وقوله : ( ثم ننجي الذين اتقوا ) أي : إذا مر الخلائق كلهم على النار ، وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم ، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم . فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا ، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين ، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيخرجون خلقا كثيرا قد أكلتهم النار ، إلا دارات وجوههم - وهي مواضع السجود - وإخراجهم إياهم من النار بحسب ما في قلوبهم من الإيمان ، فيخرجون أولا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه حتى يخرجوا من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ثم يخرج الله من النار من قال يوما من الدهر : " لا إله إلا الله " وإن لم يعمل خيرا قط ، ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود ، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم; ولهذا قال تعالى : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )
يقول تعالى ذكره: ( ثُمَّ نُنَجِّي ) من النار بعد ورود جميعهم إياها، ( الَّذِينَ اتَّقَوْا ) فخافوه، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) يقول جل ثناؤه: وندع الذين ظلموا أنفسهم، فعبدوا غير الله، وعصوا ربهم، وخالفوا أمره ونهيه في النار جثيا، يقول: بروكا على ركبهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) على ركبهم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) على ركبهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) قال: الجثيّ: شرّ الجلوس، لا يجلس الرجل جاثيا إلا عند كرب ينـزل به.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) إن الناس وردوا جهنم وهي سوداء مظلمة، فأما المؤمنون فأضاءت لهم حسناتهم، فأنجوا منها. وأما الكفار فأوبقتهم أعمالهم، واحتبسوا بذنوبهم.
Quran Translation Sura Maryam aya 72
Then We will save those who feared Allah and leave the wrongdoers within it, on their knees.