أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (سورة البقرة الآية 65)

    القرآن الكريم تفسير سورة البقرة الآية رقم 65.
    قال اللهُ تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة: 65].


    التفاسير للآية 65 من سورة البقرة


    التفسير الميسر


    ولقد علمتم -يا معشر اليهود- ما حلَّ من البأس بأسلافكم من أهل القرية التي عصت الله، فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت، فاحتالوا لاصطياد السمك في يوم السبت، بوضع الشِّباك وحفر البِرَك، ثم اصطادوا السمك يوم الأحد حيلة إلى المحرم، فلما فعلوا ذلك، مسخهم الله قردة منبوذين.


    تفسير ابن كثير


    وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ|||

    يقول تعالى : ( ولقد علمتم ) يا معشر اليهود ، ما حل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره ، إذ كان مشروعا لهم ، فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت ، بما وضعوه لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت ، فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل ، فلم تخلص منها يومها ذلك ، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت . فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة ، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر وليست بإنسان حقيقة . فكذلك أعمال هؤلاء وحيلهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن ، كان جزاؤهم من جنس عملهم . وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف ، حيث يقول تعالى : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ) [ الأعراف : 163 ] القصة بكمالها .

    وقال السدي : أهل هذه القرية هم أهل أيلة . وكذا قال قتادة ، وسنورد أقوال المفسرين هناك مبسوطة إن شاء الله وبه الثقة .

    وقوله : ( كونوا قردة خاسئين ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) قال : مسخت قلوبهم ، ولم يمسخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) [ الجمعة : 5 ] .

    ورواه ابن جرير ، عن المثنى ، عن أبي حذيفة . وعن محمد بن عمرو الباهلي ، عن أبي عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، به .

    وهذا سند جيد عن مجاهد ، وقول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وفي غيره ، قال الله تعالى : ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ) الآية [ المائدة : 60 ] .

    وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس : ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) فجعل [ الله ] منهم القردة والخنازير . فزعم أن شباب القوم صاروا قردة والمشيخة صاروا خنازير .

    وقال شيبان النحوي ، عن قتادة : ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) فصار القوم قرودا تعاوى لها أذناب بعد ما كانوا رجالا ونساء .

    وقال عطاء الخراساني : نودوا : يا أهل القرية ، ( كونوا قردة خاسئين ) فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون : يا فلان ، ألم ننهكم ؟ فيقولون برؤوسهم ، أي بلى .

    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة بالمصيصة ، حدثنا محمد بن مسلم - يعني الطائفي - عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : إنما كان الذين اعتدوا في السبت فجعلوا قردة فواقا ثم هلكوا . ما كان للمسخ نسل .

    وقال الضحاك ، عن ابن عباس : فمسخهم الله قردة بمعصيتهم ، يقول : إذ لا يحيون في الأرض إلا ثلاثة أيام ، قال : ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل . وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكرها الله في كتابه ، فمسخ [ الله ] هؤلاء القوم في صورة القردة ، وكذلك يفعل بمن يشاء كما يشاء . ويحوله كما يشاء .

    وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( كونوا قردة خاسئين ) قال : يعني أذلة صاغرين . وروي عن مجاهد ، وقتادة والربيع ، وأبي مالك ، نحوه .

    وقال محمد بن إسحاق ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس : إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم - يوم الجمعة - فخالفوا إلى السبت فعظموه ، وتركوا ما أمروا به . فلما أبوا إلا لزوم السبت ابتلاهم الله فيه ، فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره . وكانوا في قرية بين أيلة والطور ، يقال لها : مدين ؛ فحرم الله عليهم في السبت الحيتان : صيدها وأكلها . وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم ، حتى إذا ذهب السبت ذهبن ، فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا . حتى إذا كان يوم السبت أتين شرعا ، حتى إذا ذهب السبت ذهبن ، فكانوا كذلك ، حتى إذا طال عليهم الأمد وقرموا إلى الحيتان ، عمد رجل منهم فأخذ حوتا سرا يوم السبت ، فخزمه بخيط ، ثم أرسله في الماء ، وأوتد له وتدا في الساحل فأوثقه ، ثم تركه . حتى إذا كان الغد جاء فأخذه ، أي : إني لم آخذه في يوم السبت ثم انطلق به فأكله . حتى إذا كان يوم السبت الآخر ، عاد لمثل ذلك ، ووجد الناس ريح الحيتان ، فقال أهل القرية : والله لقد وجدنا ريح الحيتان ، ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل . قال : ففعلوا كما فعل ، وصنعوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم العقوبة حتى صادوها علانية وباعوها بالأسواق . فقالت طائفة منهم من أهل البقية : ويحكم ، اتقوا الله . ونهوهم عما يصنعون . فقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان ، ولم تنه القوم عما صنعوا : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ) لسخطنا أعمالهم ( ولعلهم يتقون ) [ الأعراف : 164 ] .

    قال ابن عباس : فبينما هم على ذلك أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم وفقدوا الناس فلم يرونهم قال : فقال بعضهم لبعض : إن للناس لشأنا! فانظروا ما هو . فذهبوا ينظرون في دورهم ، فوجدوها مغلقة عليهم ، قد دخلوها ليلا فغلقوها على أنفسهم ، كما يغلق الناس على أنفسهم فأصبحوا فيها قردة ، وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد ، والمرأة بعينها وإنها لقردة ، والصبي بعينه وإنه لقرد . قال : يقول ابن عباس : فلولا ما ذكر الله أنه أنجى الذين نهوا عن السوء لقلنا أهلك الجميع منهم ، قال : وهي القرية التي قال الله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) الآية [ الأعراف : 163 ] . وروى الضحاك عن ابن عباس نحوا من هذا .

    قال السدي في قوله تعالى : ( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) قال : فهم أهل أيلة ، وهي القرية التي كانت حاضرة البحر ، فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت - وقد حرم الله على اليهود أن يعملوا في السبت شيئا - لم يبق في البحر حوت إلا خرج ، حتى يخرجن خراطيمهن من الماء ، فإذا كان يوم الأحد لزمن مقل البحر ، فلم ير منهن شيء حتى يكون يوم السبت ، فذلك قوله تعالى : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم [ كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ] ) . فاشتهى بعضهم السمك ، فجعل الرجل يحفر الحفيرة ، ويجعل لها نهرا إلى البحر ، فإذا كان يوم السبت فتح النهر فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة ، فيريد الحوت أن يخرج ، فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر ، فيمكث فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه ، فجعل الرجل يشوي السمك فيجد جاره ريحه فيسأله فيخبره ، فيصنع مثل ما صنع جاره ، حتى فشا فيهم أكل السمك ، فقال لهم علماؤهم : ويحكم! إنما تصطادون يوم السبت ، وهو لا يحل لكم ، فقالوا : إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه . فقال العلماء لا ولكنكم صدتموه يوم فتحكم الماء فدخل ، قال : وغلبوا أن ينتهوا . فقال بعض الذين نهوهم لبعض : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ) يقول : لم تعظوهم ، وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم ؟ فقال بعضهم : ( معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) [ الأعراف : 164 ] فلما أبوا قال المسلمون : والله لا نساكنكم في قرية واحدة . فقسموا القرية بجدار ، ففتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا ، ولعنهم داود ، عليه السلام ، فجعل المسلمون يخرجون من بابهم ، والكفار من بابهم ، فخرج المسلمون ذات يوم ، ولم يفتح الكفار بابهم ، فلما أبطؤوا عليهم تسور المسلمون عليهم الحائط ، فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض ، ففتحوا عنهم ، فذهبوا في الأرض ، فذلك قول الله تعالى : ( فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) [ الأعراف : 166 ] وذلك حين يقول : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ) [ المائدة : 78 ] . فهم القردة .

