أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (سورة البقرة الآية 201)

    القرآن الكريم تفسير سورة البقرة الآية رقم 201.
    قال اللهُ تعالى: وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].


    التفاسير للآية 201 من سورة البقرة


    التفسير الميسر


    ومن الناس فريق مؤمن يقول في دعائه: ربنا آتنا في الدنيا عافية ورزقًا وعلمًا نافعًا، وعملا صالحًا، وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، وفي الآخرة الجنة، واصرف عنَّا عذاب النار. وهذا الدعاء من أجمع الأدعية، ولهذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في الصحيحين.


    تفسير ابن كثير


    وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ|||

    فقال : ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا ، وصرفت كل شر ، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي ، من عافية ، ودار رحبة ، وزوجة حسنة ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ومركب هنيء ، وثناء جميل ، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ، ولا منافاة بينها ، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا . وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات ، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة ، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا ، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام .

    وقال القاسم بن عبد الرحمن : من أعطي قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وجسدا صابرا ، فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، ووقي عذاب النار .

    ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء . فقال البخاري : حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز ، عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم ربنا ، آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ] : " اللهم ربنا ، آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار " .

    [ وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه ] .

    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد السلام بن شداد يعني أبا طالوت قال : كنت عند أنس بن مالك ، فقال له ثابت : إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم . فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار . وتحدثوا ساعة حتى إذا أرادوا القيام ، قال : يا أبا حمزة ، إن إخوانك يريدون القيام فادع لهم فقال : تريدون أن أشقق لكم الأمور ، إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله .

    وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، [ وعبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا حميد ] عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه ؟ " قال : نعم ، كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله ! لا تطيقه ، أو لا تستطيعه ، فهلا قلت : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) " . قال : فدعا الله ، فشفاه .

    انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه من حديث ابن أبي عدي به .

    وقال الإمام الشافعي : أخبرنا سعيد بن سالم القداح ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد مولى السائب عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والركن الأسود : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . ورواه الثوري عن ابن جريج كذلك .

    وروى ابن ماجه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو ذلك . وفي سنده ضعف والله أعلم .

    وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي ، أخبرنا أحمد بن القاسم بن مساور ، حدثنا سعيد بن سليمان ، عن إبراهيم بن سليمان ، عن عبد الله بن هرمز ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكا يقول : آمين . فإذا مررتم عليه فقولوا : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)

    قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى " الحسنة " التي ذكر الله في هذا الموضع.

    فقال بعضهم. يعني بذلك: ومن الناس مَن يقول: ربَّنا أعطنا عافية في الدنيا وعافية في الآخرة.

    * ذكر من قال ذلك:

    3876 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرازق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً"، قال: في الدنيا عافيةً، وفي الآخرة عافية. قال قتادة: وقال رجل: " اللهم ما كنتَ معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا "، فمرض مرضًا حتى أضنى على فراشه، (113) فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم شأنُه، فأتاه النبي عليه السلام، فقيل له: إنه دعا بكذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا طاقة لأحد بعقوبه الله، ولكن قُل: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة وقنا عَذاب النار ". فقالها، فما لبث إلا أيامًا= أو: يسيرًا =حتى بَرَأ.

    3877 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سعيد بن الحكم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: عاد رَسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرْخ المنتوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء؟- أو تسأل الله شيئًا؟ قال: قلت: " اللهم ما كنت مُعاقبي به في الآخرة فعاقبني به في الدنيا!". قال: سبحان الله! هل يستطيع ذلك أحد أو يطيقه؟ فهلا قلت: " اللهم آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذاب النار؟". (114)

    * * *

    وقال آخرون: بل عَنى الله عز وجل بـ " الحسنة " - في هذا الموضع- في الدنيا، العلمَ والعبادة، وفي الآخرة: الجنة.

    * ذكر من قال ذلك:

    3878 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا عباد، عن هشام بن حسان، عن الحسن: " ومنهم من يقول رَبنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: العلمُ والعبادةُ، وفي الآخرة: الجنة.

    3879 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الحسن في قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذابَ النار "، قال: العبادة في الدنيا، والجنة في الآخرة.

    3880 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقد العطار، قال: حدثنا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن في قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: الفهمُ في كتاب الله والعلم.

    3881 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت سفيان الثوري يقول[في] هذه الآية: " ربنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، قال: الحسنة في الدنيا: العلمُ والرزق الطيب، وفي الآخرة حَسنة الجنة.

    * * *

    وقال آخرون: " الحسنة " في الدنيا: المال، وفي الآخرة: الجنة.

    * ذكر من قال ذلك:

    3882 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: " ومنهم مَنْ يقول رَبنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "، قال: فهؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون.

    3883 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي" ومنهم من يَقول رَبنا آتنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنة "، هؤلاء المؤمنون; أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حَسنة الآخرة فالجنة.

    * * *

    قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الإيمان به وبرسوله، ممن حجَّ بَيته، يسألون ربهم الحسنة في الدنيا، والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار. وقد تجمع " الحسنةُ" من الله عز وجل العافيةَ في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك، والعلم والعبادة.

    وأما في الآخرة، فلا شك أنها الجَّنة، لأن من لم يَنلها يومئذ فقد حُرم جميع الحسنات، وفارق جميع مَعاني العافية.

    وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالآية، لأن الله عز وجل لم يخصص بقوله - مخبرًا عن قائل ذلك- من معاني" الحسنة " شيئًا، ولا نصب على خُصوصه دلالة دالَّةً على أن المراد من ذلك بعض دون بعض، فالواجب من القول فيه ما قلنا: من أنه لا يجوز أن يُخَصّ من معاني ذلك شيء، وأن يحكم له بعمومه على ما عَمَّه الله.

    * * *

    وأما قوله: " وقنا عذاب النار "، فإنه يعني بذلك: اصرف عنا عَذاب النار.

    * * *

    ويقال منه: " وقيته كذا أقيه وِقاية وَوَقاية ووِقاء " ، ممدودًا، وربما قالوا: " وقاك الله وَقْيًا " ، إذا دفعت عنه أذى أو مكروهًا.

    --------------------

    الهوامش :

    (113) أضنى الرجل : إذا لزم الفراش من الضنى وهو شدة المرض حتى ينحل الجسم .

    (114) الحديث : 3877 -سعيد بن الحكم : هو"سعيد بن أبي مريم الجمحي" مضت الإشارة إليه في : 22 وهو ثقة حجة . "يحيى بن أيوب" هو الغافقي أبو العباس المصري وهو ثقة حافظ أخرج له أصحاب الكتب الستة .

    حميد : هو ابن أبي حميد الطويل وهو تابعي ثقة ، سمع من أنس بن مالك ، وسمع من ثابت البناني عن أنس . وزعم بعضهم أنه لم يسمع من أنس إلا أحاديث قليلة وأن سائرها إنما هو"عن ثابت عن أنس" . ورد الحافظ ذلك ردا شديدا ، وقال : "قد صرح حميد بسماعه من أنس بشيء كثير . وفي صحيح البخاري من ذلك جملة" .

    وإنما فصلت هذا لأن رواية هذا الحديث هنا فيها تصريح حميد بسماعه من أنس . ولكنه رواه أحمد ومسلم من حديث حميد ، عن ثابت عن أنس . فلعله سمعه من أنس ومن ثابت عن أنس :

    فرواه أحمد في المسند : 12074 (3 : 107 حلبي) عن ابن أبي عدي وعبد الله بن بكر السهمي - كلاهما عن حميد عن ثابت عن أنس . وكذلك رواه مسلم 2 : 309 من طريق ابن أبي عدي عن حميد ثم من طريق خالد بن الحارث عن حميد .

    وذكره ابن كثير 1 : 472- 473 من رواية المسند . ثم قال : "انفرد بإخراجه مسلم" يعني انفرد به عن البخاري .

    وذكره السيوطي 1 : 233 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي شيبة والترمذي والنسائي وأبي يعلى وابن حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب . ولكنه وهم فنسبه أيضًا للبخاري ولم أجده فيه ، مع جزم ابن كثير بانفراد مسلم بروايته .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Baqara aya 201

    But among them is he who says, "Our Lord, give us in this world [that which is] good and in the Hereafter [that which is] good and protect us from the punishment of the Fire."

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا