أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (سورة الفرقان الآية 63)

    القرآن الكريم تفسير سورة الفرقان الآية رقم 63.
    قال اللهُ تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [الفرقان: 63].


    التفاسير للآية 63 من سورة الفرقان


    التفسير الميسر


    وعباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين، وإذا خاطبهم الجهلة السفهاء بالأذى أجابوهم بالمعروف من القول، وخاطبوهم خطابًا يَسْلَمون فيه من الإثم، ومن مقابلة الجاهل بجهله.


    تفسير ابن كثير


    وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا|||

    هذه صفات عباد الله المؤمنين ( الذين يمشون على الأرض هونا ) أي : بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار ، كما قال : ( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) [ الإسراء : 37 ] . فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح ، ولا أشر ولا بطر ، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى من التصانع تصنعا ورياء ، فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وكأنما الأرض تطوى له . وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع ، حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : ما بالك؟ أأنت مريض؟ قال : لا يا أمير المؤمنين . فعلاه بالدرة ، وأمره أن يمشي بقوة . وإنما المراد بالهون هاهنا السكينة والوقار ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " .

    وقال عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن البصري في قوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) قال : إن المؤمنين قوم ذلل ، ذلت منهم - والله - الأسماع والأبصار والجوارح ، حتى تحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ، وإنهم لأصحاء ، ولكنهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة ، فقالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن . أما والله ما أحزنهم حزن الناس ، ولا تعاظم في نفوسهم شيء طلبوا به الجنة ، أبكاهم الخوف من النار ، وإنه من لم يتعز بعزاء الله تقطع نفسه على الدنيا حسرات ، ومن لم ير لله نعمة إلا في مطعم أو في مشرب ، فقد قل علمه وحضر عذابه .

    وقوله : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) أي : إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ ، لم يقابلوهم عليه بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، ولا يقولون إلا خيرا ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، وكما قال تعالى : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) [ القصص : 55 ] .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي خالد الوالبي ، عن النعمان بن مقرن المزني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وسب رجل رجلا عنده ، قال : فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما ] إن ملكا بينكما يذب عنك ، كلما شتمك هذا قال له : بل أنت وأنت أحق به . وإذا قال له : عليك السلام ، قال : لا بل عليك ، وأنت أحق به . " إسناده حسن ، ولم يخرجوه .

    وقال مجاهد : ( قالوا سلاما ) يعني : قالوا : سدادا .

    وقال سعيد بن جبير : ردوا معروفا من القول .

    وقال الحسن البصري : ( قالوا [ سلاما ) ، قال : حلماء لا يجهلون ] ، وإن جهل عليهم حلموا . يصاحبون عباد الله نهارهم بما تسمعون ، ثم ذكر أن ليلهم خير ليل .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا|||

    يقول تعالى ذكره: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين, ولا متجبرين, ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله.

    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, غير أنهم اختلفوا, فقال بعضهم: عنى بقوله: ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) أنهم يمشون عليها بالسكينة والوقار.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: بالوقار والسكينة.

    قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن أبي الوضاح, عن عبد الكريم, عن مجاهد: ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: بالحلم والوقار.

    حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث; قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نَجيح, عن مجاهد, قوله: ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: بالوقار والسكينة.

    حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

    حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن الثوري, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) بالوقار والسكينة.

    حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: ثنا شريك, عن سالم, عن سعيد وعبد الرحمن ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قالا بالسكينة والوقار.

    حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن شريك, عن جابر, عن عمار, عن عكرمة, في قوله: ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: بالوقار والسكينة.

    قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.

    حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أيوب, عن عمرو الملائي ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: بالوقار والسكينة.

    وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم يمشون عليها بالطاعة والتواضع.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثني علي, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) بالطاعة والعفاف والتواضع.

    حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: يمشون على الأرض بالطاعة.

    حدثني أحمد بن عبد الرحمن, قال: ثني عمي عبد الله بن وهب, قال: كتب إليّ إبراهيم بن سويد, قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: التمست تفسير هذه الآية ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) فلم أجدها عند أحد, فأُتيت في النوم فقيل لي: هم الذين لا يريدون يفسدون في الأرض.

    حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن أسامة بن زيد بن أسلم, عن أبيه, قال: لا يفسدون في الأرض.

    حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: لا يتكبرون على الناس, ولا يتجبرون, ولا يفسدون. وقرأ قول الله تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

    وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم يمشون عليها بالحلم لا يجهلون على من جهل عليهم.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن أبي الأشهب, عن الحسن في ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: حلماء, وإن جُهِلَ عليهم لم يجهلوا.

    حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا الحسين, عن يزيد, عن عكرمة ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: حلماء.

    حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الحسن, في قوله: ( يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ) قال: علماء حلماء لا يجهلون.

    وقوله: ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) يقول: وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول, أجابوهم بالمعروف من القول, والسداد من الخطاب.

    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا أبو الأشهب, عن الحسن ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ) ... الآية, قال: حلماء, وإن جُهل عليهم لم يجهلوا.

    حدثنا ابن حميد, قال: ثنا ابن المبارك, عن معمر, عن يحيى بن المختار, عن الحسن, في قوله ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) قال: إن المؤمنين قوم ذُلُلٌ, ذلّت منهم والله الأسماع والأبصار والجوارح, حتى يحسبهم الجاهل مرضى, وإنهم لأصحاء القلوب, ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم, ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة, فقالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ والله ما حزنهم حزن الدنيا, ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة, أبكاهم الخوف من النار, وإنه من لم يتعز بعزاء الله تَقَطَّعَ نفسه على الدنيا حسرات, ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم ومشرب, فقد قلّ علمه وحضر عذابه.

    حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) قال: سدادا.

    حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن أبي الوضاح, عن عبد الكريم, عن مجاهد ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) قال: سَدَادا من القول.

    حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن الثوريّ, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

    حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) حلماء.

    قال: ثنا الحسين, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن أبي الأشهب, عن الحسن, قال: حلماء لا يجهلون, وإن جُهِل عليهم حلموا ولم يسفهوا، هذا نهارهم فكيف ليلهم - خير ليل - صفوا أقدامهم, وأجْرَوا دموعهم على خدودهم يطلبون إلى الله جلّ ثناؤه في فكاك رقابهم.

    قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا عبادة, عن الحسن, قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Furqaan aya 63

    And the servants of the Most Merciful are those who walk upon the earth easily, and when the ignorant address them [harshly], they say [words of] peace,

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا