أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (سورة البقرة الآية 40)

    القرآن الكريم تفسير سورة البقرة الآية رقم 40.
    قال اللهُ تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة: 40].


    التفاسير للآية 40 من سورة البقرة


    التفسير الميسر


    يا ذرية يعقوب اذكروا نعمي الكثيرة عليكم، واشكروا لي، وأتموا وصيتي لكم: بأن تؤمنوا بكتبي ورسلي جميعًا، وتعملوا بشرائعي. فإن فعلتم ذلك أُتمم لكم ما وعدتكم به من الرحمة في الدنيا، والنجاة في الآخرة. وإيَّايَ -وحدي- فخافوني، واحذروا نقمتي إن نقضتم العهد، وكفرتم بي.


    تفسير ابن كثير


    يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ|||

    يقول تعالى آمرا بني إسرائيل بالدخول في الإسلام ، ومتابعة محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام ، ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل ، وهو نبي الله يعقوب ، عليه السلام ، وتقديره : يا بني العبد الصالح المطيع لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق ، كما تقول : يا ابن الكريم ، افعل كذا . يا ابن الشجاع ، بارز الأبطال ، يا ابن العالم ، اطلب العلم ، ونحو ذلك .

    ومن ذلك أيضا قوله تعالى : ( ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ) [ الإسراء : 3 ] فإسرائيل هو يعقوب عليه السلام ، بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، قال : حدثني عبد الله بن عباس قال : حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب ؟ . قالوا : اللهم نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اشهد وقال الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن عمير مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عباس أن إسرائيل كقولك : عبد الله .

    وقوله تعالى : ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) قال مجاهد : نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمى وفيما سوى ذلك ، فجر لهم الحجر ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وأنجاهم من عبودية آل فرعون .

    وقال أبو العالية : نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل ، وأنزل عليهم الكتب .

    قلت : وهذا كقول موسى عليه السلام لهم : ( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) [ المائدة : 20 ] يعني في زمانهم .

    وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) أي : بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) قال : بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم . ( أوف بعهدكم ) أي : أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه ، بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من إحداثكم .

    [ وقال الحسن البصري : هو قوله : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) الآية [ المائدة : 12 ] . وقال آخرون : هو الذي أخذه الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع الشعوب ، والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم فمن اتبعه غفر له ذنبه وأدخل الجنة وجعل له أجران . وقد أورد فخر الدين الرازي هاهنا بشارات كثيرة عن الأنبياء عليهم السلام بمحمد صلى الله عليه وسلم ] .

    وقال أبو العالية : ( وأوفوا بعهدي ) قال : عهده إلى عباده : دينه الإسلام أن يتبعوه .

    وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( أوف بعهدكم ) قال : أرض عنكم وأدخلكم الجنة .

    وكذا قال السدي ، والضحاك ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس .

    وقوله : ( وإياي فارهبون ) أي : فاخشون ؛ قاله أبو العالية ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وقتادة .

    وقال ابن عباس في قوله تعالى : ( وإياي فارهبون ) أي أنزل بكم ما أنزل بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره .

    وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب ، فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة ، لعلهم يرجعون إلى الحق واتباع الرسول والاتعاظ بالقرآن وزواجره ، وامتثال أوامره ، وتصديق أخباره ، والله الهادي لمن يشاء إلى صراطه المستقيم




    تفسير ابن جرير الطبري


    يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ|||

    القول في تأويل قوله تعالى ذكره: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

    قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " يا بني إسرائيل " ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن (16) وكان يعقوب يدعى " إسرائيل "، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه. و " إيل " هو الله، و " إسرا " هو العبد، كما قيل: " جبريل " بمعنى عبد الله. وكما:-

    798- حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء، عن عُمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أن إسرائيل كقولك: عبد الله. (17)

    799- وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، قال: " إيل "، الله بالعبرانية. (18)

    وإنما خاطب الله جل ثناؤه بقوله: " يا بني إسرائيل " أحبارَ اليهود من بني إسرائيل، الذين كانوا بين ظَهرانَيْ مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسبهم جل ذكره إلى يعقوب، كما نسب ذرية آدم إلى آدم، فقال: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [سورة الأعراف: 31] وما أشبه ذلك. وإنما خصّهم بالخطاب في هذه الآية والتي بعدها من الآي التي ذكَّرهم فيها نعمَه -وإن كان قد تقدّم ما أنـزل فيهم وفي غيرهم في أول هذه السورة ما قد تقدم- أن الذي احتج به من الحجج والآيات التي فيها أنباء أسلافهم، وأخبارُ أوائلهم، وَقصَصُ الأمور التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم، ليس عند غيرهم من العلم بصحته وحقيقته مثلُ الذي لهم من العلم به، إلا لمن اقتبس علم ذلك منهم. فعرَّفهم بإطلاع محمّد على علمها- مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها، وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم درَاسةَ الكتب التي فيها أنباء ذلك (19) - أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يَصلْ إلى علم ذلك إلا بوحي من الله وتنـزيلٍ منه ذلك إليه - لأنهم من عِلْم صحة ذلك بمحلّ ليس به من الأمم غيرهم، فلذلك جل ثناؤه خص بقوله: " يا بني إسرائيل " خطابهم كما:-

    800- حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قوله: " يا بني إسرائيل "، قال: يا أهل الكتاب، للأحبار من يهود (20) .

    القول في تأويل قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ

    قال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جلّ ذكره، اصطفاؤه منهم الرسلَ، وإنـزاله عليهم الكتب، واستنقاذُه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضَّرَّاء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض، وتفجير عيون الماء من الحجر، وإطعام المنّ والسلوى. فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلَف منه إلى آبائهم على ذُكْر، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم، فيحلّ بهم من النقم ما أحلّ بمن نسي نعمَه عنده منهم وكفرها، وجحد صنائعه عنده. كما:-

    801- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " اذكروا نعمتِي التي أنعمتُ عليكم "، أي آلائي عندكم وعند آبائكم، لما كان نجّاهم به من فرعون وقومه (21) .

    802- وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: " اذكروا نعمتي"، قال: نعمتُه أنْ جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنـزل عليهم الكتب (22) .

    803- وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم "، يعني نعمتَه التي أنعم على بني إسرائيل، فيما سمى وفيما سوَى ذلك: فجَّر لهم الحجر، وأنـزل عليهم المنّ والسلوى، وأنجاهم من عبودية آل فرعون (23) .

    804- وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " نعمتي التي أنعمت عليكم " قال: نعمه عامة، ولا نعمةَ أفضلُ من الإسلام، والنعم بعدُ تبع لها، وقرأ قول الله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (24) [سورة الحجرات: 17]

    وتذكيرُ الله الذين ذكّرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، نظيرُ تذكير موسى صلوات الله عليه أسلافَهم على عهده، الذي أخبر الله عنه أنه قال لهم، وذلك قوله: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [سورة المائدة: 20].

    القول في تأويل قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40)

    قال أبو جعفر: قد تقدم بياننا فيما مضى -عن معنى العهد- من كتابنا هذا (25) ، واختلاف المختلفين في تأويله، والصوابُ عندنا من القول فيه (26) . وهو في هذا الموضع: عهدُ الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة، أن يبيِّنوا للناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسولٌ، وأنهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة أنه نبيّ الله، وأن يؤمنوا به وبما جاء به من عند الله.

    " أوف بعهدكم ": وعهدُه إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة، كما قال جل ثناؤه: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [سورة المائدة: 12]، وكما قال: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْـزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (27) [سورة الأعراف: 156-157].

    805- وكما حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وأوفوا بعهدي" الذي أخذتُ في أعناقكم للنبِيّ محمد إذا جاءكم، (28) " أوف بعهدكم "، أي أنجزْ لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه، بوضع ما كان عليكم من الإصْر والأغلال التي كانت في أعْناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم (29) .

    806- وحدثنا المثنى، قال: حدثنا آدم، قال حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: " أوْفوا بعهدي أوفِ بعهدكم "، قال: عهدُه إلى عباده، دينُ الإسلام أن يتبعوه،" أوف بعهدكم "، يعني الجنة (30) .

    807- وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم ": أما " أوفوا بعهدي"، فما عهدت إليكم في الكتاب. وأما " أوف بعهدكم " فالجنة، عهدتُ إليكم أنكم إن عملتم بطاعتي أدخلتكم الجنة (31) .

    808- وحدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: " وأفوا بعهدي أوف بعهدكم "، قال: ذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا إلى آخر الآية [سورة المائدة: 12]. فهذا عهدُ الله الذي عهد إليهم، وهو عهد الله فينا، فمن أوفى بعهد الله وفَى الله له بعهده (32) .

    809- وحُدِّثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم "، يقول: أوفوا بما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره،" أوف بعهدكم "، يقول: أرض عنكم وأدخلكم الجنة (33) .

    810- وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم "، قال: أوفوا بأمري أوفِ بالذي وعدتكم، وقرأ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ حتى بلغ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [سورة التوبة: 111]، قال: هذا عهده الذي عهده لهم (34) .

    * * *

    القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)

    قال أبو جعفر: وتأويل قوله: " وإياي فارهبون "، وإياي فاخْشَوْا - واتَّقُوا أيها المضيّعون عهدي من بني إسرائيل، والمكذبون رسولي الذي أخذتُ ميثاقكم - فيما أنـزلتُ من الكتُب على أنبيائي -أن تؤمنوا به وتتبعوه- أن أُحِلّ بكمْ من عقوبتي، إن لم تنيبوا وتتوبوا إليّ باتباعه والإقرار بما أنـزلت إليه، ما أحللتُ بمن خالف أمري وكذّب رُسلي من أسلافكم. كما:-

    811- حدثني به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وإيايَ فارهبون "، أن أنـزل بكم ما أنـزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النَّقِمات التي قد عرفتم، من المسخ وغيره. (35)

    812- وحدثنا المثنى بن إبراهيم، قال: حدثني آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: " وإياي فارهَبُون "، يقول: فاخشَوْن.

    813- وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " وإياي فارهبون "، يقول: وإياي فاخشون. (36)

    -------------

    الهوامش :

    (16) في المطبوعة : "يا ولد يعقوب . . . " بزيادة النداء" .

    (17) الخبر : 798- في ابن كثير 1 : : 149 ، والدر المنثور 1 : 63 . وهذا إسناد صحيح . إسماعيل بن رجاء بن ربيعة : ثقة ، أخرج له مسلم في صحيحه . عمير مولى ابن عباس : هو عمير بن عبد الله الهلالي ، مولى أم الفضل ، وقد ينسب إلى ولاء زوجها"العباس" ، كما ورد في إسناد حديث آخر في المسند : 77 ، وقد ينسب إلى ولاء بعض أولادها ، كما في هذا الإسناد . وهو تابعي ثقة ، ترجمه ابن أبي حاتم 3/1/380 ، وأخرج له الشيخان وغيرهما .

    (18) الأثر : 799- في الدر المنثور 1 : 63 . و"المنهال" : هو ابن عمرو الأسدي . و"عبد الله بن الحارث" : هو الأنصاري البصري أبو الوليد ، وهو تابعي ثقة .

    (19) قوله : "وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب . . . " ، هو كما نقول اليوم في عبارتنا المحدثة : "وعدم مزاولة محمد . . . " . قال الجاحظ في البيان والتبيين 1 : 285 : "واستجار عون ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، بمحمد بن مروان بنصيبين ، وتزوج بها امرأة فقال محمد : كيف ترى نصيبين؟ قال : "كثيرة العقارب ، قليلة الأقارب" . يريد بقوله : "قليلة" ، كقول القائل : "فلان قليل الحياء" ، وليس يريد أن هناك حياء وإن قل . يضعون : "قليلا ، في موضع"ليس" . انتهى .

    قلت : ومنه قول دريد بن الصمة في أخيه :

    قَلِيــلُ التَّشَـكِّي للمصيبـات, حـافظٌ

    مِـنَ الْيَـوْمِ أعقـابَ الأحاديث في غَدِ

    وسيأتي قول الطبري في تفسير قوله تعالى من (سورة البقرة : 88)"فقليلا ما يؤمنون" : (1 : 324 ، بولاق) : "وإنما قيل : فقليلا ما يؤمنون ، وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : "قلما رأيت مثل هذا قط" . وقد روى عنها سماعًا منها : "مررت ببلاد قلما تنبت إلا الكراث والبصل" ، يعني ما تنبت غير الكراث والبصل ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي ينطق به بوصف الشيء بالقلة ، والمعنى فيه نفي جميعه" ، انتهى .

    وفي الحديث : "إنه كان يقل اللغو" أي لا يلغو أصلا ، قال ابن الأثير : وهذا اللفظ يستعمل في نفي أصل الشيء (اللسان : قلل) .

    ولولا زمان فسد فيه اللسان ، وقل الإيمان ، واشتدت بالمتهجمين الجرأة على تفسير الكلمات ، وتصيد الشبهات - ولولا أن يقول قائل فيفتري على الطبري أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدارس كتب أهل الكتاب ، لكنت في غنى عن مثل هذه الإطالة .

    (20) الأثر 800- في الدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 بتمامه . وسيأتي تمامه في الأثر التالي .

    (21) الأثر : 801- من تمام الأثر السالف ، المراجع السالفة ، وابن كثير 1 : 149 .

    (22) الأثر : 802- في ابن كير 1 : 149 .

    (23) الأثر : 803- في ابن كثير 1 : 149 وفيه : "وفيما سوى ذلك : أن فجر" ، بالزيادة .

    (24) الأثر : 804- لم أجده في مكان .

    (25) انظر ما مضى : 410-415 .

    (26) في المطبوعة : "قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا . . . " ، غيروه ليستقيم الكلام على ما ألفوه .

    (27) في الأصول : " . . . اثنى عشر نقيبًا ، الآية" . و"النبي الأمي ، الآية" . وآثرنا إتمام الآيتين ، كما جرينا عليه فيما سلف ، وفيما سيأتي .

    (28) في المطبوعة : " . . . للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم . . . " ، وفي المراجع الأخرى .

    (29) الأثر : 805- من تمام الأثر السالف رقم : 800 ، ورقم 801 ، ومراجعه ما سلف .

    (30) الأثر : 806- في ابن كثير 1 : 150 .

    (31) الأثر : 807- في ابن كثير 1 : 150 تضمينًا .

    (32) الأثر : 808- لم أجده بنصه في مكان .

    (33) الأثر : 809- في ابن كثير 1 : 150 ، الدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 .

    (34) الأثر : 810- لم أجده في مكان .

    (35) الأثر : 811- من تمام الآثار السالفة الأرقام : 800 ، 801 ، 805 . وابن كثير 1 : 150 من تمام ما سلف في ص 149 . المراجع المذكورة .

    (36) الأثر : 813- في ابن كثير 1 : 150 .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Baqara aya 40

    O Children of Israel, remember My favor which I have bestowed upon you and fulfill My covenant [upon you] that I will fulfill your covenant [from Me], and be afraid of [only] Me.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا