هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه - عز وجل - حين سأله فرعون عنه ، فقال : ( الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) ، ثم اعترض الكلام بين ذلك ، ثم قال : ( الذي جعل لكم الأرض مهادا ) وفي قراءة بعضهم " مهدا " أي : قرارا تستقرون عليها وتقومون وتنامون عليها وتسافرون على ظهرها ، ( وسلك لكم فيها سبلا ) أي : جعل لكم طرقا تمشون في مناكبها ، كما قال تعالى : ( وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ) [ الأنبياء : 31 ] .
( وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) أي : من ألوان النباتات من زروع وثمار ، ومن حامض وحلو ، وسائر الأنواع .
القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)
اختلف أهل التأويل في قراءة قوله (مَهْدًا) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ( الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأرْضَ مِهادًا) بكسر الميم من المِهاد وإلحاق ألف فيه بعد الهاء، وكذلك عملهم ذلك في كلّ القرآن وزعم بعض من اختار قراءة ذلك كذلك، أنه إنما اختاره من أجل أن المِهاد: اسم الموضع، وأن المهد الفعل ، قال: وهو مثل الفرش والفراش. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين (مَهْدًا) بمعنى: الذي مهد لكم الأرض مهدا.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مشهورتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب فيها.
وقوله ( وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا ) يقول: وأنهج لكم في الأرض طرقا. والهاء في قوله فيها: من ذكر الأرض.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا ) : أي طرقا.
وقوله ( وَأَنـزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) يقول: وأنـزل من السماء مطرا( فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ) وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إنعامه على خلقه بما يحدث لهم من الغيث الذي ينـزله من سمائه إلى أرضه، بعد تناهي خبره عن جواب موسى فرعون عما سأله عنه وثنائه على ربه بما هو أهله، يقول جلّ ثناؤه: فأخرجنا نحن أيها الناس بما ننـزل من السماء من ماء أزواجا، يعني ألوانا من نبات شتى، يعني مختلفة الطعوم، والأراييح والمنظر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ) يقول: مختلف.
Quran Translation Sura Taa-Haa aya 53
[It is He] who has made for you the earth as a bed [spread out] and inserted therein for you roadways and sent down from the sky, rain and produced thereby categories of various plants.