كانوا يومئذ ثلاثة أمثال المسلمين؟
قلنا لهم: كما يقول القائل وعنده عبد: " أحتاج إلى مثله "، فأنت محتاج إليه وإلى مثله، (42) ثم يقول: " أحتاج إلى مثليه "، فيكون ذلك خبرًا عن حاجته إلى مثله، وإلى مثلَيْ ذلك المثل. (43) وكما يقول الرجل: " معي ألفٌ وأحتاج إلى مثليه ". فهو محتاج إلى ثلاثة. (44) فلما نوى أن يكون " الألف " داخلا في معنى " المثل " صار " المثل " اثنين، والاثنان ثلاثة. (45) قال: ومثله في الكلام: (46) " أراكم مثلكم "، كأنه قال: أراكم ضعفكم = (47) " وأراكم مثليكم ". يعني: أراكم ضعفيكم. قالوا: فهدا على معنى ثلاثة أمثالهم. (48)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّ الله أرى الفئةَ الكافرةَ عددَ الفئة المسلمة مثلَيْ عددهم.
وهذا أيضًا خلاف ما دلّ عليه ظاهر التنـزيل. لأن الله جل ثناؤه قال في كتابه: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ [سورة الأنفال: 44]، فأخبر أن كلا من الطائفتين قلل عددها في مرأى الأخرى.
* * *
قال أبو جعفر: وقرأ آخرون ذلك: ( تُرَوْنَهُمْ ) بضم التاء، بمعنى: يريكموهم الله مثليهم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات بالصواب، قراءةُ من قرأ: " يرونهم " بالياء، بمعنى: وأخرى كافرة، يراهم المسلمون مثليهم - يعني: مثلي عدد المسلمين ، لتقليل الله إياهم في أعينهم في حال، فكان حَزْرهم إياهم كذلك، ثم قللهم في أعينهم عن التقليل الأول، فحزروهم مثل عدد المسلمين، (49) ثم تقليلا ثالثًا، فحزروهم أقل من عدد المسلمين، كما:-
6690 - حدثني أبو سعيد البغدادي قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لقد قُلِّلوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلت لرجل إلى جنبي: تَرَاهم سبعين؟ قال: أراهم مائة. قال: فأسرنا رجلا منهم فقلنا: كم كنتم؟ قال: ألفًا.
* * *
وقد روى عن قتادة أنه كان يقول: لو كانت: " ترونهم "، لكانت " مثليكم ".
6691 - حدثني المثنى قال، حدثني عبد الرحمن بن أبي حماد، عن ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة بذلك. (50)
* * *
قال أبو جعفر: ففي الخبرين اللذين روينا عن عبد الله بن مسعود، ما أبان عن اختلاف حَزْر المسلمين يومئذ عددَ المشركين في الأوقات المختلفة، فأخبر الله عز وجل - عما كان من اختلاف أحوال عددهم عند المسلمين - اليهودَ، على ما كان به عندهم، (51) مع علم اليهود بمبلغ عدد الفئتين = (52) إعلامًا منه لهم أنه مؤيد المؤمنين بنصره، لئلا يغتروا بعددهم وبأسهم، وليحذروا منه أن يُحلّ بهم من العقوبة على أيدي المؤمنين، مثلَ الذي أحلّ بأهل الشرك به من قريش على أيديهم ببدر. (53)
* * *
وأما قوله: " رأي العين "، فإنه مصدر: " رَأيتهُ" يقال: " رأيته رأيًا ورُؤْية "، و " رأيت في المنام رؤيَا حسنةٌ"، غير مُجْراة. يقال: " هو مني رَأيَ العين، ورِئاءَ العين "، (54) بالنصب والرفع، يراد: حيث يقع عليه بصري، وهو من " الرأي" مثله. و " القوم رئاءٌ"، (55) إذا جلسوا حيث يرى بعضُهم بعضًا.
* * *
فمعنى ذلك: يرونهم - حيث تلحقهم أبصارُهم وتراهم عيونُهم - مثليْهم.
* * *
القول في تأويل قوله : وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ (13)
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (56) " والله يؤيد "، يقوّي =" بنصره من يشاء ".
* * *
= من قول القائل: " قد أيَّدت فلانًا بكذا "، إذا قوّيته وأعنته،" فأنا أؤيّده تأييدًا ". و " فَعَلت " منه: " إدته فأنا أئيده أيدًا "، (57) ومنه قول الله عز وجل: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ [سورة ص: 17]، يعني: ذا القوة. (58)
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: قد كان لكم = (59) يا معشر اليهود، في فئتين التقتا، إحداهما تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، يراهم المسلمون مثليهم رأي أعينهم، فأيدنا المسلمة وهم قليلٌ عددهم، على الكافرة وهم كثير عدَدُهم حتى ظفروا بهم = (60) معتبر ومتفكر، والله يقوّى بنصره من يشاء.
* * *
وقال جل ثناؤه " إنّ في ذلك "، يعني: إن فيما فعلنا بهؤلاء الذين وصفنا أمرهم: من تأييدنا الفئة المسلمة مع قلة عددها، على الفئة الكافرة مع كثرة عددها =" لعبرة "، يعني: لمتفكرًا ومتَّعظًا لمن عقل وادّكر فأبصر الحق، كما:-
6692 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار "، يقول: لقد كان لهم في هؤلاء عبرة وتفكر، أيَّدهم الله ونصرهم على عدوّهم.
6693 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
--------------------
الهوامش :
(19) انظر تفسير"الآية" في (أيى) من فهارس اللغة.
(20) انظر ما سلف في تفسير"فئة" 5: 352 ، 353.
(21) انظر تفسير"سبيل الله" فيما سلف 2: 497 / ثم 3: 563 ، 583 / ثم 4: 318 / ثم 5: 280.
(22) الأثران: 6675 ، 6676 - سيرة ابن هشام 3: 51 باختلاف في اللفظ ، لاختلاف الرواية عنه.
(23) الأثران: 6675 ، 6676 - سيرة ابن هشام 3: 51 باختلاف في اللفظ ، لاختلاف الرواية عنه.
(24) هو كثير عزة.
(25) ديوانه 1: 46 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 192 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 87 ، وسيبويه 1: 215 ، والخزانة 2: 376 وغيرها كثير ، وسيأتي في التفسير 30: 58 (بولاق) ، وهو من قصيدته التائية المشهورة ، وهذا البيت معطوف على أمنية تمناها في الأبيات السالفة:
فَلَيْـتَ قَلُـوصِي عِنْـدَ عَزَّةَ قُيّدَ تْبِحَبْلٍ
ضَعيــفٍ غُــرَّ مِنْهَــا فَضَلَّــتِ
وغُـودِرَ فِـي الحَـيِّ المُقِيمِينَ رَحْلُهَا
وكَــانَ لَهَــا بـاغٍ سِـوَايَ فَبَلَّـتِ
وَكُـنْتُ كَـذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٌ صَحِيحةٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الأعلم: "تمنى أن تشل إحدى رجليه وهو عندها ، وتضل ناقته فلا يرحل عنها". وقال آخرون: "تمنى أن تضيع قلوصه فيبقى في حي عزة ، فيكون ببقائه في حي عزة كذي رجل صحيحة ، ويكون من عدمه لقلوصه كذي رجل عليلة". وقال ابن سيدهْ: "لما خانته عزة العهد فزلت عن عهده ، وثبت هو على عهدها ، صار كذي رجلين: رجل صحيحة: هو ثباته على عهدها ، وأخرى مريضة: وهو زللها عن عهده". وقال آخرون: "معنى البيت: أنه بين خوف ورجاء ، وقرب وثناء" ، ولي في معنى الأبيات رأي ليس هذا موضع بيانه.
(26) لم أعرف نسبة هذا الشعر إلى ابن مفرغ ، وهو بلا شك للنجاشي الحارثي ، من قصيدته في معاوية وعلي ، وأكثرها في الوحشيات لأبي تمام ، ووقعة صفين: 601-605.
(27) الوحشيات رقم: 183 ، وحماسة ابن الشجري: 33 ، وخزانة الأدب 2: 378 ، وأزد شنوءة ، وأزد عمان ، كانا من القبائل التي قاتلت يوم صفين ، وكانت أزد شنودة مع أهل الشام ، وأزد عمان في أهل العراق. ورواية الشعر: "وكنتم كذي رجلين..." ، والخطاب لبني تميم وغطفان في قوله قبل ذلك:
أَيَــا رَاكِبًـا إِمَّـا عَـرَضْتَ فَبَلِّغَـنْ
تَمِيمًـا, وَهـذَا الحَـيَّ مِـنْ غَطَفَـان
بيد أن رواية البيت:
فأمَّــا التـي شَـلَّتْ فَـأَزدُ شَـنُوءةٍ
وأَمَّـا التـي صَحَّـتْ فَـأَزدُ عُمَـانِ
لأن النجاشي كان مع علي ، وكانت أزد عمان معه. أما أزدشنوءة فكانت مع معاوية.
(28) انظر أكثر هذا وأبسط منه في معاني القرآن للفراء 1: 192-194 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 87 ، 88.
(29) قوله: "قللها الله عز وجل في أعينها" ، وذلك أن المشركين كانوا أكثر منهم أمثالا ، فأراهم الله عددهم مثليهم وحسب. وسيأتي بيان ذلك بعد قليل. وانظر التعليق التالي.
(30) في المطبوعة: ". . . أمثالا لها أنها تكثرها. . ." ، والصواب من المخطوطة ، وكأن الطابع خفي عليه معنى الحصر في هذا الكلام ، فغيره. وانظر التعليق السالف.
(31) في المطبوعة: "كأن المؤمنين كانوا..." ، وهو فاسد جدًا ، لم يحسن الناشر أن يقرأ المخطوطة ، فقرأها على وجه لا يصح.
(32) في المخطوطة والمطبوعة: "إذا قال ذلك صدقوه" ، وهو خطأ بين ، والصواب من تاريخ الطبري ، وسيأتي مرجعه في آخر الأثر.
(33) في التاريخ: "عشرًا" وهي الأجود. والجزر جمع جزور: وهي الناقة المجزورة أو البعير المجزور ، فهو يقع على الذكر والأنثى.
(34) الأثر: 6683- تاريخ الطبري 2: 269.
(35) الأثر: 6684-"أبو سعيد بن يوشع البغدادي" ، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب ، وانظر رقم: 6690 أيضًا.
(36) في المخطوطة: "يلتمسون له عليه" بينهما بياض ، وأتمتها المطبوعة ، كنص ابن هشام.
(37) الرواية: هي المزادة فيها الماء ، ثم سمي البعير الذي يستسقى عليه الماء"راوية" ، وسمي الرجل المستسقى أيضًا"راوية". وجاء في روايته هنا بالإفراد"راوية" ، وهي بمعنى الجمع ، أي الذين يستقون للقوم ، أو الإبل التي يستقى عليها.
(38) الأثر: 6685- هو مختصر ما في سيرة ابن هشام 2: 268 ، 269 ، وتاريخ الطبري 2: 275.
(39) في المخطوطة: "أللف" ، وعلى اللام الأولى شدة ، وأظنه كان أراد أن يكتب: "لألف".
(40) في المخطوطة والمطبوعة: "فإذا كان ما قاله من حكيناه ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمئة فالتأويل الأول..." ، وهي عبارة غير مستقيمة ، وسهو من الناسخ كثير ، فرجحت أن صوابها: "حكينا قوله" في الموضع الأول ، وزيادة"صحيحًا" في آخر الجملة كما وضعتها بين القوسين.
(41) انظر معاني القرآن للفراء 1: 195.
(42) في المطبوعة: "أنا محتاج إليه وإلى مثله" ، وهو إفساد. والصواب من المخطوطة ومعاني القرآن للفراء 1: 194.
(43) عبارة الفراء أوضح وهي: "فأنت إلى ثلاثة محتاج".
(44) في المطبوعة والمخطوطة: "وهو محتاج" ، والسياق يقتضي الفاء ، كما في معاني القرآن للفراء: "فهو يحتاج...".
(45) في المطبوعة: "صار المثل أشرف والاثنان ثلاثة" ، وهو تصحيف ، وفي المخطوطة: "اسرب" غير واضحة بل مضطربة ، والصواب من معاني القرآن للفراء.
(46) قوله: "قال" يعني الفراء ، فالذي مضى والذي يأتي نص كلامه أو شبيه بنص كلامه أحيانًا ، وقلما يصرح أبو جعفر باسم الفراء ، كما رأيت في جميع المواضع التي أشرنا إليها مرارًا ، أنه نقل عنه نص كلامه.
(47) في المطبوعة والمخطوطة: "كما يقال إن لكم ضعفكم" ، وهو كلام بلا معنى ، واستظهرت صوابه من نص الفراء في معاني القرآن وهو: "ومثله في الكلام أن تقول: أراكم مثلكم - كأنك قلت: أراكم ضعفكم".
(48) أكثر هذا بنصه من معاني القرآن للفراء 1: 194.
(49) في المطبوعة والمخطوطة: "مثلى عدد المسلمين" هنا أيضًا ، وهو خطأ ظاهر ، والسياق الماضي والآتي يدل على خلافه ، وهو كما أثبت.
(50) الأثر: 6691-"عبد الرحمن بن أبي حماد" لم أعرف من هو على التحقيق. وقد مر"عبد الرحمن بن أبي حماد الكوفي القارئ" في رقم: 3109 ، 4077 ، ولكن لم يرو عنه"المثنى" إلا بالواسطة ، وإسناده: "حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي حماد" ، ولا أظنه هو هو. وقد جاء في تاريخ الطبري 1: 171: "حدثني المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد..." ، فأكبر الظن أنهما رجلان.
أما "ابن المبارك" فهو"عبد الله المبارك" فيما رجحت ، وقد كان في المطبوعة"عن ابن المعرك" ، ولم أجد من يسمى بهذا الاسم ، وفي المخطوطة: "عن ابن المسرل" كأنها ميم وسين ثم راء ثم كاف أو لام. فلعلها كانت مكتوبة في الأصل"ابن المبرك" بغير ألف بين الباء والراء ، فقرأها الناسخ هكذا. والله أعلم.
(51) هكذا جاءت في المطبوعة ، وهي جملة لا تكاد تستقيم ، وقوله: "اليهود" مفعول به لقوله: "فأخبر الله عز وجل...". وقوله: "على ما كان به عندهم" ، مما لم أعرف له وجهًا أرضاه. أما المخطوطة فهكذا نصها: "فأخبر الله عز وجل عما كان من اختلاف أحوال عددهم عرم المسلمين اليهود على ما كان به عندهم" ، وهو كلام مضطرب أخشى أن يكون قد سقط منه شيء.
(52) سياق الكلام على ما ترى: "فأخبر الله عز وجل... اليهود... إعلامًا منه لهم".
(53) في المخطوطة والمطبوعة: "ببدرهم" ، وهو كلام ليس بعربي ، فآثرت حذف الضمير ، وجعلتها"ببدر" ، إلا أن يكون في الكلام تحريف لم أتبينه. هذا والناسخ كما ترى ، في كثير من هذه الصفحات قد عجل فزاد وحرف ونقص. غفر الله له.
(54) في المطبوعة: "ورأي العين" ، وفي المخطوطة"ورآا العين" ، وصواب قراءتها ما أثبت وإنما حمل الناشر الأول أن يقرأها كذلك ، أنه لم يجد نصها في كتب اللغة ، ولكن قوله بعد: "وهو من الرأى مثله" ، إنما يعني به هذه الكلمة ، ثم ما سيأتي في الجملة التالية: "والقوم رثاء" ، مما استدل به على ذلك أيضًا. ولكن الناشر الأول ، لم يحسن قراءة المخطوطة فتصرف فيه ، وأعانه ذلك على التصرف في رسم الذي قبله ، كما سنرى في التعليق التالي. وانظر أيضًا مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 88.
(55) في المطبوعة: "والقوم راأوا" ، ولا أدري كيف أراد أن يقرأها الناشر الأول ، وماذا ظنها!! والصواب ما أثبت ، ورسمه في المخطوطة"والقوم رآء" وتحت الراء كسرة ، وصواب قراءتها ما أثبت ، وانظر التعليق السالف.
(56) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه" ، ولكن السياق كما ترى يقتضي ما أثبت.
(57) لم تذكر كتب اللغة هذا الفعل الثلاثي متعديًا ، بل قالوا: "آد يئيد أيدًا ، إذا اشتد وقوى"؛ فهذه زيادة لم أجدها في غير هذا التفسير الجليل.
(58) انظر تفسير"الأيد" و"أيد" فيما سلف 2: 319 ، 320 / ثم 5: 379.
(59) في المخطوطة والمطبوعة: "قد كان لكم آية" ، وذكر"آية" هنا سبق قلم من الناسخ لسبق الآية على لسانه ، فإن اسم"كان" سيأتي بعد قليل وهو: "معتبر ومتفكر" ، وهو معنى"آية" هنا ، كما سلف في أول تفسير هذه الآية.
(60) في المخطوطة والمطبوعة: "قد كان لكم آية" ، وذكر"آية" هنا سبق قلم من الناسخ لسبق الآية على لسانه ، فإن اسم"كان" سيأتي بعد قليل وهو: "معتبر ومتفكر" ، وهو معنى"آية" هنا ، كما سلف في أول تفسير هذه الآية. (19) انظر تفسير"الآية" في (أيى) من فهارس اللغة.
(20) انظر ما سلف في تفسير"فئة" 5: 352 ، 353.
(21) انظر تفسير"سبيل الله" فيما سلف 2: 497 / ثم 3: 563 ، 583 / ثم 4: 318 / ثم 5: 280.
(22) الأثران: 6675 ، 6676 - سيرة ابن هشام 3: 51 باختلاف في اللفظ ، لاختلاف الرواية عنه.
(23) الأثران: 6675 ، 6676 - سيرة ابن هشام 3: 51 باختلاف في اللفظ ، لاختلاف الرواية عنه.
(24) هو كثير عزة.
(25) ديوانه 1: 46 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 192 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 87 ، وسيبويه 1: 215 ، والخزانة 2: 376 وغيرها كثير ، وسيأتي في التفسير 30: 58 (بولاق) ، وهو من قصيدته التائية المشهورة ، وهذا البيت معطوف على أمنية تمناها في الأبيات السالفة:
فَلَيْـتَ قَلُـوصِي عِنْـدَ عَزَّةَ قُيّدَ تْبِحَبْلٍ
ضَعيــفٍ غُــرَّ مِنْهَــا فَضَلَّــتِ
وغُـودِرَ فِـي الحَـيِّ المُقِيمِينَ رَحْلُهَا
وكَــانَ لَهَــا بـاغٍ سِـوَايَ فَبَلَّـتِ
وَكُـنْتُ كَـذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٌ صَحِيحةٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الأعلم: "تمنى أن تشل إحدى رجليه وهو عندها ، وتضل ناقته فلا يرحل عنها". وقال آخرون: "تمنى أن تضيع قلوصه فيبقى في حي عزة ، فيكون ببقائه في حي عزة كذي رجل صحيحة ، ويكون من عدمه لقلوصه كذي رجل عليلة". وقال ابن سيدهْ: "لما خانته عزة العهد فزلت عن عهده ، وثبت هو على عهدها ، صار كذي رجلين: رجل صحيحة: هو ثباته على عهدها ، وأخرى مريضة: وهو زللها عن عهده". وقال آخرون: "معنى البيت: أنه بين خوف ورجاء ، وقرب وثناء" ، ولي في معنى الأبيات رأي ليس هذا موضع بيانه.
(26) لم أعرف نسبة هذا الشعر إلى ابن مفرغ ، وهو بلا شك للنجاشي الحارثي ، من قصيدته في معاوية وعلي ، وأكثرها في الوحشيات لأبي تمام ، ووقعة صفين: 601-605.
(27) الوحشيات رقم: 183 ، وحماسة ابن الشجري: 33 ، وخزانة الأدب 2: 378 ، وأزد شنوءة ، وأزد عمان ، كانا من القبائل التي قاتلت يوم صفين ، وكانت أزد شنودة مع أهل الشام ، وأزد عمان في أهل العراق. ورواية الشعر: "وكنتم كذي رجلين..." ، والخطاب لبني تميم وغطفان في قوله قبل ذلك:
أَيَــا رَاكِبًـا إِمَّـا عَـرَضْتَ فَبَلِّغَـنْ
تَمِيمًـا, وَهـذَا الحَـيَّ مِـنْ غَطَفَـان
بيد أن رواية البيت:
فأمَّــا التـي شَـلَّتْ فَـأَزدُ شَـنُوءةٍ
وأَمَّـا التـي صَحَّـتْ فَـأَزدُ عُمَـانِ
لأن النجاشي كان مع علي ، وكانت أزد عمان معه. أما أزدشنوءة فكانت مع معاوية.
(28) انظر أكثر هذا وأبسط منه في معاني القرآن للفراء 1: 192-194 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 87 ، 88.
(29) قوله: "قللها الله عز وجل في أعينها" ، وذلك أن المشركين كانوا أكثر منهم أمثالا ، فأراهم الله عددهم مثليهم وحسب. وسيأتي بيان ذلك بعد قليل. وانظر التعليق التالي.
(30) في المطبوعة: ". . . أمثالا لها أنها تكثرها. . ." ، والصواب من المخطوطة ، وكأن الطابع خفي عليه معنى الحصر في هذا الكلام ، فغيره. وانظر التعليق السالف.
(31) في المطبوعة: "كأن المؤمنين كانوا..." ، وهو فاسد جدًا ، لم يحسن الناشر أن يقرأ المخطوطة ، فقرأها على وجه لا يصح.
(32) في المخطوطة والمطبوعة: "إذا قال ذلك صدقوه" ، وهو خطأ بين ، والصواب من تاريخ الطبري ، وسيأتي مرجعه في آخر الأثر.
(33) في التاريخ: "عشرًا" وهي الأجود. والجزر جمع جزور: وهي الناقة المجزورة أو البعير المجزور ، فهو يقع على الذكر والأنثى.
(34) الأثر: 6683- تاريخ الطبري 2: 269.
(35) الأثر: 6684-"أبو سعيد بن يوشع البغدادي" ، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب ، وانظر رقم: 6690 أيضًا.
(36) في المخطوطة: "يلتمسون له عليه" بينهما بياض ، وأتمتها المطبوعة ، كنص ابن هشام.
(37) الرواية: هي المزادة فيها الماء ، ثم سمي البعير الذي يستسقى عليه الماء"راوية" ، وسمي الرجل المستسقى أيضًا"راوية". وجاء في روايته هنا بالإفراد"راوية" ، وهي بمعنى الجمع ، أي الذين يستقون للقوم ، أو الإبل التي يستقى عليها.
(38) الأثر: 6685- هو مختصر ما في سيرة ابن هشام 2: 268 ، 269 ، وتاريخ الطبري 2: 275.
(39) في المخطوطة: "أللف" ، وعلى اللام الأولى شدة ، وأظنه كان أراد أن يكتب: "لألف".
(40) في المخطوطة والمطبوعة: "فإذا كان ما قاله من حكيناه ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمئة فالتأويل الأول..." ، وهي عبارة غير مستقيمة ، وسهو من الناسخ كثير ، فرجحت أن صوابها: "حكينا قوله" في الموضع الأول ، وزيادة"صحيحًا" في آخر الجملة كما وضعتها بين القوسين.
(41) انظر معاني القرآن للفراء 1: 195.
(42) في المطبوعة: "أنا محتاج إليه وإلى مثله" ، وهو إفساد. والصواب من المخطوطة ومعاني القرآن للفراء 1: 194.
(43) عبارة الفراء أوضح وهي: "فأنت إلى ثلاثة محتاج".
(44) في المطبوعة والمخطوطة: "وهو محتاج" ، والسياق يقتضي الفاء ، كما في معاني القرآن للفراء: "فهو يحتاج...".
(45) في المطبوعة: "صار المثل أشرف والاثنان ثلاثة" ، وهو تصحيف ، وفي المخطوطة: "اسرب" غير واضحة بل مضطربة ، والصواب من معاني القرآن للفراء.
(46) قوله: "قال" يعني الفراء ، فالذي مضى والذي يأتي نص كلامه أو شبيه بنص كلامه أحيانًا ، وقلما يصرح أبو جعفر باسم الفراء ، كما رأيت في جميع المواضع التي أشرنا إليها مرارًا ، أنه نقل عنه نص كلامه.
(47) في المطبوعة والمخطوطة: "كما يقال إن لكم ضعفكم" ، وهو كلام بلا معنى ، واستظهرت صوابه من نص الفراء في معاني القرآن وهو: "ومثله في الكلام أن تقول: أراكم مثلكم - كأنك قلت: أراكم ضعفكم".
(48) أكثر هذا بنصه من معاني القرآن للفراء 1: 194.
(49) في المطبوعة والمخطوطة: "مثلى عدد المسلمين" هنا أيضًا ، وهو خطأ ظاهر ، والسياق الماضي والآتي يدل على خلافه ، وهو كما أثبت.
(50) الأثر: 6691-"عبد الرحمن بن أبي حماد" لم أعرف من هو على التحقيق. وقد مر"عبد الرحمن بن أبي حماد الكوفي القارئ" في رقم: 3109 ، 4077 ، ولكن لم يرو عنه"المثنى" إلا بالواسطة ، وإسناده: "حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي حماد" ، ولا أظنه هو هو. وقد جاء في تاريخ الطبري 1: 171: "حدثني المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد..." ، فأكبر الظن أنهما رجلان.
أما "ابن المبارك" فهو"عبد الله المبارك" فيما رجحت ، وقد كان في المطبوعة"عن ابن المعرك" ، ولم أجد من يسمى بهذا الاسم ، وفي المخطوطة: "عن ابن المسرل" كأنها ميم وسين ثم راء ثم كاف أو لام. فلعلها كانت مكتوبة في الأصل"ابن المبرك" بغير ألف بين الباء والراء ، فقرأها الناسخ هكذا. والله أعلم.
(51) هكذا جاءت في المطبوعة ، وهي جملة لا تكاد تستقيم ، وقوله: "اليهود" مفعول به لقوله: "فأخبر الله عز وجل...". وقوله: "على ما كان به عندهم" ، مما لم أعرف له وجهًا أرضاه. أما المخطوطة فهكذا نصها: "فأخبر الله عز وجل عما كان من اختلاف أحوال عددهم عرم المسلمين اليهود على ما كان به عندهم" ، وهو كلام مضطرب أخشى أن يكون قد سقط منه شيء.
(52) سياق الكلام على ما ترى: "فأخبر الله عز وجل... اليهود... إعلامًا منه لهم".
(53) في المخطوطة والمطبوعة: "ببدرهم" ، وهو كلام ليس بعربي ، فآثرت حذف الضمير ، وجعلتها"ببدر" ، إلا أن يكون في الكلام تحريف لم أتبينه. هذا والناسخ كما ترى ، في كثير من هذه الصفحات قد عجل فزاد وحرف ونقص. غفر الله له.
(54) في المطبوعة: "ورأي العين" ، وفي المخطوطة"ورآا العين" ، وصواب قراءتها ما أثبت وإنما حمل الناشر الأول أن يقرأها كذلك ، أنه لم يجد نصها في كتب اللغة ، ولكن قوله بعد: "وهو من الرأى مثله" ، إنما يعني به هذه الكلمة ، ثم ما سيأتي في الجملة التالية: "والقوم رثاء" ، مما استدل به على ذلك أيضًا. ولكن الناشر الأول ، لم يحسن قراءة المخطوطة فتصرف فيه ، وأعانه ذلك على التصرف في رسم الذي قبله ، كما سنرى في التعليق التالي. وانظر أيضًا مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 88.
(55) في المطبوعة: "والقوم راأوا" ، ولا أدري كيف أراد أن يقرأها الناشر الأول ، وماذا ظنها!! والصواب ما أثبت ، ورسمه في المخطوطة"والقوم رآء" وتحت الراء كسرة ، وصواب قراءتها ما أثبت ، وانظر التعليق السالف.
(56) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه" ، ولكن السياق كما ترى يقتضي ما أثبت.
(57) لم تذكر كتب اللغة هذا الفعل الثلاثي متعديًا ، بل قالوا: "آد يئيد أيدًا ، إذا اشتد وقوى"؛ فهذه زيادة لم أجدها في غير هذا التفسير الجليل.
(58) انظر تفسير"الأيد" و"أيد" فيما سلف 2: 319 ، 320 / ثم 5: 379.
(59) في المخطوطة والمطبوعة: "قد كان لكم آية" ، وذكر"آية" هنا سبق قلم من الناسخ لسبق الآية على لسانه ، فإن اسم"كان" سيأتي بعد قليل وهو: "معتبر ومتفكر" ، وهو معنى"آية" هنا ، كما سلف في أول تفسير هذه الآية.
(60) في المخطوطة والمطبوعة: "قد كان لكم آية" ، وذكر"آية" هنا سبق قلم من الناسخ لسبق الآية على لسانه ، فإن اسم"كان" سيأتي بعد قليل وهو: "معتبر ومتفكر" ، وهو معنى"آية" هنا ، كما سلف في أول تفسير هذه الآية.
Quran Translation Sura Aal-Imran aya 13
Already there has been for you a sign in the two armies which met - one fighting in the cause of Allah and another of disbelievers. They saw them [to be] twice their [own] number by [their] eyesight. But Allah supports with His victory whom He wills. Indeed in that is a lesson for those of vision.