    قلت : والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد ، رحمه الله ، من أن مسخهم إنما كان معنويا لا صوريا بل الصحيح أنه معنوي صوري ، والله أعلم .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ

    قال أبو جعفر: يعني بقوله: (ولقد علمتم)، ولقد عرفتم. (46) كقولك: " قد علمت أخاك ولم أكن أعلمه ", يعني عرفته، ولم أكن أعرفه, كما قال جل ثناؤه: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [ الأنفال: 60]، يعني: لا تعرفونهم الله يعرفهم.

    * * *

    وقوله: (الذين اعتدوا منكم في السبت)، أي الذين تجاوزوا حدي، وركبوا ما نهيتهم عنه في يوم السبت، وعصوا أمري.

    وقد دللت -فيما مضى- على أن " الاعتداء "، أصله تجاوز الحد في كل شيء. بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (47)

    * * *

    قال أبو جعفر: وهذه الآية وآيات بعدها تتلوها, مما عدد جل ثناؤه فيها على بني إسرائيل - الذين كانوا بين خلال دور الأنصار زمان النبي صلى الله عليه وسلم، الذين ابتدأ بذكرهم في أول هذه السورة من نكث أسلافهم عهد الله وميثاقه - (48) ما كانوا يبرمون من العقود, وحذر المخاطبين بها أن يحل بهم - بإصرارهم على كفرهم، ومقامهم على جحود نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم اتباعه والتصديق بما جاءهم به من عند ربه - مثل الذي حل بأوائلهم من المسخ والرجف والصعق, وما لا قبل لهم به من غضب الله وسخطه. كالذي:-

    1138 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت) يقول: ولقد عرفتم. وهذا تحذير لهم من المعصية. يقول: احذروا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت، إذ عصوني, اعتدوا - يقول: اجترؤوا - في السبت. قال: لم يبعث الله نبيا إلا أمره بالجُمعة ، ص[ 2-168 ] وأخبره بفضلها وعظمها في السموات وعند الملائكة, وأن الساعة تقوم فيها. فمن اتبع الأنبياء فيما مضى كما اتبعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم محمدا، قبل الجمعة وسمع وأطاع، وعرف فضلها وثبت عليها، كما أمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم. (49) ومن لم يفعل ذلك، كان بمنـزلة الذين ذكر الله في كتابه فقال: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ". وذلك أن اليهود قالت لموسى - حين أمرهم بالجمعة، وأخبرهم بفضلها -: يا موسى، كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام كلها, والسبت أفضل الأيام كلها، لأن الله خلق السموات والأرض والأقوات في ستة أيام، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت, (50) وكان آخر الستة؟ قال: وكذلك قالت النصارى لعيسى ابن مريم - حين أمرهم بالجمعة - قالوا له: كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها, والأول أفضل, والله واحد, والواحد الأول أفضل؟ فأوحى الله إلى عيسى: أن دعهم والأحد, ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا. - مما أمرهم به. فلم يفعلوا, فقص الله تعالى قصصهم في الكتاب بمعصيتهم. قال: وكذلك قال الله لموسى - حين قالت له اليهود ما قالوا في أمر السبت -: أن دعهم والسبت، فلا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره, ولا يعملوا شيئا كما قالوا. قال: فكان إذا كان السبت ظهرت الحيتان على الماء، فهو قوله: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا [ الأعراف: 163]، يقول: ظاهرة على الماء, ذلك لمعصيتهم موسى - وإذا كان غير يوم السبت، صارت صيدا كسائر الأيام فهو قوله: وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [ الأعراف: 163]. ففعلت الحيتان ذلك ما شاء الله. فلما رأوها كذلك، طمعوا في أخذها وخافوا العقوبة, فتناول بعضهم ص[ 2-169] ٍ منها فلم تمتنع عليه, وحذر العقوبة التي حذرهم موسى من الله تعالى. فلما رأوا أن العقوبة لا تحل بهم، عادوا، وأخبر بعضهم بعضا بأنهم قد أخذوا السمك ولم يصبهم شيء, فكثَّروا في ذلك، وظنوا أن ما قال لهم موسى كان باطلا. وهو قول الله جل ثناؤه: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " - يقول: لهؤلاء الذين صادوا السمك - فمسخهم الله قردة بمعصيتهم. يقول: إذًا لم يحيوا في الأرض إلا ثلاثة أيام. [ قال: ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام] (51) ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل. وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكر الله في كتابه. فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردة, وكذلك يفعل بمن شاء، كما يشاء, ويحوله كما يشاء.

