يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه ، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي ، ومن دخله كان آمنا ، فهم في أمن عظيم ، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا ، كما قال تعالى : ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) [ قريش : 1 - 4 ] .
وقوله : ( أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ) أي : أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به ، وعبدوا معه [ غيره من ] الأصنام والأنداد ، و ( بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) [ إبراهيم : 28 ] ، وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله ، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله ، وألا يشركوا به ، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره ، فكذبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم ; ولهذا سلبهم الله ما كان أنعم به عليهم ، وقتل من قتل منهم ببدر ، وصارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ففتح الله على رسوله مكة ، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم .
وقوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ) يقول تعالى ذكره، مذكرا هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: لولا أنـزل عليه آية من ربه، نِعْمَتَه عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم، مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أولم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم، دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينـزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا، ولا يضرّهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما، حرّمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب، آمنا يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء، والخوف، والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس، ( وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) يقول: وتُسْلَب الناس من حولهم قتلا وسباء.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، في قوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) قال: كان لهم في ذلك آية، أن الناس يُغزَون ويُتَخَطَّفون وهم آمنون.
وقوله: ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ ) يقول: أفبالشرك بالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون، يعني بقوله: (يكفرون): يجحدون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُون ): أي بالشرك ( وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ): أي يجحدون.
Quran Translation Sura Al-Ankaboot aya 67
Have they not seen that We made [Makkah] a safe sanctuary, while people are being taken away all around them? Then in falsehood do they believe, and in the favor of Allah they disbelieve?