لما ذكر تعالى أحكام الصيام وعطف بذكر الجهاد ، شرع في بيان المناسك ، فأمر بإتمام الحج والعمرة ، وظاهر السياق إكمال أفعالهما بعد الشروع فيهما ; ولهذا قال بعده : ( فإن أحصرتم ) أي : صددتم عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما . ولهذا اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم ، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها ، كما هما قولان للعلماء . وقد ذكرناهما بدلائلهما في كتابنا " الأحكام " مستقصى ولله الحمد والمنة .
وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي : أنه قال في هذه الآية : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قال : أن تحرم من دويرة أهلك .
وكذا قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وطاوس . وعن سفيان الثوري أنه قال في هذه الآية : إتمامهما أن تحرم من أهلك ، لا تريد إلا الحج والعمرة ، وتهل من الميقات ليس أن تخرج لتجارة ولا لحاجة ، حتى إذا كنت قريبا من مكة قلت : لو حججت أو اعتمرت ، وذلك يجزئ ، ولكن التمام أن تخرج له ، ولا تخرج لغيره .
وقال مكحول : إتمامهما إنشاؤهما جميعا من الميقات .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري قال : بلغنا أن عمر قال في قول الله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) [ قال ] : من تمامهما أن تفرد كل واحد منهما من الآخر ، وأن تعتمر في غير أشهر الحج ; إن الله تعالى يقول : (الحج أشهر معلومات ) .
وقال هشيم عن ابن عون قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة فقيل له : العمرة في المحرم ؟ قال : كانوا يرونها تامة . وكذا روي عن قتادة بن دعامة ، رحمهما الله .
وهذا القول فيه نظر ; لأنه قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة : عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست ، وعمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع ، وعمرة الجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان ، وعمرته التي مع حجته أحرم بهما معا في ذي القعدة سنة عشر ، ولا اعتمر قط في غير ذلك بعد هجرته ، ولكن قال لأم هانئ " عمرة في رمضان تعدل حجة معي " . وما ذاك إلا لأنها [ كانت ] قد عزمت على الحج معه ، عليه السلام ، فاعتاقت عن ذلك بسبب الطهر ، كما هو مبسوط في الحديث عند البخاري ، ونص سعيد بن جبير على أنه من خصائصها ، والله أعلم .
وقال السدي في قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) أي : أقيموا الحج والعمرة . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) يقول : من أحرم بالحج أو بالعمرة فليس له أن يحل حتى يتمهما ، تمام الحج يوم النحر ، إذا رمى جمرة العقبة ، وطاف بالبيت ، وبالصفا ، والمروة ، فقد حل .
وقال قتادة ، عن زرارة ، عن ابن عباس أنه قال : الحج عرفة ، والعمرة الطواف . وكذا روى الأعمش ، عن إبراهيم عن علقمة في قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) قال : هي [ في ] قراءة عبد الله : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " لا تجاوز بالعمرة البيت . قال إبراهيم : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير ، فقال : كذلك قال ابن عباس .
وقال سفيان عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة أنه قال : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " وكذا روى الثوري أيضا عن إبراهيم ، عن منصور ، عن إبراهيم أنه قرأ : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " .
وقرأ الشعبي : " وأتموا الحج والعمرة لله " برفع العمرة ، وقال : ليست بواجبة . وروي عنه خلاف ذلك .
وقد وردت أحاديث كثيرة من طرق متعددة ، عن أنس وجماعة من الصحابة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع في إحرامه بحج وعمرة ، وثبت عنه في الصحيح أنه قال لأصحابه : " من كان معه هدي فليهل بحج وعمرة " .
وقال في الصحيح أيضا : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " .
وقد روى الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية حديثا غريبا فقال : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبو عبد الله الهروي ، حدثنا غسان الهروي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء ، عن صفوان بن أمية أنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم متضمخ بالزعفران ، عليه جبة ، فقال : كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي ؟ قال : فأنزل الله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين السائل عن العمرة ؟ " فقال : ها أنا ذا . فقال له : " ألق عنك ثيابك ، ثم اغتسل ، واستنشق ما استطعت ، ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك " هذا حديث غريب وسياق عجيب ، والذي ورد في الصحيحين ، عن يعلى بن أمية في قصة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة فقال : كيف ترى في رجل أحرم بالعمرة وعليه جبة وخلوق ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاءه الوحي ، ثم رفع رأسه فقال : " أين السائل ؟ " فقال : ها أنا ذا ، فقال : " أما الجبة فانزعها ، وأما الطيب الذي بك فاغسله ، ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك " . ولم يذكر فيه الغسل والاستنشاق ولا ذكر نزول الآية ، وهو عن يعلى بن أمية ، لا [ عن ] صفوان بن أمية ، والله أعلم .
وقوله : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ذكروا أن هذه الآية نزلت في سنة ست ، أي عام الحديبية ، حين حال المشركون بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الوصول إلى البيت ، وأنزل الله في ذلك سورة الفتح بكمالها ، وأنزل لهم رخصة : أن يذبحوا ما معهم من الهدي وكان سبعين بدنة ، وأن يتحللوا من إحرامهم ، فعند ذلك أمرهم عليه السلام بأن يحلقوا رؤوسهم ويتحللوا . فلم يفعلوا انتظارا للنسخ حتى خرج فحلق رأسه ، ففعل الناس وكان منهم من قصر رأسه ولم يحلقه ، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله المحلقين " . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ فقال في الثالثة : " والمقصرين " . وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك ، كل سبعة في بدنة ، وكانوا ألفا وأربعمائة ، وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم ، وقيل : بل كانوا على طرف الحرم ، فالله أعلم .
ولهذا اختلف العلماء هل يختص الحصر بالعدو ، فلا يتحلل إلا من حصره عدو ، لا مرض ولا غيره ؟ على قولين :
فقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، وابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وابن أبي نجيح [ ومجاهد ] عن ابن عباس ، أنه قال : لا حصر إلا حصر العدو ، فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء ، إنما قال الله تعالى : ( فإذا أمنتم ) فليس الأمن حصرا .
قال : وروي عن ابن عمر ، وطاوس ، والزهري ، وزيد بن أسلم ، نحو ذلك .
والقول الثاني : أن الحصر أعم من أن يكون بعدو أو مرض أو ضلال وهو التوهان عن الطريق أو نحو ذلك . قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا حجاج بن الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كسر أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى " .
قال : فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا : صدق .
وأخرجه أصحاب الكتب الأربعة من حديث يحيى بن أبي كثير ، به . وفي رواية لأبي داود وابن ماجه : من عرج أو كسر أو مرض فذكر معناه . ورواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن عرفة ، عن إسماعيل بن علية ، عن الحجاج بن أبي عثمان الصواف ، به . ثم قال : وروي عن ابن مسعود ، وابن الزبير ، وعلقمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد ، والنخعي ، وعطاء ، ومقاتل بن حيان ، أنهم قالوا : الإحصار من عدو ، أو مرض ، أو كسر .
وقال الثوري : الإحصار من كل شيء آذاه . وثبت في الصحيحين عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، فقالت : يا رسول الله ، إني أريد الحج وأنا شاكية . فقال : " حجي واشترطي : أن محلي حيث حبستني " . ورواه مسلم عن ابن عباس بمثله . فذهب من ذهب من العلماء إلى صحة الاشتراط في الحج لهذا الحديث . وقد علق الإمام محمد بن إدريس الشافعي القول بصحة هذا المذهب على صحة هذا الحديث . قال البيهقي وغيره من الحفاظ : فقد صح ، ولله الحمد .
وقوله : ( فما استيسر من الهدي ) قال الإمام مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول : ( فما استيسر من الهدي ) شاة . وقال ابن عباس : الهدي من الأزواج الثمانية : من الإبل والبقر والمعز والضأن .
وقال الثوري ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( فما استيسر من الهدي ) قال : شاة . وكذا قال عطاء ، ومجاهد ، وطاوس ، وأبو العالية ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وعبد الرحمن بن القاسم ، والشعبي ، والنخعي ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم مثل ذلك ، وهو مذهب الأئمة الأربعة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، عن عائشة وابن عمر : أنهما كانا لا يريان ما استيسر من الهدي إلا من الإبل والبقر .
قال : وروي عن سالم ، والقاسم ، وعروة بن الزبير ، وسعيد بن جبير نحو ذلك .
قلت : والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قضية الحديبية ، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذاك شاة ، وإنما ذبحوا الإبل والبقر ، ففي الصحيحين عن جابر قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : ( فما استيسر من الهدي ) قال : بقدر يسارته .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : إن كان موسرا فمن الإبل ، وإلا فمن البقر ، وإلا فمن الغنم . وقال هشام بن عروة ، عن أبيه : ( فما استيسر من الهدي ) قال : إنما ذلك فيما بين الرخص والغلاء .
والدليل على صحة قول الجمهور فيما ذهبوا إليه من إجزاء ذبح الشاة في الإحصار : أن الله أوجب ذبح ما استيسر من الهدي ، أي : مهما تيسر مما يسمى هديا ، والهدي من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم ، كما قاله الحبر البحر ترجمان القرآن وابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين ، رضي الله عنها ، قالت : أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنما .
وقوله : ( ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) معطوف على قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وليس معطوفا على قوله : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) كما زعمه ابن جرير ، رحمه الله ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم ، حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم ، فأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق ( حتى يبلغ الهدي محله )
ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة ، إن كان قارنا ، أو من فعل أحدهما إن كان مفردا أو متمتعا ، كما ثبت في الصحيحين عن حفصة أنها قالت : يا رسول الله ، ما شأن الناس حلوا من العمرة ، ولم تحل أنت من عمرتك ؟ فقال : " إني لبدت رأسي وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر " .
وقوله : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) قال البخاري : حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني : سمعت عبد الله بن معقل ، قال : فعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة فسألته عن ( ففدية من صيام ) فقال : حملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي . فقال : " ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا ! أما تجد شاة ؟ " قلت : لا . قال : " صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع من طعام ، واحلق رأسك " . فنزلت في خاصة ، وهي لكم عامة .
وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : أتى علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت قدر ، والقمل يتناثر على وجهي أو قال : حاجبي فقال : " يؤذيك هوام رأسك ؟ " . قلت : نعم . قال : " فاحلقه ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، أو انسك نسيكة " . قال أيوب : لا أدري بأيتهن بدأ .
وقال أحمد أيضا : حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ، ونحن محرمون وقد حصره المشركون وكانت لي وفرة ، فجعلت الهوام تساقط على وجهي ، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيؤذيك هوام رأسك ؟ " فأمره أن يحلق . قال : ونزلت هذه الآية : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) .
وكذا رواه عفان ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، وهو جعفر بن إياس ، به . وعن شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، به . وعن شعبة ، عن داود ، عن الشعبي ، عن كعب بن عجرة ، نحوه .
ورواه الإمام مالك عن حميد بن قيس ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة فذكر نحوه .
وقال سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن البصري : أنه سمع كعب بن عجرة يقول : فذبحت شاة . رواه ابن مردويه . وروي أيضا من حديث عمر بن قيس ، سندل وهو ضعيف عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النسك شاة ، والصيام ثلاثة أيام ، والطعام فرق بين ستة " .
وكذا روي عن علي ، ومحمد بن كعب ، وعكرمة وإبراهيم [ النخعي ] ومجاهد ، وعطاء ، والسدي ، والربيع بن أنس .
وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا عبد الله بن وهب : أن مالك بن أنس حدثه عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فآذاه القمل في رأسه ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه ، وقال : " صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، مدين مدين لكل إنسان ، أو انسك شاة ، أي ذلك فعلت أجزأ عنك " .
وهكذا روى ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) قال : إذا كان " أو " فأيه أخذت أجزأ عنك .
قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن ، وحميد الأعرج ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، نحو ذلك .
قلت : وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء أنه يخير في هذا المقام ، إن شاء صام ، وإن شاء تصدق بفرق ، وهو ثلاثة آصع ، لكل مسكين نصف صاع ، وهو مدان ، وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء ، أي ذلك فعل أجزأه . ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة جاء بالأسهل فالأسهل : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة بذلك ، أرشده إلى الأفضل ، فالأفضل فقال : انسك شاة ، أو أطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام . فكل حسن في مقامه . ولله الحمد والمنة .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش قال : ذكر الأعمش قال : سأل إبراهيم سعيد بن جبير عن هذه الآية : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فأجابه يقول : يحكم عليه طعام ، فإن كان عنده اشترى شاة ، وإن لم يكن قومت الشاة دراهم ، وجعل مكانها طعام فتصدق ، وإلا صام بكل نصف صاع يوما ، قال إبراهيم : كذلك سمعت علقمة يذكر . قال : لما قال لي سعيد بن جبير : من هذا ؟ ما أظرفه ! قال : قلت : هذا إبراهيم . فقال : ما أظرفه ! كان يجالسنا . قال : فذكرت ذلك لإبراهيم ، قال : فلما قلت : " يجالسنا " انتفض منها .
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن أبي عمران ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن أشعث ، عن الحسن في قوله : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) قال : إذا كان بالمحرم أذى من رأسه ، حلق وافتدى بأي هذه الثلاثة شاء ، والصيام عشرة أيام ، والصدقة على عشرة مساكين ، كل مسكين مكوكين : مكوكا من تمر ، ومكوكا من بر ، والنسك شاة .
وقال قتادة ، عن الحسن وعكرمة في قوله : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) قال : إطعام عشرة مساكين .
وهذان القولان من سعيد بن جبير ، وعلقمة ، والحسن ، وعكرمة قولان غريبان فيهما نظر ; لأنه قد ثبتت السنة في حديث كعب بن عجرة بصيام ثلاثة أيام ، [ لا عشرة و ] لا ستة ، أو إطعام ستة مساكين أو نسك شاة ، وأن ذلك على التخيير كما دل عليه سياق القرآن . وأما هذا الترتيب فإنما هو معروف في قتل الصيد ، كما هو نص القرآن . وعليه أجمع الفقهاء هناك ، بخلاف هذا ، والله أعلم .
وقال هشيم : أخبرنا ليث ، عن طاوس : أنه كان يقول : ما كان من دم أو طعام فبمكة ، وما كان من صيام فحيث شاء . وكذا قال عطاء ، ومجاهد ، والحسن .
وقال هشيم : أخبرنا حجاج وعبد الملك وغيرهما عن عطاء : أنه كان يقول : ما كان من دم فبمكة ، وما كان من طعام وصيام فحيث شاء .
وقال هشيم : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن يعقوب بن خالد ، أخبرنا أبو أسماء مولى ابن جعفر ، قال : حج عثمان بن عفان ، ومعه علي والحسين بن علي ، فارتحل عثمان . قال أبو أسماء : وكنت مع ابن جعفر ، فإذا نحن برجل نائم وناقته عند رأسه ، قال : فقلت : أيها النؤوم . فاستيقظ ، فإذا الحسين بن علي . قال : فحمله ابن جعفر حتى أتينا به السقيا . قال : فأرسل إلى علي ومعه أسماء بنت عميس . قال : فمرضناه نحوا من عشرين ليلة . قال : قال علي للحسين : ما الذي تجد ؟ قال : فأومأ بيده إلى رأسه . قال : فأمر به علي فحلق رأسه ، ثم دعا ببدنة فنحرها . فإن كانت هذه الناقة عن الحلق ففيه أنه نحرها دون مكة . وإن كانت عن التحلل فواضح .
وقوله : ( فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) أي : إذا تمكنتم من أداء المناسك ، فمن كان منكم متمتعا بالعمرة إلى الحج ، وهو يشمل من أحرم بهما ، أو أحرم بالعمرة أولا فلما فرغ منها أحرم بالحج وهذا هو التمتع الخاص ، وهو المعروف في كلام الفقهاء . والتمتع العام يشمل القسمين ، كما دلت عليه الأحاديث الصحاح ، فإن من الرواة من يقول : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وآخر يقول : قرن . ولا خلاف أنه ساق الهدي .
وقال تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) أي : فليذبح ما قدر عليه من الهدي ، وأقله شاة ، وله أن يذبح البقر ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر . وقال الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح بقرة عن نسائه ، وكن متمتعات . رواه أبو بكر بن مردويه .
وفي هذا دليل على شرعية التمتع ، كما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ، وفعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم لم ينزل قرآن يحرمه ، ولم ينه عنها ، حتى مات . قال رجل برأيه ما شاء . قال البخاري : يقال : إنه عمر . وهذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحا به أن عمر ، رضي الله عنه ، كان ينهى الناس عن التمتع ، ويقول : إن نأخذ بكتاب الله فإن الله يأمر بالتمام . يعني قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وفي نفس الأمر لم يكن عمر ، رضي الله عنه ، ينهى عنها محرما لها ، إنما كان ينهى عنها ليكثر قصد الناس للبيت حاجين ومعتمرين ، كما قد صرح به ، رضي الله عنه .
وقوله : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ) يقول تعالى : فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج ، أي : في أيام المناسك . قال العلماء : والأولى أن يصومها قبل يوم عرفة في العشر ، قاله عطاء . أو من حين يحرم ، قاله ابن عباس وغيره ، لقوله : ( في الحج ) ومنهم من يجوز صيامها من أول شوال ، قاله طاوس ومجاهد وغير واحد . وجوز الشعبي صيام يوم عرفة وقبله يومين ، وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، وعطاء ، وطاوس ، والحكم ، والحسن ، وحماد ، وإبراهيم ، وأبو جعفر الباقر ، والربيع ، ومقاتل بن حيان . وقال العوفي ، عن ابن عباس : إذا لم يجد هديا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة ، فإذا كان يوم عرفة الثالث فقد تم صومه وسبعة إذا رجع إلى أهله . وكذا روى أبو إسحاق عن وبرة ، عن ابن عمر ، قال : يصوم يوما قبل التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة . وكذا روي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي أيضا .
فلو لم يصمها أو بعضها قبل [ يوم ] العيد فهل يجوز أن يصومها في أيام التشريق ؟ فيه قولان للعلماء ، وهما للإمام الشافعي أيضا ، القديم منهما أنه يجوز له صيامها لقول عائشة وابن عمر في صحيح البخاري : لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي . وكذا رواه مالك ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة . وعن سالم ، عن ابن عمر [ إنما قالوا ذلك لعموم قوله : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة ) ] . وقد روي من غير وجه عنهما . ورواه سفيان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي أنه كان يقول : من فاته صيام ثلاثة أيام في الحج صامهن أيام التشريق . وبهذا يقول عبيد بن عمير الليثي وعكرمة ، والحسن البصري ، وعروة بن الزبير ; وإنما قالوا ذلك لعموم قوله : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) والجديد من القولين : أنه لا يجوز صيامها أيام التشريق ، لما رواه مسلم عن نبيشة الهذلي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله " .
وقوله : ( وسبعة إذا رجعتم ) فيه قولان :
أحدهما : إذا رجعتم في الطريق . ولهذا قال مجاهد : هي رخصة إذا شاء صامها في الطريق . وكذا قال عطاء بن أبي رباح .
والقول الثاني : إذا رجعتم إلى أوطانكم ; قال عبد الرزاق : أخبرنا الثوري ، عن يحيى بن سعيد ، عن سالم ، سمعت ابن عمر قال : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ) قال : إذا رجع إلى أهله ، وكذا روي عن سعيد بن جبير ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والزهري ، والربيع بن أنس . وحكى على ذلك أبو جعفر بن جرير الإجماع .
وقد قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قال : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج ، فتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج . فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ، ومنهم من لم يهد . فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس : " من كان منكم أهدى فإنه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة ، وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج ، فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله " . وذكر تمام الحديث .
قال الزهري : وأخبرني عروة ، عن عائشة بمثل ما أخبرني سالم عن أبيه والحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري ، به .
وقوله : ( تلك عشرة كاملة ) قيل : تأكيد ، كما تقول العرب : رأيت بعيني ، وسمعت بأذني وكتبت بيدي . وقال الله تعالى : ( ولا طائر يطير بجناحيه ) [ الأنعام : 38 ] وقال : ( ولا تخطه بيمينك ) [ العنكبوت : 48 ] ، وقال : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) [ الأعراف : 142 ] .
وقيل : معنى ( كاملة ) الأمر بإكمالها وإتمامها ، اختاره ابن جرير . وقيل : معنى ( كاملة ) أي : مجزئة عن الهدي . قال هشيم ، عن عباد بن راشد ، عن الحسن البصري ، في قوله : ( تلك عشرة كاملة ) قال : من الهدي .
وقوله : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) قال ابن جرير : اختلف أهل التأويل فيمن عني بقوله : ( لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم معنيون به ، وأنه لا متعة لهم ، فقال بعضهم : عني بذلك أهل الحرم خاصة دون غيرهم .
حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان هو الثوري قال : قال ابن عباس ومجاهد : هم أهل الحرم . وكذا روى ابن المبارك ، عن الثوري ، وزاد : الجماعة عليه .
وقال قتادة : ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول : يا أهل مكة ، لا متعة لكم ، أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم ، إنما يقطع أحدكم واديا أو قال : يجعل بينه وبين الحرم واديا ثم يهل بعمرة .
وقال عبد الرزاق : حدثنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : المتعة للناس لا لأهل مكة من لم يكن أهله من الحرم . وذلك قول الله عز وجل : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) قال : وبلغني عن ابن عباس مثل قول طاوس .
وقال آخرون : هم أهل الحرم ومن بينه وبين المواقيت ، كما قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن رجل ، عن عطاء ، قال : من كان أهله دون المواقيت ، فهو كأهل مكة ، لا يتمتع .
وقال عبد الله بن المبارك ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، في قوله : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) قال : من كان دون الميقات .
وقال ابن جريج عن عطاء : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) قال : عرفة ، ومر ، وعرنة ، وضجنان ، والرجيع .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، سمعت الزهري يقول : من كان أهله على يوم أو نحوه تمتع . وفي رواية عنه : اليوم واليومين . واختار ابن جرير في ذلك مذهب الشافعي أنهم أهل الحرم ، ومن كان منه على مسافة لا تقصر منها الصلاة ; لأن من كان كذلك يعد حاضرا لا مسافرا ، والله أعلم .
وقوله : ( واتقوا الله ) أي : فيما أمركم وما نهاكم ( واعلموا أن الله شديد العقاب ) أي : لمن خالف أمره ، وارتكب ما عنه زجره .
وأتموا الحج والعمرة لله
القول في تأويل قوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك أتموا الحج بمناسكه وسنته , وأتموا العمرة بحدودها وسننها . ذكر من قال ذلك : 2599 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري , قال . ثنا عبد الله بن نمير , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : هو في قراءة عبد الله : { وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت } قال : لا تجاوزوا بالعمرة البيت . قال إبراهيم : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير , فقال : كذلك قال ابن عباس . 2600 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم أنه قرأ : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " . 2601 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة أنه قرأ : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " . 2602 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { وأتموا الحج والعمرة لله } يقول : من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل حتى يتمها تمام الحج يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة وزار البيت فقد حل من إحرامه كله , وتمام العمرة إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة , فقد حل . 2603 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة قال : ثنا شبل جميعا , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : ما أمروا فيهما . 2604 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي عفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : قال إبراهيم عن علقمة بن قيس قال : " الحج " : مناسك الحج , و " العمرة " : لا يجاوز بها البيت . 2605 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : قال تقضى مناسك الحج عرفة والمزدلفة ومواطنها , والعمرة للبيت أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل . وقال آخرون : تمامهما أن تحرم بهما مفردين من دويرة أهلك . ذكر من قال ذلك : 2606 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الله بن سلمة , عن علي أنه قال : جاء رجل إلى علي فقال له في هذه الآية : { وأتموا الحج والعمرة لله } أن تحرم من دويرة أهلك . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا هارون بن المغيرة , عن عنبسة , عن شعبة , عن عمرو بن مرة , عن عبد الله بن سلمة , قال : جاء رجل إلى علي رضوان الله عليه , فقال : أرأيت قول الله عز وجل : { وأتموا الحج والعمرة لله } ؟ قال : أن تحرم من دويرة أهلك . 2607 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن محمد بن سوقة , عن سعيد بن جبير , قال : من تمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك . 2608 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن ثور بن يزيد , عن سليمان بن موسى , عن طاوس , قال : تمامهما : إفرادهما مؤتنفتين من أهلك . * حدثني المثنى , قال : ثنا سفيان , عن ثور , عن سليمان بن موسى , عن طاوس : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : تفردهما مؤقتتين من أهلك , فذلك تمامهما . وقال آخرون : تمام العمرة أن تعمل في غير أشهر الحج , وتمام الحج أن يؤتى بمناسكه كلها حتى لا يلزم عامله دم بسبب قران ولا متعة . ذكر من قال ذلك : 2609 - حدثنا بشر , قال : ثنا زيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : وتمام العمرة ما كان في غير أشهر الحج . وما كان في أشهر الحج , ثم أقام حتى يحج في , متعة عليه فيها الهدي إن وجد , وإلا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : ما كان في غير أشهر الحج فهي عمرة تامة , وما كان في أشهر الحج فهي متعة وعليه الهدي . 2610 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن ابن عون , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة . قال : فقيل له : العمرة في المحرم ؟ قال : كانوا يرونها تامة . وقال آخرون : إتمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد غيرهما . ذكر من قال ذلك : 2611 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني رجل , عن سفيان , قال : هو يعني تمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد إلا الحج والعمرة , وتهل من الميقات ليس أن تخرج لتجارة ولا لحاجة , حتى إذا كنت قريبا من مكة قلت : لو حججت أو اعتمرت . وذلك يجزئ , ولكن التمام أن تخرج له لا تخرج لغيره . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أتموا الحج والعمرة لله إذا دخلتم فيهما . ذكر من قال ذلك : 2612 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : ليست العمرة واجبة على أحد من الناس . قال : فقلت له : قول الله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } ؟ قال : ليس من الخلق أحد ينبغي له إذا دخل في أمر إلا أن يتمه , فإذا دخل فيها لم ينبغ له أن يهل يوما أو يومين ثم يرجع , كما لو صام يوما لم ينبغ له أن يفطر في نصف النهار . وكان الشعبي يقرأ ذلك رفعا . 2613 - حدثنا ابن المثنى , قال : حدثنا يحيى بن سعيد , عن شعبة , قال : حدثني سعيد بن أبي بردة أن الشعبي وأبا بردة تذاكرا العمرة , قال : فقال الشعبي : تطوع { وأتموا الحج والعمرة لله } وقال أبو بردة : هي واجبة { وأتموا الحج والعمرة لله } 2614 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا ابن عون , عن الشعبي أنه كان يقرأ { وأتموا الحج والعمرة لله } وقد روي عن الشعبي خلاف هذا القول , وإن كان المشهور عنه من القول هو هذا . وذلك ما : 2615 - حدثني به المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا أبو عوانة , عن المغيرة , عن الشعبي , قال : العمرة واجبة . فقراءة من قال : العمرة واجبة نصبها بمعنى أقيموا فرض الحج والعمرة . كما : 2616 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : أخبرنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : سمعت أبا إسحاق , يقول : سمعت مسروقا يقول : أمرتم في كتاب الله بأربع : بإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , والحج , والعمرة ; قال : ثم تلا هذه الآية : { ولله على الناس حج البيت } 3 97 { وأتموا الحج والعمرة لله } إلى البيت . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت ليثا يروي عن الحسن , عن مسروق , قال : أمرنا بإقامة أربعة : الصلاة , والزكاة , والعمرة , والحج , فنزلت العمرة من الحج منزلة الزكاة من الصلاة . 2617 - حدثنا ابن بشار , قال : أنبأنا محمد بن بكر , قال : ثنا ابن جريج , قال : قال علي بن حسين وسعيد بن جبير , وسئلا : أواجبة العمرة على الناس ؟ فكلاهما قال : ما نعلمها إلا واجبة , كما قال الله : { وأتموا الحج والعمرة لله } 2618 - حدثنا سوار بن عبد الله , قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان , عن عبد الملك بن أبي سليمان , قال : سأل رجل سعيد بن جبير عن العمرة فريضة هي أم تطوع ؟ قال : فريضة . قال : فإن الشعبي يقول : هي تطوع . قال : كذب الشعبي ! وقرأ : { وأتموا الحج والعمرة لله } 2619 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة عمن سمع عطاء يقول في قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } قال : هما واجبان : الحج , والعمرة . فتأويل هؤلاء في قوله تبارك وتعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } أنهما فرضان واجبان من الله تبارك وتعالى أمر بإقامتهما , كما أمر بإقامة الصلاة , وأنهما فريضتان , وأوجب العمرة وجوب الحج . وهم عدد كثير من الصحابة والتابعين , ومن بعدهم من الخالفين كرهنا تطويل الكتاب بذكرهم وذكر الروايات عنهم . وقالوا : معنى قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } وأقيموا الحج والعمرة . ذكر من قال ذلك : 2620 - حدثنا موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } يقول : أقيموا الحج والعمرة . 2621 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , عن ثوير , عن أبيه , عن علي : " وأقيموا الحج والعمرة للبيت " ثم هي واجبة مثل الحج . 2622 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا إسرائيل , قال : ثنا ثوير , عن أبيه , عن عبد الله : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " ثم قال عبد الله : والله لولا التحرج وأني لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها شيئا , لقلت إن العمرة واجبة مثل الحج . وكأنهم عنوا بقوله : أقيموا الحج والعمرة : ائتوا بهما بحدودهما وأحكامهما على ما فرض عليكم . وقال آخرون ممن قرأ قراءة هؤلاء بنصب العمرة : العمرة تطوع . ورأوا أنه لا دلالة على وجوبها في نصبهم العمرة في القراءة , إذ كان من الأعمال ما قد يلزم العبد عمله وإتمامه بدخوله فيه , ولم يكن ابتداء الدخول فيه فرضا عليه , وذلك كالحج التطوع لا خلاف بين الجميع فيه أنه إذا أحرم به أن عليه المضي فيه وإتمامه ولم يكن فرضا عليه ابتداء الدخول فيه . وقالوا : فكذلك العمرة غير فرض واجب الدخول فيها ابتداء , غير أن على من دخل فيها وأوجبها على نفسه إتمامها بعد الدخول فيها . قالوا : فليس في أمر الله بإتمام الحج والعمرة دلالة على وجوب فرضها . قالوا : وإنما أوجبنا فرض الحج بقوله عز وجل : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } 3 97 وممن قال ذلك جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين . ذكر من قال ذلك : 2623 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت سعيد بن أبي عروبة , عن أبي معشر عن إبراهيم , قال : قال عبد الله : الحج فريضة , والعمرة تطوع . * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن ابن أبي عروبة , عن أبي معشر , عن النخعي , عن ابن مسعود مثله . 2624 - وحدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن عثمة , قال : ثنا سعيد بن بشير , عن قتادة , عن سعيد بن جبير , قال : العمرة ليست بواجبة . 2625 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , قال : سألت إبراهيم عن العمرة فقال : سنة حسنة . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا أبو عوانة , عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن المغيرة , عن إبراهيم , مثله . 2626 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , قال : ثنا عبد الله بن عون , عن الشعبي , قال : العمرة تطوع . فأما الذين قرءوا ذلك برفع العمرة فإنهم قالوا : لا وجه لنصبها , فالعمرة إنما هي زيارة البيت , ولا يكون مستحقا اسم معتمر إلا وهو له زائر ; قالوا : وإذا كان لا يستحق اسم معتمر إلا بزيارته , وهو متى بلغه فطاف به وبالصفا والمروة , فلا عمل يبقى بعده يؤمر بإتمامه بعد ذلك , كما يؤمر بإتمامه الحاج بعد بلوغه والطواف به وبالصفا والمروة بإتيان عرفة والمزدلفة , والوقوف بالمواضع التي أمر بالوقوف بها وعمل سائر أعمال الحج الذي هو من تمامه بعد إتيان البيت لم يكن لقول القائل للمعتمر أتم عمرتك وجه مفهوم , وإذا لم يكن له وجه مفهوم . . فالصواب من القراءة في العمرة الرفع على أنه من أعمال البر لله , فتكون مرفوعة بخبرها الذي بعدها , وهو قوله : لله . وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا , قراءة من قرأ بنصب العمرة على العطف بها على الحج , بمعنى الأمر بإتمامهما له . ولا معنى لاعتلال من اعتل في رفعها بأن العمرة زيارة البيت , فإن المعتمر متى بلغه , فلا عمل بقي عليه يؤمر بإتمامه , وذلك أنه إذا بلغ البيت فقد انقضت زيارته وبقي عليه تمام العمل الذي أمره الله به في اعتماره , وزيارته البيت ; وذلك هو الطواف بالبيت , والسعي بين الصفا والمروة , وتجنب ما أمر الله بتجنبه إلى إتمامه ذلك , وذلك عمل وإن كان مما لزمه بإيجاب الزيارة على نفسه غير الزيارة . هذا مع إجماع الحجة على قراءة العمرة بالنصب , ومخالفة جميع قراء الأمصار قراءة من قرأ ذلك رفعا , ففي ذلك مستغنى عن الاستشهاد على خطأ من قرأ ذلك رفعا . وأما أولى القولين اللذين ذكرنا بالصواب في تأويل قوله : { والعمرة لله } على قراءة من قرأ ذلك نصبا فقول عبد الله بن مسعود , ومن قال بقوله من أن معنى ذلك : وأتموا الحج والعمرة لله إلى البيت بعد إيجابكم إياهما لا أن ذلك أمر من الله عز وجل بابتداء عملهما والدخول فيهما وأداء عملهما بتمامه بهذه الآية , وذلك أن الآية محتملة للمعنيين اللذين وصفنا من أن يكون أمرا من الله عز وجل بإقامتهما ابتداء وإيجابا منه على العباد فرضهما , وأن يكون أمرا منه بإتمامهما بعد الدخول فيهما , وبعد إيجاب موجبهما على نفسه , فإذا كانت الآية محتملة للمعنيين اللذين وصفنا , فلا حجة فيها لأحد الفريقين على الآخر , إلا وللآخر عليه فيها مثلها . وإذا كان كذلك ولم يكن بإيجاب فرض العمرة خبر عن الحجة للعذر قاطعا , وكانت الأمة في وجوبها متنازعة , لم يكن لقول قائل - هي فرض بغير برهان دال على صحة قوله - معنى , إذ كانت الفروض لا تلزم العباد إلا بدلالة على لزومها إياهم واضحة . فإن ظن ظان أنها واجبة وجوب الحج , وأن تأويل من تأول قوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } بمعنى : أقيموا حدودهما وفروضهما أولى من تأويلنا بما : 2627 - حدثني به حاتم بن بكير الضبي , قال : ثنا أشهل بن حاتم الأرطبائي , قال : ثنا ابن عون , عن محمد بن جحادة , عن رجل , عن زميل له , عن أبيه , وكان أبوه يكنى أبا المنتفق , قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة , فدنوت منه , حتى اختلفت عنق راحلتي وعنق راحلته , فقلت : يا رسول الله أنبئني بعمل ينجيني من عذاب الله ويدخلني جنته ! قال : " اعبد الله ولا تشرك به شيئا , وأقم الصلاة المكتوبة , وأد الزكاة المفروضة , وحج واعتمر " قال أشهل : وأظنه قال : " وصم رمضان , وانظر ماذا تحب من الناس أن يأتوه إليك فافعله بهم , وما تكره من الناس أن يأتوه إليك فذرهم منه " . 2628 - وما حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن إبراهيم , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , ومحمد بن أبي عدي , عن شعبة , عن النعمان بن سالم , عن عمرو بن أوس , عن أبي رزين العقيلي رجل من بني عامر قال : قلت يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن , وقد أدركه الإسلام , أفأحج عنه ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر " . 2629 - وما حدثني به يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا , وأقيموا الصلاة , وآتوا الزكاة , وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم لكم " . وما أشبه ذلك من الأخبار , فإن هذه أخبار لا يثبت بمثلها في الدين حجة لوهي أسانيدها , وأنها مع وهي أسانيدها لها في الأخبار أشكال تنبئ عن أن العمرة تطوع لا فرض واجب . وهو ما : 2630 - حدثنا به محمد بن حميد , ومحمد بن عيسى الدامغاني , قالا : ثنا عبد الله بن المبارك , عن الحجاج بن أرطاة , عن محمد بن المنكدر , عن جابر بن عبد الله , عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن العمرة أواجبة هي ؟ , فقال : " لا , وإن تعتمروا خير لكم " . 2631 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , وحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي , قال : ثنا شريك , عن معاوية بن إسحاق , عن أبي صالح الحنفي , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحج جهاد والعمرة تطوع " . وقد زعم بعض أهل الغباء أنه قد صح عنده أن العمرة واجبة بأنه لم يجد تطوعا إلا وله إمام من المكتوبة فلما صح أن العمرة تطوع وجب أن يكون لها فرض , لأن الفرض إمام التطوع في جميع الأعمال . فيقال لقائل ذلك : فقد جعل الاعتكاف تطوعا , فما الفرض الذي هو إمام متطوعه ؟ ثم يسأل عن الاعتكاف أواجب هو أم غير واجب ؟ فإن قال : واجب , خرج من قول جميع الأمة , وإن قال : تطوع , قيل : فما الذي أوجب أن يكون الاعتكاف تطوعا والعمرة فرضا من الوجه الذي يجب التسليم له ؟ فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله . وبما استشهدنا من الأدلة , فإن أولى القراءتين بالصواب في العمرة قراءة من قرأها نصبا . وإن أولى التأويلين في قوله { وأتموا الحج والعمرة لله } تأويل ابن عباس الذي ذكرنا عنه من رواية علي بن أبي طلحة عنه من أنه أمر من الله بإتمام أعمالهما بعد الدخول فيهما وإيجابهما على ما أمر به من حدودهما وسننهما . وإن أولى القولين في العمرة بالصواب قول من قال : هي تطوع لا فرض . وإن معنى الآية : وأتموا أيها المؤمنون الحج والعمرة لله بعد دخولكم فيهما وإيجابكموهما على أنفسكم على ما أمركم الله من حدودهما . وإنما أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية على نبيه عليه الصلاة والسلام في عمرة الحديبية التي صد فيها عن البيت معرفة المؤمنين فيها ما عليهم في إحرامهم إن خلي بينهم وبين البيت ومبينا لهم فيها ما المخرج لهم من إحرامهم إن أحرموا , فصدوا عن البيت وبذكر اللازم لهم من الأعمال في عمرتهم التي اعتمروها عام الحديبية وما يلزمهم فيها بعد ذلك في عمرتهم وحجهم , افتتح بقوله : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } وقد دللنا فيما مضى على معنى الحج والعمرة بشواهد , فكرهنا تطويل الكتاب بإعادته .فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } . اختلف أهل التأويل في الإحصار الذي جعل الله على من ابتلي به في حجه وعمرته ما استيسر من الهدي , فقال بعضهم : هو كل مانع أو حابس منع المحرم وحبسه عن العمل الذي فرضه الله عليه في إحرامه ووصوله إلى البيت الحرام . ذكر من قال ذلك : 2632 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد أنه كان يقول : الحصر : الحبس كله . يقول : أيما رجل اعترض له في حجته أو عمرته فإنه يبعث بهديه من حيث يحبس . قال : وقال مجاهد في قوله : { فإن أحصرتم } فإن أحصرتم : يمرض إنسان أو يكسر أو يحبسه أمر فغلبه كائنا ما كان , فليرسل بما استيسر من الهدي , ولا يحلق رأسه , ولا يحل حتى يوم النحر . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2633 - حدثنا المثنى , قال : حدثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : الإحصار كل شيء يحبسه . 2634 - وحدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن سعيد , عن قتادة أنه قال : في المحصر : هو الخوف والمرض والحابس إذا أصابه ذلك بعث بهديه , فإذا بلغ الهدي محله حل . * حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة قوله : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } قال : هذا رجل أصابه خوف أو مرض أو حابس حبسه عن البيت يبعث بهديه , فإذا بلغ محله صار حلالا . 2635 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو معاوية , عن هشام بن عروة , عن أبيه , قال : كل شيء حبس المحرم فهو إحصار . 2636 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن إبراهيم , قال أبو جعفر : أحسبه عن شريك , عن إبراهيم بن المهاجر , عن إبراهيم : { فإن أحصرتم } قال : مرض أو كسر أو خوف . 2637 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية , عن علي عن ابن عباس قوله : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } يقول : من أحرم بحج أو بعمرة , ثم حبس عن البيت بمرض يجهده , أو عذر يحبسه فعليه قضاؤها . وعلة من قال بهذه المقالة أن الإحصار معناه في كلام العرب : منع العلة من المرض وأشباهه غير القهر والغلبة من قاهر الغالب إلا غلبة علة من مرض أو لدغ أو جراحة , أو ذهاب نفقة , أو كسر راحلة . فأما منع العدو , وحبس حابس في سجن , وغلبة غالب حائل بين المحرم والوصول إلى البيت من سلطان , أو إنسان قاهر مانع , فإن ذلك إنما تسميه العرب حصرا لا إحصارا . قالوا : ومما يدل على ذلك قول الله جل ثناؤه : { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } 17 8 يعني به : حاصرا : أي حابسا . قالوا : ولو كان حبس القاهر الغالب من غير العلل التي وصفنا يسمى إحصارا لوجب أن يقال : قد أحصر العدو . قالوا : وفي اجتماع لغات العرب على " حوصر العدو " و " العدو محاصر " , دون " أحصر العدو " و " هم محصرون " , و " أحصر الرجل " بالعلة من المرض والخوف , أكبر الدلالة على أن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله : { فإن أحصرتم } بمرض أو خوف أو علة مانعة . قالوا : وإنما جعلنا حبس العدو ومنعه المحرم من الوصول إلى البيت بمعنى حصر المرض قياسا على ما جعل الله جل ثناؤه من ذلك للمريض الذي منعه المرض من الوصول إلى البيت , لا بدلالة ظاهر قوله : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } إذ كان حبس العدو والسلطان والقاهر علة مانعة , نظيره العلة المانعة من المرض والكسر . وقال آخرون : معنى قوله : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } فإن حبسكم عدو عن الوصول إلى البيت , أو حابس قاهر من بني آدم . قالوا : فأما العلل العارضة في الأبدان كالمرض والجراح وما أشبهها , فإن ذلك غير داخل في قوله : { فإن أحصرتم } ذكر من قال ذلك : 2638 - حدثنا محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء , عن ابن عباس أنه قال : الحصر : حصر العدو , فيبعث الرجل بهديته , فإن كان لا يستطيع أن يصل إلى البيت من العدو , فإن وجد من يبلغها عنه إلى مكة , فإنه يبعث بها ويحرم - قال محمد بن عمرو , قال أبو عاصم : لا ندري قال يحرم أو يحل - من يوم يواعد فيه صاحب الهدي إذا اشترى , فإذا أمن فعليه أن يحج أو يعتمر , فإذا أصابه مرض يحبسه وليس معه هدي , فإنه يحل حيث يحبس , فإن كان معه هدي فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله , فإذا بعث به فليس عليه أن يحج قابلا , ولا يعتمر إلا أن يشاء . 2639 - حدثنا عن أبي عبيد القاسم بن سلام , قال : ثني يحيى بن سعيد , عن ابن جريج , عن ابن طاوس , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : لا حصر إلا من حبس عدو . 2640 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء , عن ابن عباس مثل حديث محمد بن عمرو , عن أبي عاصم , إلا أنه قال : فإنه يبعث بها ويحرم من يوم واعد فيه صاحب الهدية إذا اشترى . ثم ذكر سائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو , عن أبي عاصم . وقال مالك بن أنس : " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل وأصحابه بالحديبية , فنحروا الهدي , وحلقوا رءوسهم , وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت , وقبل أن يصل إليه الهدي , ثم لم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا ولا أن يعودوا لشيء " . 2641 - حدثني بذلك يونس , قال : أخبرنا ابن وهب عنه . قال : وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت ؟ فقال : يحل من كل شيء , وينحر هديه , ويحلق رأسه حيث يحبس , وليس عليه قضاء إلا أن يكون لم يحج قط , فعليه أن يحج حجة الإسلام . قال : والأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو بمرض أو ما أشبهه , أن يبدأ بما لا بد منه , ويفتدي , ثم يجعلها عمرة , ويحج عاما قابلا ويهدي . وعلة من قال هذه المقالة - أعني من قال قول مالك - أن هذه الآية نزلت في حصر المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت , فأمر الله نبيه ومن معه بنحر هداياهم والإحلال . قالوا : فإنما أنزل الله هذه الآية في حصر العدو , فلا يجوز أن يصرف حكمها إلى غير المعنى الذي نزلت فيه . قالوا : وأما المريض , فإنه إذا لم يطق لمرضه السير حتى فاتته عرفة , فإنما هو رجل فاته الحج , عليه الخروج من إحرامه بما يخرج به من فاته الحج , وليس من معنى المحصر الذي نزلت هذه الآية في شأنه . وأولى التأويلين بالصواب في قوله : { فإن أحصرتم } تأويل من تأوله بمعنى : فإن أحصركم خوف عدو أو مرض أو علة عن الوصول إلى البيت , أي صيركم خوفكم أو مرضكم تحصرون أنفسكم , فتحبسونها عن النفوذ لما أوجبتموه على أنفسكم من عمل الحج والعمرة . فلذا قيل " أحصرتم " , لما أسقط ذكر الخوف والمرض . يقال منه : أحصرني خوفي من فلان عن لقائك , ومرضي عن فلان , يراد به : جعلني أحبس نفسي عن ذلك . فأما إذا كان الحابس الرجل والإنسان , قيل : حصرني فلان عن لقائك , بمعنى حبسني عنه . فلو كان معنى الآية ما ظنه المتأول من قوله : { فإن أحصرتم } فإن حبسكم حابس من العدو عن الوصول إلى البيت , لوجب أن يكون : فإن أحصرتم . ومما يعين صحة ما قلناه من أن تأويل الآية مراد بها إحصار غير العدو وأنه إنما يراد بها الخوف من العدو , قوله : { فإن أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } والأمن إنما يكون بزوال الخوف . وإذا كان ذلك كذلك , فمعلوم أن الإحصار الذي عنى الله في هذه الآية هو الخوف الذي يكون بزواله الأمن . وإذا كان ذلك كذلك , لم يكن حبس الحابس الذي ليس مع حبسه خوف على النفس من حبسه داخلا في حكم الآية بظاهرها المتلو , وإن كان قد يلحق حكمه عندنا بحكمه من وجه القياس من أجل أن حبس من لا خوف على النفس من حبسه , كالسلطان غير المخوفة عقوبته , والوالد وزوج المرأة , إن كان منهم أو من بعضهم حبس , ومنع عن الشخوص لعمل الحج , أو الوصول إلى البيت بعد إيجاب الممنوع الإحرام , غير داخل في ظاهر قوله : { فإن أحصرتم } لما وصفنا من أن معناه : فإن أحصركم خوف عدو , بدلالة قوله : { فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } وقد بين الخبر الذي ذكرنا آنفا عن ابن عباس أنه قال : الحصر : حصر العدو . وإذ كان ذلك أولى التأويلين بالآية لما وصفنا , وكان ذلك منعا من الوصول إلى البيت , فكل مانع عرض للمحرم فصده عن الوصول إلى البيت , فهو له نظير في الحكم . ثم اختلف أهل العلم في تأويل قوله : { فما استيسر من الهدي } فقال بعضهم : هو شاة . ذكر من قال ذلك : 2642 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد , قال : أخبرنا إسحاق الأزرق , عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : { ما استيسر من الهدي } شاة . * حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , وحدثنا عبد الحميد , قال : أخبرنا إسحاق , قال : ثنا سفيان , عن حبيب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : { ما استيسر من الهدي } شاة . * حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد عن ابن عباس , مثله . 2643 - حدثني ابن المثنى , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن النعمان بن مالك , قال : تمتعت فسألت ابن عباس فقال : { ما استيسر من الهدي } قال : قلت شاة ؟ قال : شاة . 2644 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن أبي إسحاق , عن النعمان بن مالك , قال : سألت ابن عباس عما استيسر من الهدي ؟ قال : من الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والمعز والضأن . 2645 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم , قالا : ثنا هشيم , قال الزهري : أخبرنا وسئل عن قول الله جل ثناؤه : { فما استيسر من الهدي } قال : كان ابن عباس يقول : من الغنم . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا يونس بن أبي إسحاق , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : ما استيسر من الهدي : من الأزواج الثمانية . 2646 - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا خالد , قال : قيل للأشعث : ما قول الحسن : { فما استيسر من الهدي } ؟ قال : شاة . 2647 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة : { فما استيسر من الهدي } ؟ قال : شاة . 2648 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن قتادة . { فما استيسر من الهدي } قال : أعلاه بدنة , وأوسطه بقرة , وأخسه شاة . * حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , مثله , إلا أنه كان يقال : أعلاه بدنة , وذكر سائر الحديث مثله . * حدثنا ابن بشار قال : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا همام , عن قتادة , عن زرارة , عن ابن عباس , قال : { فما استيسر من الهدي } شاة . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن أبي جمرة , عن ابن عباس , مثله . 2649 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن يمان , عن ابن جريج , عن عطاء : { فما استيسر من الهدي } شاة . * حدثنا أبو كريب , قال , حدثنا ابن يمان , قال : ثنا محمد بن نقيع , عن عطاء , مثله . 2650 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : المحصر مبعث بهدي شاة فما فوقها . 2651 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري , قال : ثنا ابن نمير , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة قال : إذا أهل الرجل بالحج فأحصر , بعث بما استيسر من الهدي شاة . قاله : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير , فقال : كذلك قال ابن عباس . * حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : ما استيسر من الهدي : شاة فما فوقها . 2652 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , وحدثنا المثنى , قاله : ثنا آدم العسقلاني عن شعبة , قال : ثنا أبو جمرة , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي : جزور أو بقرة أو شاة , أو شرك في دم . 2653 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : إن ابن عباس كان يرى أن الشاة ما استيسر من الهدي . * حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الوهاب , عن خالد الحذاء , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه قال : ما استيسر من الهدي : شاة . 2654 - حدثنا يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : ما استيسر من الهدي : شاة . 2655 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا سهل بن يوسف قال : ثنا حميد , عن عبد الله بن عبيد بن عمير , قال : قال ابن عباس : الهدي : شاة , فقيل له : أيكون دون بقرة ؟ قال : فأنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تدرون به أن الهدي شاة ! ما في الظبي ؟ قالوا : شاة , قال : { هديا بالغ الكعبة } 5 95 * حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن قيس بن سعد , عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس , قال : شاة . 2656 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن دلهم بن صالح , قال : سألت أبا جعفر , عن قوله ما استيسر من الهدي : فقال : شاة . 2657 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , أن مالك بن أنس حدثه عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن علي بن أبي طالب كان يقول : ما استيسر من الهدي : شاة . * حدثنا المثنى , قال : ثنا مطرف بن عبد الله , قال : ثنا مالك , عن جعفر بن محمد , عن أبيه , عن علي رضي الله عنه , مثله . * حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول : ما استيسر من الهدي : شاة . 2658 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال مالك : وذلك أحب إلي . * حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : { فما استيسر من الهدي } قال : عليه , يعني المحصر هدي إن كان موسرا فمن الإبل , وإلا فمن البقر وإلا فمن الغنم . * حدثني المثنى , قال : ثنا آدم العسقلاني , قال : ثنا ابن أبي ذئب , عن شعبة مولى ابن عباس , عن ابن عباس , قال : ما استيسر من الهدي : شاة , وما عظمت شعائر الله , فهو أفضل . * حدثني يونس , قال : أخبرنا أشهب , قال : أخبرنا ابن لهيعة أن عطاء بن أبي رباح حدثه أن ما استيسر من الهدي : شاة . وقال آخرون : " ما استيسر من الهدي " : من الإبل والبقر , سن دون سن . ذكر من قال ذلك : 2659 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا معتمر , قال : سمعت عبيد الله , عن نافع , عن ابن عمر , قال : " ما استيسر من الهدي " : البقرة دون البقرة , والبعير دون البعير . 2660 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن أبي مجلز , قال : سأل رجل ابن عمر : ما استيسر من الهدي ؟ قال : أترضى شاة ؟ كأنه لا يرضاه . 2661 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن القاسم بن محمد ونافع , عن ابن عمر قال : ما استيسر من الهدي : ناقة أو بقرة , فقيل له : ما استيسر من الهدي ؟ قال : الناقة دون الناقة , والبقرة دون البقرة . 2662 - حدثني المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن يزيد بن أبي زياد , عن مجاهد , عن ابن عمر أنه قال : { فما استيسر من الهدي } قال : جزور , أو بقرة . 2663 - حدثنا أبو كريب ويعقوب , قالا : ثنا هشيم , قال الزهري أخبرنا , وسئل عن قول الله : { فما استيسر من الهدي } قال : قال ابن عمر : من الإبل والبقر . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن نافع , عن ابن عمر في قوله جل ثناؤه : { فما استيسر من الهدي } قال : الناقة دون الناقة , والبقرة دون البقرة . 2664 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن القاسم , عن ابن عمر في قوله : { فما استيسر من الهدي } قال : الإبل والبقر . 2665 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : كان عبد الله بن عمر وعائشة يقولان : " ما استيسر من الهدي " : من الإبل والبقر . 2666 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا الوليد بن أبي هشام , عن زياد بن جبير , عن أخيه عبد الله أو عبيد الله بن جبير , قال : سألت ابن عمر عن المتعة في الهدي ؟ فقال : ناقة , قلت : ما تقول في الشاة ؟ قال : أكلكم شاة أكلكم شاة . 2667 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ليث , عن مجاهد وطاوس , قالا : ما استيسر من الهدي : بقرة . 2668 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة : { فما استيسر من الهدي } قال في قول ابن عمر : بقرة فما فوقها . 2669 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني أبو معشر , عن نافع , عن ابن عمر , قال : " ما استيسر من الهدي " : قال : بدنة أو بقرة , فأما شاة فإنها هي نسك . 2670 - حدثنا المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن هشام بن عروة , عن أبيه , قال : البدنة دون البدنة , والبقرة دون البقرة , وإنما الشاة نسك , قال : تكون البقرة بأربعين وبخمسين . * حدثنا الربيع , قال : ثنا ابن وهب , قال : ثني أسامة , عن نافع , عن ابن عمر , كان يقول : ما استيسر من الهدي : بقرة . 2671 - وحدثنا الربيع , قال : ثنا ابن وهب , قال : ثني أسامة بن زيد أن سعيدا حدثه , قال : رأيت ابن عمر وأهل اليمن يأتونه فيسألونه عما استيسر من الهدي ويقولون : الشاة الشاة ! قال : فيرد عليهم : الشاة الشاة ! يحضهم ; إلا أن الجزور دون الجزور , والبقرة دون البقرة , ولكن ما استيسر من الهدي : بقرة . وأولى القولين بالصواب قول من قال : ما استيسر من الهدي شاة ; لأن الله جل ثناؤه إنما أوجب ما استيسر من الهدي , وذلك على كل ما تيسر للمهدي أن يهديه كائنا ما كان ذلك الذي يهدي . إلا أن يكون الله جل ثناؤه خص من ذلك شيئا , فيكون ما خص من ذلك خارجا من جملة ما احتمله ظاهر التنزيل , ويكون سائر الأشياء غيره مجزئا إذا أهداه المهدي بعد أن يستحق اسم هدي . فإن قال قائل : فإن الذي أبوا أن تكون الشاة مما استيسر من الهدي بأنه لا يستحق اسم هدي كما أنه لو أهدى دجاجة أو بيضة لم يكن مهديا هديا مجزئا ؟ قيل : لو كان في المهدي الدجاجة والبيضة من الاختلاف نحو الذي في المهدي الشاة لكان سبيلهما واحدة في أن كل واحد منهما قد أدى ما عليه بظاهر التنزيل إذا لم يكن أحد الهديين يخرجه من أن يكون مؤديا بإهدائه ما أهدى من ذلك مما أوجبه الله عليه في إحصاره . ولكن لما أخرج المهدي ما دون الجذع من الضأن والثني من المعز والإبل والبقر فصاعدا من الأسنان من أن يكون مهديا ما أوجبه الله عليه في إحصاره أو متعته بالحجة القاطعة العذر , نقلا عن نبينا صلى الله عليه وسلم وراثة , كان ذلك خارجا من أن يكون مرادا بقوله : { فما استيسر من الهدي } وإن كان مما استيسر لنا من الهدايا . ولما اختلف في الجذع من الضأن والثني من المعز , كان مجزئا ذلك عن مهديه لظاهر التنزيل , لأنه مما استيسر من الهدي . فإن قال قائل : فما محل " ما " التي في قوله جل وعز : { فما استيسر من الهدي } ؟ قيل : رفع . فإن قال : بماذا ؟ قيل : بمتروك , وذلك " فعليه " لأن تأويل الكلام : وأتموا الحج والعمرة أيها المؤمنون لله , فإن حبسكم عن إتمام ذلك حابس من مرض أو كسر أو خوف عدو فعليكم لإحلالكم إن أردتم الإحلال من إحرامكم ما استيسر من الهدي . وإنما اخترنا الرفع في ذلك , لأن أكثر القرآن جاء برفع نظائره , وذلك كقوله : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام } وكقوله : { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } وما أشبه ذلك مما يطول بإحصائه الكتاب , تركنا ذكره استغناء بما ذكرنا عنه . ولو قيل موضع " ما " نصب بمعنى : فإن أحصرتم فأهدوا ما استيسر من الهدي , لكان غير مخطئ قائله . وأما الهدي فإنه جمع واحدها هدية , على تقدير جدية السرج , والجمع الجدي مخفف . 2672 - حدثنا عن أبي عبيدة معمر بن المثنى , عن يونس , قال : كان أبو عمرو بن العلاء يقول : لا أعلم في الكلام حرفا يشبهه . وبتخفيف الياء وتسكين الدال من " الهدي " قرأه القراء في كل مصر , إلا ما ذكر عن الأعرج , فإن . 2673 - أبا هشام الرفاعي , حدثنا , قال : ثنا يعقوب , عن بشار , عن أسد , عن الأعرج أنه قرأ : " هديا بالغ الكعبة " بكسر الدال مثقلا , وقرأ : " حتى يبلغ الهدي محله " بكسر الدال مثقلة . واختلف في ذلك عن عاصم , فروي عنه موافقة الأعرج ومخالفته إلى قراءة سائر القراء . والهدي عندي إنما سمي هديا لأنه تقرب به إلى الله جل وعز مهديه بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه , يقال منه : أهديت الهدي إلى بيت الله فأنا أهديه إهداء , كما يقال في الهدية يهديها الرجل إلى غيره : أهديت إلى فلان هدية وأما أهديها . ويقال للبدنة هدية , ومنه قول زهير بن أبي سلمى يذكر رجلا أسر يشبهه في حرمته بالبدنة التي تهدى : فلم أر معشرا أسروا هديا ولم أر جار بيت يستباءولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله
القول في تأويل قوله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أحصرتم فأردتم الإحلال من إحرامكم , فعليكم ما استيسر من الهدي , ولا تحلوا من إحرامكم إذا أحصرتم حتى يبلغ الهدي الذي أوحيته عليكم لإحلالكم من إحرامكم الذي أحصرتم فيه قبل تمامه وانقضاء مشاعره ومناسكه محله وذلك أن حلق الرأس إحلال من الإحرام الذي كان المحرم قد أوجبه على نفسه , فنهاه الله عن الإحلال من إحرامه بحلاقه , حتى يبلغ الهدي الذي أباح الله له الإحلال جل ثناؤه بإهدائه محله . ثم اختلف أهل العلم في محل الهدي الذي عناه الله جل اسمه الذي متى بلغه كان للمحصر الإحلال من إحرامه الذي أحصر فيه . فقال بعضهم : محل هدي المحصر الذي يحل به ويجوز له ببلوغه إياه حلق رأسه , إذا كان إحصاره من خوف عدو منعه ذبحه إن كان مما يذبح , أو نحره إن كان مما ينحر , في الحل ذبح أو نحر أو في الحرم حيث حبس , وإن كان من غير خوف عدو فلا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة . وهذا قول من قال : الإحصار إحصار العدو دون غيره . ذكر من قال ذلك : 2674 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , أخبرني مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية , فنحروا الهدي وحلقوا رءوسهم , وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت , وقبل أن يصل إليه الهدي . ثم لم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا , ولا أن يعودوا لشيء . 2675 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني مالك , عن نافع : أن عبد الله بن عمر خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة , فقال : إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأهل بعمرة من أجل أن النبي كان أهل بعمرة عام الحديبية . ثم إن عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال : ما أمرهما إلا واحد . قال : فالتفت إلى أصحابه فقال : ما أمرهما إلا واحد , أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة . قال : ثم طاف طوافا واحدا , ورأى أن ذلك مجز عنه وأهدى . قال يونس : قال ابن وهب : قال مالك : وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت . قال : وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت , فقال : يحل من كل شيء , وينحر هديه , ويحلق رأسه حيث حبس , وليس عليه قضاء إلا أن يكون لم يحج قط , فعليه أن يحج حجة الإسلام . 2676 - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرنا مالك , قال : ثني يحيى بن سعيد , عن سليمان بن يسار : أن عبد الله بن عمر ومروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير أفتوا ابن حزابة المخزومي , وصرع في الحج ببعض الطريق , أن يبدأ بما لا بد منه ويفتدي , ثم يجعلها عمرة , ويحج عاما قابلا ويهدي . قال يونس : قال ابن وهب : قال مالك : وذلك الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو . قال : وقال مالك : وكل من حبس عن الحج بعد ما يحرم إما بمرض , أو خطأ في العدد , أو خفي عليه الهلال , فهو محصر , عليه ما على المحصر - يعني من المقام على إحرامه - حتى يطوف أو يسعى , ثم الحج من قابل والهدي . 2677 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : سمعت يحيى بن سعيد , يقول : أخبرني أيوب بن موسى أن داود بن أبي عاصم أخبره : أنه حج مرة فاشتكى , فرجع إلى الطائف ولم يطف بين الصفا والمروة , فكتب إلى عطاء بن أبي رباح يسأله عن ذلك , وأن عطاء كتب إليه : أن أهرق دما وعلة من قال بقول مالك في أن محل الهدي في الإحصار بالعدو نحره حيث حبس صاحبه , ما : 2678 - حدثنا به أبو كريب ومحمد بن عمارة الأسدي , قالا : ثنا عبيد الله بن موسى , قال : أخبرنا موسى بن عبيدة , قال : أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ , عن ابن عمر , قال : لما كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون فردوا وجهه . قال : فنحر النبي صلى الله عليه وسلم الهدي حيث حبسوه , وهي الحديبية , وحلق , وتأسى به أناس فحلقوا حين رأوه حلق , وتربص آخرون فقالوا : لعلنا نطوف بالبيت , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله المحلقين " . قيل : والمقصرين ! قال : ورحم الله المحلقين ! قيل : والمقصرين ! قال : " والمقصرين " . 2679 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , قال : أخبرنا معمر عن الزهري , عن عروة , عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم , قالا : لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم القضية بينه وبين مشركي قريش , وذلك بالحديبية عام الحديبية , قال لأصحابه : " قوموا فانحروا واحلقوا " . قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد , قام فدخل على أم سلمة , فذكر ذلك لها , فقالت أم سلمة : يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حلاقك فتحلق ! فقام فخرج فلم يكلم منهم أحدا حتى فعل ذلك . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا , وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما . قالوا : فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه حين صده المشركون عن البيت بالحديبية , وحل هو وأصحابه . قالوا : والحديبية ليست من الحرم , قالوا , ففي مثل ذلك دليل واضح على أن معنى قوله : { حتى يبلغ الهدي محله } حتى يبلغ بالذبح أو النحر محل أكله , والانتفاع به في محل ذبحه ونحره , كما روي عن نبي الله عليه الصلاة والسلام في نظيره إذ أتي بلحم أتته بريرة من صدقة كان تصدق بها عليها , فقال : " قربوه فقد بلغ محله " يعني : فقد بلغ محل طيبه وحلاله له بالهدية إليه بعد أن كان صدقة على بريرة . وقال بعضهم : محل هدي المحصر الحرم لا محل له غيره . ذكر من قال ذلك : 2680 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , عن الأعمش , عن عمارة بن عمير , عن عبد الرحمن بن يزيد : أن عمرو بن سعيد النخعي أهل بعمرة , فلما بلغ ذات الشقوق لدغ بها , فخرج أصحابه إلى الطريق يتشرفون الناس , فإذا هم بابن مسعود , فذكروا ذلك له , فقال : ليبعث بهدي , واجعلوا بينكم يوم أمارة , فإذا ذبح الهدي فليحلل , وعليه قضاء عمرته . * حدثنا تميم بن المنتصر , قال : ثنا إسحاق , عن شريك , عن سليمان بن مهران , عن عمارة بن عمير وإبراهيم , عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال : خرجنا مهلين بعمرة فينا الأسود بن يزيد , حتى نزلنا ذات الشقوق , فلدغ صاحب لنا , فشق ذلك عليه مشقة شديدة , فلم ندر كيف نصنع به , فخرج بعضنا إلى الطريق , فإذا نحن بركب فيه عبد الله بن مسعود , فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن رجل منا لدغ , فكيف نصنع به ؟ قال : يبعث معكم بثمن هدي , فتجعلون بينكم وبينه يوما أمارة , فإذا نحر الهدي فليحلل , وعليه عمرة في قابل . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن الأعمش , عن عمارة بن عمير , عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : بينا نحن بذات الشقوق فلبى رجل منا بعمرة فلدغ , فمر علينا عبد الله فسألناه , فقال : اجعلوا بينكم وبينه يوم أمارا , فيبعث بثمن الهدي , فإذا نحر حل وعليه العمرة . * حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن الحكم , قال : سمعت إبراهيم النخعي يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : أهل رجل منا بعمرة , فلدغ , فطلع ركب فيهم عبد الله بن مسعود , فسألوه , فقال : يبعث بهدي , واجعلوا بينكم وبينه يوما أمارا , فإذا كان ذلك اليوم فليحلل . وقال عمارة بن عمير : وكان حسبك به عن عبد الرحمن بن يزيد , عن عبد الله : وعليه العمرة من قابل . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن عمارة , عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : خرجنا عمارا , فلما كنا بذات الشقوق لدغ صاحب لنا , فاعترضنا للطريق نسأل عما نصنع به , فإذا عبد الله بن مسعود في ركب , فقلنا له : لدغ صاحب لنا , فقال : اجعلوا بينكم وبين صاحبكم يوما , وليرسل بالهدي , فإذا نحر الهدي فليحلل , ثم عليه العمرة . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , عن الحجاج , قال : حدثني عبد الرحمن بن الأسود , عن أبيه , عن ابن مسعود : أن عمرو بن سعيد النخعي أهل بعمرة , فلما بلغ ذات الشقوق لدغ بها , فخرج أصحابه إلى الطريق يتشوفون الناس , فإذا هم بابن مسعود , فذكروا فإذا ذبح الهدي فليحلل , وعليه قضاء عمرته . 2681 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } يقول : من أحرم بحج أو عمرة , ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عذر يحبسه , فعليه ذبح ما استيسر من الهدي , شاة فما فوقها يذبح عنه . فإن كانت حجة الإسلام , فعليه قضاؤها , وإن كانت حجة بعد حجة الفريضة أو عمرة فلا قضاء عليه . ثم قال : { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } فإن كان أحرم بالحج فمحله يوم النحر , و
Quran Translation Sura Al-Baqara aya 196
And complete the Hajj and 'umrah for Allah. But if you are prevented, then [offer] what can be obtained with ease of sacrificial animals. And do not shave your heads until the sacrificial animal has reached its place of slaughter. And whoever among you is ill or has an ailment of the head [making shaving necessary must offer] a ransom of fasting [three days] or charity or sacrifice. And when you are secure, then whoever performs 'umrah [during the Hajj months] followed by Hajj [offers] what can be obtained with ease of sacrificial animals. And whoever cannot find [or afford such an animal] - then a fast of three days during Hajj and of seven when you have returned [home]. Those are ten complete [days]. This is for those whose family is not in the area of al-Masjid al-Haram. And fear Allah and know that Allah is severe in penalty.