    1139 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثنا محمد بن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة مولى ابن عباس قال: قال ابن عباس: إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم -يوم الجمعة-. فخالفوا إلى السبت فعظموه، وتركوا ما أمروا به. فلما أبوا إلا لزوم السبت، ابتلاهم الله فيه, فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره. وكانوا في قرية بين أيلة والطور يقال لها " مدين ". فحرم الله عليهم في السبت الحيتان: صيدها وأكلها. وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم, حتى إذا ذهب السبت ذهبن, فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا. حتى إذا كان يوم السبت أتين إليهم شرعا, حتى إذا ذهب السبت ذهبن. فكانوا كذلك, حتى إذا طال عليهم الأمد وقَرِموا إلى الحيتان, (52) عمد رجل منهم فأخذ حوتا سرا يوم السبت، فخزمه بخيط, ثم أرسله في الماء, وأوتد له وتدا في الساحل فأوثقه، ثم تركه. حتى إذا كان الغد، جاء فأخذه - أي: إني لم آخذه في ص[ 2-170 ٍ يوم السبت - ثم انطلق به فأكله. حتى إذا كان يوم السبت الآخر، عاد لمثل ذلك، ووجد الناس ريح الحيتان، فقال أهل القرية: والله لقد وجدنا ريح الحيتان! ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل. (53) قال: ففعلوا كما فعل, وأكلوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم بعقوبة، حتى صادوها علانية وباعوها بالأسواق. وقالت طائفة منهم من أهل البقيّة: (54) ويحكم! اتقوا الله! ونهوهم عما كانوا يصنعون. وقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان، ولم تنه القوم عما صنعوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ لسخطنا أعمالهم - وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ الأعراف: 164]، قال ابن عباس: فبينما هم على ذلك، أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم, وفقدوا الناس فلا يرونهم. فقال بعضهم لبعض: إن للناس لشأنا! فانظروا ما هو! فذهبوا ينظرون في دورهم, فوجدوها مغلقة عليهم, قد دخلوا ليلا فغلقوها على أنفسهم، كما يغلق الناس على أنفسهم, فأصبحوا فيها قردة, وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد, والمرأة بعينها وإنها لقردة, والصبي بعينه وإنه لقرد. قال: يقول ابن عباس: فلولا ما ذكر الله أنه أنجى الذين نهوا عن السوء، لقلنا أهلك الجميع منهم. قالوا: وهي القرية التي قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ الآية [ الأعراف: 163] .

    1140 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة ص[ 2-171 ] خاسئين): أحلت لهم الحيتان، وحرمت عليهم يوم السبت بلاء من الله، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. فصار القوم ثلاثة أصناف: فأما صنف فأمسك ونهى عن المعصية, وأما صنف فأمسك عن حرمة الله، وأما صنف فانتهك حرمة الله ومرد على المعصية. فلما أبوا إلا الاعتداء إلى ما نهوا عنه, قال الله لهم: كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فصاروا قردة لها أذناب, تعاوى بعد ما كانوا رجالا ونساء.

    1141 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت)، قال: نهوا عن صيد الحيتان يوم السبت, فكانت تشرع إليهم يوم السبت, وبلوا بذلك، فاعتدوا فاصطادوها, فجعلهم الله قردة خاسئين.

    1142 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " قال: فهم أهل " أيلة ", وهي القرية التي كانت حاضرة البحر، فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت - وقد حرم الله على اليهود أن يعملوا في السبت شيئا - لم يبق في البحر حوت إلا خرج، حتى يخرجن خراطيمهن من الماء. فإذا كان يوم الأحد لزمن سُفل البحر فلم ير منهن شيء حتى يكون يوم السبت. فذلك قوله: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [ الأعراف: 163]، فاشتهى بعضهم السمك, فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر. فإذا كان يوم السبت فتح النهر, فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة. ويريد الحوت أن يخرج، فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر, فيمكث [فيها]. (55) فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه. فجعل الرجل يشوي ص[ 2-172 ]السمك, فيجد جاره ريحه, فيسأله فيخبره، فيصنع مثل ما صنع جاره. حتى إذا فشا فيهم أكل السمك، قال لهم علماؤهم: ويحكم! إنما تصطادون السمك يوم السبت وهو لا يحل لكم! فقالوا: إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه, فقال الفقهاء: لا ولكنكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل. فقالوا: لا! وعتوا أن ينتهوا. فقال بعض الذين نهوهم لبعض: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا [ الأعراف: 164]، يقول: لم تعظونهم، وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم؟ فقال بعضهم: مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ الأعراف: 164]. فلما أبوا قال المسلمون: والله لا نساكنكم في قرية واحدة. فقسموا القرية بجدار, ففتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا, ولعنهم داود. فجعل المسلمون يخرجون من بابهم والكفار من بابهم. فخرج المسلمون ذات يوم، ولم يفتح الكفار بابهم. فلما أبطئوا عليهم، تسور المسلمون عليهم الحائط, فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض, ففتحوا عنهم، فذهبوا في الأرض. فذلك قول الله عز وجل: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [ الأعراف: 166]، فذلك حين يقول: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [ المائدة: 78]، فهم القردة.

    1143 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " . قال: لم يمسخوا، إنما هو مثل ضربه الله لهم، مثل ما ضرب مثل الحمار يحمل أسفارا (56) .

    1144 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ص[ 2-173 ] ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ". قال: مسخت قلوبهم, ولم يمسخوا قردة, وإنما هو مثل ضربه الله لهم، كمثل الحمار يحمل أسفارا.

    * * *

    قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله مجاهد، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف. (57) وذلك أن الله أخبر في كتابه أنه جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت, (58) كما أخبر عنهم أنهم قالوا لنبيهم: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [ النساء: 153]، وأن الله تعالى ذكره أصعقهم عند مسألتهم ذلك ربهم، وأنهم عبدوا العجل, فجعل توبتهم قتل أنفسهم, وأنهم أمروا بدخول الأرض المقدسة فقالوا لنبيهم: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [ المائدة: 24] فابتلاهم بالتيه. فسواء قائل قال: (59) هم لم يمسخهم قردة, وقد أخبر جل ذكره أنه جعل منهم قردة وخنازير - وآخر قال: لم يكن شيء مما أخبر الله عن بني إسرائيل أنه كان منهم - من الخلاف على أنبيائهم، والنكال والعقوبات التي أحلها الله بهم. (60) ومن أنكر شيئا من ذلك وأقر بآخر منه, سئل البرهان على قوله، وعورض -فيما أنكر من ذلك- بما أقر به, ثم يسأل الفرق من خبر مستفيض أو أثر صحيح.

    هذا مع خلاف قول مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نقلته مجمعة عليه. وكفى دليلا على فساد قول، إجماعها على تخطئته.

    * * *

    ص[ 2-174 ]

    القول في تأويل قوله تعالى : فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)

    قال أبو جعفر: يعني بقوله: (فقلنا لهم) أي: فقلنا للذين اعتدوا في السبت - يعني في يوم السبت.

    * * *

    وأصل " السبت " الهدوّ والسكون في راحة ودعة, ولذلك قيل للنائم " مسبوت " لهدوّه وسكون جسده واستراحته, كما قال جل ثناؤه: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا [ النبأ: 9] أي راحة لأجسادكم. وهو مصدر من قول القائل: " سبت فلان يسبت سبتا ".

    وقد قيل: إنه سمي" سبتا "، لأن الله جل ثناؤه فرغ يوم الجمعة - وهو اليوم الذي قبله - من خلق جميع خلقه.

    * * *

    وقوله: (كونوا قردة خاسئين)، أي: صيروا كذلك.

    * * *

    و " الخاسئ" المبعد المطرود، كما يخسأ الكلب يقال منه: " خسأته أخسؤه خسأ وخسوءا, وهو يخسأ خسوءا ". قال: ويقال: " خسأته فخسأ وانخسأ ". ومنه قول الراجز:

    كالكلـب إن قلـت له اخســأ انخســأ (61)

    يعني: إن طردته انطرد ذليلا صاغرا.

    فكذلك معنى قوله: (كونوا قردة خاسئين) أي، مبعدين من الخير أذلاء صغراء، (62) كما:-

    1145 - حدثنا محمد بن بشار, (63) قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (كونوا قردة خاسئين) قال: صاغرين.

    1146 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان, عن رجل, عن مجاهد مثله.

    1147 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.

    1148 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة: (خاسئين)، قال: صاغرين.

    1149 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: (كونوا قردة خاسئين)، أي أذلة صاغرين.

    1150 - وحدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: خاسئا، يعني ذليلا.

    ---------------------

    الهوامش :

    (46) سيأتي دليل هذا من تفسير ابن عباس في رقم : 1138 .

    (47) انظر ما مضى من هذا الجزء : 2 : 142 .

    (48) سياق عبارته : مما عدد الله على بني إسرائيل . . . ما كانوا يبرمون من العقود" ، وما بينهما فصل بصفة"بني إسرائيل" .

    (49) في المطبوعة : "بما أمره الله تعالى به ونبيه صلى الله عليه وسلم" ، وهي جملة غير صحيحة ، صححتها كما ترى .

    (50) سبت : سكن ، وقولهم : "سبت له" ، يريدون : خشع له وانقطع عن كل عمل إلا عبادته سبحانه وانظر ما سيأتي ص : 174 .

    (51) هذه الزيادة من تفسير ابن كثير 1 : 193 ، والدر المنثور 1 : 75 ، وهي زيادة لا بد منها . وفي المطبوعة بعدها؛"ولم تأكل ولم تشرب ، ولم تنسل" خطأ .

    (52) القرم : شدة الشهوة إلى اللحم ، قرم يقرم (بفتح الراء) قرما (بفتحتين) .

    (53) عثر على الأمر : اطلع عليه وكان خافيا . وفي المطبوعة : "على ما صنع" ، وأثبت نص ابن كثير في التفسير 1 : 194 .

    (54) في المطبوعة : "من أهل التقية" ، وهو خطأ محض . أهل البقية : هم أهل التمييز والفهم ، يبقون على أنفسهم بطاعة الله ، وبتمسكهم بالدين المرضي . وفلان بقية : فيه فضل وخير فيما يمدح به وسيأتي بعد على الصواب . وقال الله تعالى : ( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ) [سورة هود : 116] .

    (55) الزيادة من تفسير ابن كثير 1 : 195 .

    (56) سورة الجمعة: 54 .

    (57) انظر معنى"ظاهر" فيما سلف 2 : 15 والمراجع .

    (58) سورة المائدة : 60 .

    (59) في المطبوعة : "فسواء قال قائل" ، وسياق العبارة يقتضي التقديم . لقوله"وآخر قال" .

    (60) في المطبوعة : "والعقوبات والأنكال" ، ليس صوابا . والنكال : العذاب الشديد يكون عبرة للناس حتى ينكلوا عن شيء ويخافوه . وأما"الأنكال" فجمع نكل : وهو القيد .

    (61) لسان العرب : (خسأ) ، وروايته : "إن قيل له" .

    (62) صاغر ، جمعه صغرة (بفتحات) . وهذا ما نصوا عليه ، ولم أجد"صغراء" على وزن جهلاء ، وهو جمع في بعض الصفات التي على وزن"فاعل" ، مثل شاعر وشعراء ، وعالم وعلماء . فهم يشبهون"فاعلا" بـ "فعيل" نحو كريم وكرماء ، فيجمعونه كجمعه .

    (63) في المطبوعة"حدثنا بشار" وهو خطأ لا شك فيه ، وأقرب إسناد مثله مر بنا هو رقم : 1062 .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Baqara aya 65

    And you had already known about those who transgressed among you concerning the sabbath, and We said to them, "Be apes, despised."

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا