وقولهم : ( إن هذا إلا خلق الأولين ) : قرأ بعضهم : " إن هذا إلا خلق " بفتح الخاء وتسكين اللام .
قال ابن مسعود ، والعوفي عن عبد الله بن عباس ، وعلقمة ، ومجاهد : يعنون ما هذا الذي جئتنا به إلا أخلاق الأولين . كما قال المشركون من قريش : ( وقالوا أساطير الأولين [ اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [ الفرقان : 5 ] ، وقال : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين ) [ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) ] [ النحل : 24 ] .
وقرأ آخرون : ( إن هذا إلا خلق الأولين ) - بضم الخاء واللام - يعنون : دينهم وما هم عليه من الأمر هو دين الأوائل من الآباء والأجداد . ونحن تابعون لهم ، سالكون وراءهم ، نعيش كما عاشوا ، ونموت كما ماتوا ، ولا بعث ولا معاد ;
وقوله: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك; فقرأته عامة قرّاء المدينة سوى أبي جعفر, وعامة قرّاء الكوفة المتأخرين منهم: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) من قبلنا: وقرأ ذلك أبو جعفر, وأبو عمرو بن العلاء: " إنْ هَذَا إلا خَلْقُ الأوّلينَ" بفتح الخاء وتسكين اللام بمعنى: ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأوّلين وأحاديثهم.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, نحو اختلاف القرَّاء في قراءته, فقال بعضهم: معناه: ما هذا إلا دين الأوّلين وعادتهم وأخلاقهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) يقول: دين الأوّلين.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة قوله: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) يقول: هكذا خِلْقة الأوّلين, وهكذا كانوا يحيون ويموتون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما هذا إلا كذب الأوّلين وأساطيرهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) قال: أساطير الأوّلين.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) قال: كذبهم.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) قال: إن هذا إلا أمر الأوّلين وأساطير الأوّلين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرة وأصيلا.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن عامر, عن علقمة, عن ابن مسعود: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) يقول: إن هذا إلا اختلاق الأوّلين.
قال ثنا يزيد بن هارون, قال. أخبرنا داود, عن الشعبيّ, عن علقمة, عن عبد الله, أنه كان يقرأ ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) ويقول شيء اختلقوه.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن داود, عن الشعبيّ, قال: قال علقمة: ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) قال: اختلاق الأوّلين.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب: قراءة من قرأ ( إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ ) بضم الخاء واللام, بمعنى: إن هذا إلا عادة الأوّلين ودينهم, كما قال ابن عباس, لأنهم إنما عوتبوا على البنيان الذي كانوا يتخذونه, وبطشهم بالناس بطش الجبابرة, وقلة شكرهم ربهم فيما أنعم عليهم, فأجابوا نبيّهم بأنهم يفعلون ما يفعلون من ذلك, احتذاء منهم سنة من قبلهم من الأمم, واقتفاء منهم آثارهم, فقالوا: ما هذا الذي نفعله إلا خلق الأوّلين, يعنون بالخلق: عادة الأوّلين. ويزيد ذلك بيانا وتصحيحا لما اخترنا من القراءة والتأويل, قولهم: ( وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) لأنهم لو كانوا لا يقرُّون بأن لهم ربا يقدر على تعذيبهم.
Quran Translation Sura Ash-Shu'araa aya 137
This is not but the custom of the former peoples,