ثم قال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ) يعني : طرائقه ومسالكه وما يأمر به ، ( ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ) : هذا تنفير وتحذير من ذلك ، بأفصح العبارة وأوجزها وأبلغها وأحسنها .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( خطوات الشيطان ) : عمله . وقال عكرمة : نزغاته . وقال قتادة : كل معصية فهي من خطوات الشيطان . وقال أبو مجلز : النذور في المعاصي من خطوات الشيطان .
وقال مسروق : سأل رجل ابن مسعود فقال : إني حرمت أن آكل طعاما؟ فقال : هذا من نزعات الشيطان ، كفر عن يمينك ، وكل .
وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده : هذا من نزغات الشيطان ، وأفتاه أن يذبح كبشا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حسان بن عبد الله المصري ، حدثنا السري بن يحيى ، عن سليمان التيمي ، عن أبي رافع قال : غضبت علي امرأتي فقالت : هي يوما يهودية ويوما نصرانية ، وكل مملوك لها حر ، إن لم تطلق امرأتك . فأتيت عبد الله بن عمر فقال : إنما هذه من نزغات الشيطان . وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة ، وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة ، وأتيت عاصم بن عمر ، فقال مثل ذلك .
ثم قال تعالى : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ) أي : لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ، ويزكي النفوس من شركها وفجورها ودسها وما فيها من أخلاق رديئة ، كل بحسبه ، لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيرا ( ولكن الله يزكي من يشاء ) أي : من خلقه ، ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي .
وقوله : ( والله سميع ) أي : سميع لأقوال عباده ) عليم ) بهم ، من يستحق منهم الهدى والضلال .
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه، ولا تقتفوا آثاره، بإشاعتكم الفاحشة في الذين آمنوا وإذاعتكموها فيهم وروايتكم ذلك عمن جاء به، فإن الشيطان يأمر بالفحشاء، وهي الزنا، والمنكر من القول.
وقد بَيَّنَّا معنى الخطوات والفحشاء فيما مضى بشواهده، ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
يقول تعالى ذكره: ولولا فضل الله عليكم أيها الناس ورحمته لكم، ما تَطَهَّر منكم من أحد أبدا من دنس ذنوبه وشركه، ولكن الله يطهرُ من يشاء من خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ) يقول: ما اهتدى منكم من الخلائق لشيء من الخير ينفع به نفسه، ولم يتق شيئا من الشرّ يدفعه عن نفسه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ) قال: ما زكى: ما أسلم ، وقال: كلّ شيء في القرآن من زكى أو تَزكى، فهو الإسلام.
وقوله: ( وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) يقول: والله سميع لما تقولون بأفواهكم، وتَلَقَّوْنه بألسنتكم، وغير ذلك من كلامكم، عليم بذلك كله وبغيره من أموركم، محيط به، محصيه عليكم، ليجازيكم بكل ذلك.
Quran Translation Sura An-Noor aya 21
O you who have believed, do not follow the footsteps of Satan. And whoever follows the footsteps of Satan - indeed, he enjoins immorality and wrongdoing. And if not for the favor of Allah upon you and His mercy, not one of you would have been pure, ever, but Allah purifies whom He wills, and Allah is Hearing and Knowing.