ثم قال تعالى مخبرا نبيه أنه لو شاء لآتاه خيرا مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن ، فقال [ تعالى ] ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ) .
قال مجاهد : يعني : في الدنيا ، قال : وقريش يسمون كل بيت من حجارة قصرا ، سواء كان كبيرا أو صغيرا .
وقال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن خيثمة ; قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك ، ولا يعطى أحد من بعدك ، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله؟ فقال : اجمعوها لي في الآخرة ، فأنزل الله عز وجل في ذلك : ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ) .
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) خيرا مما قالوا.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) قال: مما قالوا وتمنوا لك, فيجعل لك مكان ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار.
وقال آخرون: عني بذلك المشي في الأسواق، والتماس المعاش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, فيما يرى الطبري, عن سعيد بن جُبير, أو عكرمة, عن ابن عباس قال: ثم قال: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) من أن تمشي في الأسواق، وتلتمس المعاش كما يلتمسه الناس,( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ).
قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن مجاهد في ذلك أشبه بتأويل الآية, لأن المشركين إنما استعظموا أن لا تكون له جنة يأكل منها، وأن لا يلقى إليه كنـز واستنكروا أن يمشي في الأسواق، وهو لله رسول، فالذي هو أولى بوعد الله إياه أن يكون وعدا بما هو خير مما كان عند المشركين عظيما, لا مما كان منكرا عندهم، وعني بقوله: ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) بساتين تجري في أصول أشجارها الأنهار.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) قال: حوائط.
وقوله: ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) يعني بالقصور: البيوت المبنية.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: قال أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) قال: بيوتا مبنية مشيدة, كان ذلك في الدنيا، قال: كانت قريش ترى البيت من الحجارة قصرا كائنا ما كان.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) مشيدة في الدنيا, كل هذا قالته قريش. وكانت قريش ترى البيت من حجارة ما كان صغيرا (1) قصرا.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن حبيب قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أن نعطيك من خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطى من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله تعالى، فقال: " اجمعوها لي في الآخرة "، فأنـزل الله في ذلك ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ).
------------------------
الهوامش:
(1) الظاهر أنه سقط من قلم الناسخ " أو كبيرًا" كما يفيده ما قبله . والذي في ابن كثير " صغيرًا كان أو كبيرًا "
Quran Translation Sura Al-Furqaan aya 10
Blessed is He who, if He willed, could have made for you [something] better than that - gardens beneath which rivers flow - and could make for you palaces.