يقول تعالى : قل يا محمد : لو كان ماء البحر مدادا للقلم الذي تكتب به كلمات ربى وحكمه وآياته الدالة عليه ، ( لنفد البحر ) أي : لفرغ البحر قبل أن يفرغ من كتابة ذلك ) ولو جئنا بمثله ) أي : بمثل البحر آخر ، ثم آخر ، وهلم جرا ، بحور تمده ويكتب بها ، لما نفدت كلمات الله ، كما قال تعالى : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ) [ لقمان : 27 ] .
قال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها ، وقد أنزل الله ذلك : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) .
يقول : لو كان البحر مدادا لكلمات الله ، والشجر كله أقلام ، لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر ، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء ; لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي ، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه ، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول ، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة ، كحبة من خردل في خلال الأرض كلها .
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ) يا محمد: ( لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا ) للقلم الذي يُكتب به ( لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ مَاءً الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ) يقول: ولو مددنا البحر بمثل ما فيه من الماء مددا، من قول القائل: جئتك مددا لك، وذلك من معنى الزيادة.
وقد ذُكر عن بعضهم: ولو جئنا بمثله مددا، كأن قارئ ذلك كذلك أراد: لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي، ولو زدنا بمثل ما فيه من المداد الذي يكتب به مدادا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ) للقلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن البرقي، قال : ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر وابن الدراوردي، قالا ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ للْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْها كمَا بينَ السَّمَاءِ والأرْضِ، أعْلَى دَرَجَةٍ مِنْها الفِرْدَوْس ".
حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: ثنا أحمد بن الفرج الطائي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الفِرْدَوْسُ مِنْ رَبْوَةِ الجَنَّةِ، هِيَ أوْسَطُها وأحْسَنُها ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، قال: أنبأنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنَّ الفِرْدَوْسَ هِيَ أعْلَى الجَنَّةِ وأحْسَنُها وأرْفَعُها ".
حدثني محمد بن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، قال للربيع ابنة النضر " يا أُمَّ حارِثَةَ، إنَّها جِنانٌ، وإنَّ ابْنَكِ أصَابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلَى ". والفردوس: ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
وقوله: نُزُلا يقول: منازل ومساكن، والمنـزل: من النـزول، وهو من نـزول بعض الناس على بعض.
وأما النـزل: فهو الريع، يقال: ما لطعامكم هذا نـزل، يراد به الريع، وما وجدنا عندكم نـزلا أي نـزولا.
وقوله: خَالِدِينَ يقول: لابثين فيها أبدا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا يقول: لا يريدون عنها تحوّلا وهو مصدر تحوّلت، أخرج إلى أصله، كما يقال: صغر يصغر صغرا، وعاج يعوج عوجا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا قال: متحولا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ) يقول: إذا لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه.
Quran Translation Sura Al-Kahf aya 109
Say, "If the sea were ink for [writing] the words of my Lord, the sea would be exhausted before the words of my Lord were exhausted, even if We brought the like of it as a supplement."