أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (سورة البقرة الآية 145)

    القرآن الكريم تفسير سورة البقرة الآية رقم 145.
    قال اللهُ تعالى: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 145].


    التفاسير للآية 145 من سورة البقرة


    التفسير الميسر


    ولئن جئت -أيها الرسول- الذين أُعطوا التوراة والإنجيل بكل حجة وبرهان على أن توجُّهك إلى الكعبة في الصلاة هو الحق من عند الله، ما تبعوا قبلتك عنادًا واستكبارًا، وما أنت بتابع قبلتهم مرة أخرى، وما بعضهم بتابع قبلة بعض. ولئن اتبعت أهواءهم في شأن القبلة وغيرها بعد ما جاءك من العلم بأنك على الحق وهم على الباطل، إنك حينئذ لمن الظالمين لأنفسهم. وهذا خطاب لجميع الأمة وهو تهديد ووعيد لمن يتبع أهواء المخالفين لشريعة الإسلام.


    تفسير ابن كثير


    وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ|||

    يخبر تعالى عن كفر اليهود وعنادهم ، ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به ، لما اتبعوه وتركوا أهواءهم كما قال تعالى : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] ولهذا قال هاهنا : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) .

    وقوله ( وما أنت بتابع قبلتهم [ وما بعضهم بتابع قبلة بعض ] ) إخبار عن شدة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى به ، وأنه كما هم مستمسكون بآرائهم وأهوائهم ، فهو أيضا مستمسك بأمر الله وطاعته واتباع مرضاته ، وأنه لا يتبع أهواءهم في جميع أحواله ، وما كان متوجها إلى بيت المقدس ; لأنها قبلة اليهود ، وإنما ذلك عن أمر الله تعالى . ثم حذر [ الله ] تعالى عن مخالفة الحق الذي يعلمه العالم إلى الهوى ; فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره . ولهذا قال مخاطبا للرسول ، والمراد الأمة : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ) [ البقرة : 145 ] .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ

    قال أبو جعفر: يعني بذلك تبارك اسمه: ولئن جئتَ، يا محمد، اليهودَ والنصارَى، بكل برهان وحُجة - وهي" الآية "- (89) بأن الحق هو ما جئتهم به، من فرض التحوُّل من قبلة بيت المقدس في الصلاة، إلى قبلة المسجد الحرام, ما صدّقوا به، ولا اتَّبعوا -مع قيام الحجة عليهم بذلك- قبلتَك التي حوَّلتُك إليها، وهي التوجُّه شَطرَ المسجد الحرام.

    * * *

    قال أبو جعفر: وأجيبت " لئن " بالماضي من الفعل، وحكمها الجوابُ بالمستقبل تشبيهًا لها ب " لو ", فأجيبت بما تجاب به " لو "، لتقارب معنييهما. &; وقد مضى البيان عن نَظير ذلك فيما مضى. (90) وأجيبت " لو " بجواب الأيمان. ولا تفعل العربُ ذلك إلا في الجزاء خاصة، لأن الجزاء مُشابه اليمين: في أن كل واحد منهما لا يتم أوّله إلا بآخره, ولا يتمُّ وحده, ولا يصحّ إلا بما يؤكِّد به بعدَه. فلما بدأ باليمين فأدخلت على الجزاء، صَارَت " اللام " الأولى بمنـزلة يَمين، والثانية بمنـزلة جواب لها, كما قيل: " لعمرك لتقومَنَّ" إذ كثرت " اللام " من " لعمرك "، حتى صارت كحرف من حروفه, فأجيب بما يجاب به الأيمان, إذ كانت " اللام " تنوب في الأيمان عن الأيمان، دون سائر الحروف، غير التي هي أحقُّ به الأيمان. فتدلّ على الأيمان وتعمل عمل الأجوبة، ولا تدلّ سائر أجوبة الأيمان لنا على الأيمان. (91) فشبهت " اللام " التي في جواب الأيمان بالأيمان، لما وصفنا, فأجيبت بأجوبَتها.

    * * *

    فكانَ مَعنى الكلام -إذ كان الأمر على ما وصفنا-: لو أتيتَ الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك.

    * * *

    وأما قوله: " وما أنتَ بتابع قِبلتهم "، يقول: وما لك من سبيل يا محمد إلى اتّباع قبلتهم. وذلك أن اليهود تستقبل بيت المقدس بصلاتها, وأن النصارى تستقبل المشرقَ, فأنَّى يكون لك السبيل إلى إتباع قِبلتهم. مع اختلاف وجوهها؟ يقول: فالزم قبلتَك التي أمِرت بالتوجه إليها, ودعْ عنك ما تقولُه اليهود والنصارى وتدعُوك إليه من قبلتهم واستقبالها.

    * * *

    وأما قوله: " وما بعضهم بتابع قبلة بعض "، فإنه يعني بقوله: وما اليهود بتابعةٍ &; 3-186 &; قبلةَ النصارى, ولا النصارى بتابعةٍ قبلة اليهود فمتوجِّهةٌ نحوها، كما:-

    2257- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وما بعضهم بتاع قبلة بعض "، يقول: ما اليهود بتابعي قبلة النصارى, ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود. قال: وإنما أنـزلت هذه الآية من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حُوِّل إلى الكعبة, قالت اليهود: إن محمدًا اشتاقَ إلى بلد أبيه ومولده! ولو ثبت على قبلتنا لكُنا نرجو أن يكون هو صاحبَنا الذي ننتظر! فأنـزل الله عز وجل فيهم: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ إلى قوله: لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . (92)

    2258- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وما بعضهم بتابع قبلةَ بعض "، مثل ذلك.

    * * *

    وإنما يعني جل ثناؤه بذلك: أن اليهود والنصارى لا تجتمع على قبلة واحدة، مع إقامة كل حزب منهم على مِلَّتهم. فقال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تُشعر نفسك رضَا هؤلاء اليهود والنصارى, فإنه أمر لا سبيل إليه. لأنهم مع اختلاف مللهم لا سبيل لكَ إلى إرضاء كل حزب منهم. من أجل أنك إن اتبعت قبلةَ اليهود أسخطتَ النصارى, وإن اتّبعت قبلة النصارى أسخطت اليهود, فدع ما لا سبيل إليه, وادعُهم إلى ما لهم السبيل إليه، من الاجتماع على مِلَّتك الحنيفيّة المسلمة, وقبلتِك قبلةِ إبراهيم والأنبياء من بعده.

    * * *

    القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)

    قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ولئن اتبعت أهواءهم "، ولئن التمست يا محمد رضَا هؤلاء اليهود والنصارى، الذين قالوا لك ولأصحابك: كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ، فاتبعتَ قبلتهم - يعني: فرَجعت إلى قبلتهم.

    ويعني بقوله: " من بَعد مَا جَاءك من العلم "، من بعد ما وصَل إليك من العلم، بإعلامي إياك أنهم مقيمون على باطل، وعلى عنادٍ منهم للحق, ومعرفةٍ منهم أنّ القبلة التي وجهتُك إليها هي القبلةُ التي فرضتُ على أبيك إبراهيم عليه السلام وسائر ولده من بعده من الرسل - التوجُّهَ نحوها،" إنك إذًا لمن الظالمين "، يعني: إنك إذا فعلت ذلك، من عبادي الظَّلمةِ أنفسَهم, المخالفين أمري, والتاركين طاعتي, وأحدُهم وفي عِدادِهم. (93)

    ---------------------------

    الهوامش:

    (89) انظر تفسيره"آية" فيما سلف 1 : 106/2 : 553 .

    (90) انظر ما سلف 2 : 458 ، وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 84 .

    (91) قوله : "أجوبة الأيمان لنا على الأيمان" هذه عبارة غامضة ، لم أظفر لها بوجه أرتضيه ، وأنا لا أشك في تحريفها أو نقصها .

    (92) الأثر : 2257- انظر ما مضى رقم : 2204 .

    (93) السياق : من عبادي الظلمة . . . وأحدهم ، وفي عدادهم" .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Baqara aya 145

    And if you brought to those who were given the Scripture every sign, they would not follow your qiblah. Nor will you be a follower of their qiblah. Nor would they be followers of one another's qiblah. So if you were to follow their desires after what has come to you of knowledge, indeed, you would then be among the wrongdoers.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا