وقوله : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة ، كما ورد في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال : " صلاة الليل " .
ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل ، فإن التهجد : ما كان بعد نوم ؛ قاله علقمة ، والأسود وإبراهيم النخعي ، وغير واحد وهو المعروف في لغة العرب . وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يتهجد بعد نومه ، عن ابن عباس ، وعائشة ، وغير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم ، كما هو مبسوط في موضعه ، ولله الحمد والمنة .
وقال الحسن البصري : هو ما كان بعد العشاء . ويحمل على ما بعد النوم .
واختلف في معنى قوله : ( نافلة لك ) فقيل : معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك ، فجعلوا قيام الليل واجبا في حقه دون الأمة . رواه العوفي عن ابن عباس ، وهو أحد قولي العلماء ، وأحد قولي الشافعي ، رحمه الله ، واختاره ابن جرير .
وقيل : إنما جعل قيام الليل في حقه نافلة على الخصوص ؛ لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وغيره من أمته إنما يكفر عنه صلواته النوافل الذنوب التي عليه ؛ قاله مجاهد ، وهو في المسند عن أبي أمامة الباهلي ، رضي الله عنه .
وقوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) أي : افعل هذا الذي أمرتك به ، لنقيمك يوم القيامة مقاما يحسدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم ، تبارك وتعالى .
قال ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل : ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم .
ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة قال : يجمع الناس في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، حفاة عراة كما خلقوا قياما ، لا تكلم نفس إلا بإذنه ، ينادى : يا محمد ، فيقول : " لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، وعبدك بين يديك ، وبك وإليك ، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت " . فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله عز وجل .
ثم رواه عن بندار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، به . وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر والثوري ، عن أبي إسحاق ، به .
وقال ابن عباس : هذا المقام المحمود مقام الشفاعة . وكذا قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وقاله الحسن البصري .
وقال قتادة : هو أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )
قلت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما تشريفات [ يوم القيامة ] لا يشركه فيها أحد ، وتشريفات لا يساويه فيها أحد ؛ فهو أول من تنشق عنه الأرض ويبعث راكبا إلى المحشر ، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه ، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه ، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ، وذلك بعدما يسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ، فكل يقول : " لست لها " حتى يأتوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : " أنا لها ، أنا لها " كما سنذكر ذلك مفصلا في هذا الموضع ، إن شاء الله تعالى . ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار ، فيردون عنها . وهو أول الأنبياء يقضى بين أمته ، وأولهم إجازة على الصراط بأمته . وهو أول شفيع في الجنة ، كما ثبت في صحيح مسلم . وفي حديث الصور : إن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته وهو أول داخل إليها وأمته قبل الأمم كلهم . ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم . وهو صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة ، لا تليق إلا له . وإذا أذن الله تعالى في الشفاعة للعصاة شفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيشفع هو في خلائق لا يعلم عدتهم إلا الله ، ولا يشفع أحد مثله ولا يساويه في ذلك . وقد بسطت ذلك مستقصى في آخر كتاب " السيرة " في باب الخصائص ، ولله الحمد والمنة .
ولنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود ، وبالله المستعان :
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا أبو الأحوص ، عن آدم بن علي ، سمعت ابن عمر [ يقول ] : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا ، كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا .
ورواه حمزة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا شعيب بن الليث ، حدثني الليث ، عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال : سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول : سمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ، فيقول : لست صاحب ذلك ، ثم بموسى فيقول كذلك ، ثم بمحمد فيشفع بين الخلق ، فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة ، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا " . [ يحمده أهل الجنة كلهم ] .
وهكذا رواه البخاري في " الزكاة " عن يحيى بن بكير ، وعبد الله بن صالح ، كلاهما عن الليث بن سعد ، به ، وزاد " فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم " .
قال البخاري : وحدثنا علي بن عياش ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة " . انفرد به دون مسلم .
حديث أبي :
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر الأزدي ، حدثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة ، كنت إمام الأنبياء وخطيبهم ، وصاحب شفاعتهم غير فخر " .
وأخرجه الترمذي ، من حديث أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، وقال : " حسن صحيح " . وابن ماجه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل به . وقد قدمنا في حديث : " أبي بن كعب " في قراءة القرآن على سبعة أحرف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره : " فقلت : اللهم ، اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق ، حتى إبراهيم عليه السلام " .
حديث أنس بن مالك :
قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجتمع المؤمنون يوم القيامة ، فيلهمون ذلك فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، فأراحنا من مكاننا هذا . فيأتون آدم فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول لهم آدم : لست هناكم ، ويذكر ذنبه الذي أصاب ، فيستحيي ربه - عز وجل - من ذلك ، ويقول : ولكن ائتوا نوحا ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتون نوحا فيقول : لست هناكم ، ويذكر خطيئة سؤاله ربه ما ليس له به علم ، فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن . فيأتونه فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا موسى ، عبدا كلمه الله ، وأعطاه التوراة . فيأتون موسى فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم النفس التي قتل بغير نفس فيستحيي ربه من ذلك ، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته وروحه ، فيأتون عيسى فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني " . قال الحسن هذا الحرف : " فأقوم فأمشي بين سماطين من المؤمنين " . قال أنس : " حتى أستأذن على ربي ، فإذا رأيت ربي وقعت له - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني " . قال : " ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، واشفع تشفع ، وسل تعطه . فأرفع رأسي ، فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة " : " ثم أعود إليه الثانية ، فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني . ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أعود في الثالثة ؛ فإذا رأيت ربي وقعت - أو : خررت - ساجدا لربي ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة . ثم أعود الرابعة فأقول : يا رب ، ما بقي إلا من حبسه القرآن " . فحدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فيخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال : " لا إله إلا الله " وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " .
أخرجاه [ في الصحيح ] من حديث سعيد ، به وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بطوله .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري ، عن النضر بن أنس ، عن أنس قال : حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط ، إذ جاءني عيسى ، عليه السلام ، فقال : هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون - أو قال : يجتمعون إليك - ويدعون الله أن يفرق بين جميع الأمم إلى حيث يشاء الله ، لغم ما هم فيه ، فالخلق ملجمون بالعرق ، فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة ، وأما الكافر فيغشاه الموت ، فقال : انتظر حتى أرجع إليك . فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش ، فلقي ما لم يلق ملك مصطفى ولا نبي مرسل . فأوحى الله - عز وجل - إلى جبريل : أن اذهب إلى محمد ، وقل له : ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فشفعت في أمتي : أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا . فما زلت أتردد إلى ربي - عز وجل - فلا أقوم منه مقاما إلا شفعت ، حتى أعطاني الله من ذلك ، أن قال : يا محمد ، أدخل [ من أمتك ] من خلق الله - عز وجل - من شهد أن لا إله إلا الله يوما واحدا مخلصا ومات على ذلك " .
حديث بريدة ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا الأسود بن عامر ، أخبرنا أبو إسرائيل ، عن الحارث بن حصيرة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه : أنه دخل على معاوية ، فإذا رجل يتكلم ، فقال بريدة : يا معاوية ، تأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم - وهو يرى أنه يتكلم بمثل ما قال الآخر - فقال بريدة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة ومدرة " . قال : فترجوها أنت يا معاوية ، ولا يرجوها علي ، رضي الله عنه ؟ ! .
حديث ابن مسعود :
قال الإمام أحمد : حدثنا عارم بن الفضل ، حدثنا سعيد بن زيد ، حدثنا علي بن الحكم البناني ، عن عثمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود ، عن ابن مسعود قال : جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : إن أمنا [ كانت ] تكرم الزوج ، وتعطف على الولد - قال : وذكر الضيف - غير أنها كانت وأدت في الجاهلية ؟ فقال : " أمكما في النار " . قال : فأدبرا والسوء يرى في وجوههما ، فأمر بهما فردا ، فرجعا والسرور يرى في وجوههما ؛ رجاء أن يكون قد حدث شيء ، فقال : " أمي مع أمكما " . فقال رجل من المنافقين : وما يغني هذا عن أمه شيئا! ونحن نطأ عقبيه . فقال رجل من الأنصار - ولم أر رجلا قط أكثر سؤالا منه - : يا رسول الله ، هل وعدك ربك فيها أو فيهما ؟ . قال : فظن أنه من شيء قد سمعه ، فقال : " ما شاء الله ربي وما أطمعني فيه ، وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة " . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، وما ذاك المقام المحمود ؟ قال : " ذاك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم ، عليه السلام ، فيقول : اكسوا خليلي . فيؤتى بريطتين بيضاوين ، فيلبسهما ثم يقعده مستقبل العرش ، ثم أوتى بكسوتي فألبسها ، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد ، فيغبطني فيه الأولون والآخرون . ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض " . فقال المنافقون : إنه ما جرى ماء قط إلا على حال أو رضراض . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حاله المسك ، ورضراضه التوم " . [ قال المنافق : لم أسمع كاليوم . قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض ، إلا كان له نبتة . فقال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له نبت ؟ قال " نعم ، قضبان الذهب " ] . قال المنافق : لم أسمع كاليوم ، فإنه قلما ينبت قضيب إلا أورق ، وإلا كان له ثمر! قال الأنصاري : يا رسول الله ، هل له ثمرة ؟ قال : " نعم ، ألوان الجوهر ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من شرب منه شربة لا يظمأ بعده ، ومن حرمه لم يرو بعده " .
وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله قال : ثم يأذن الله - عز وجل - في الشفاعة ، فيقوم روح القدس جبريل ، ثم يقوم إبراهيم خليل الله ، ثم يقوم عيسى أو موسى - قال أبو الزعراء : لا أدري أيهما - قال : ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا ، فيشفع لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع ، وهو المقام المحمود الذي قال الله عز وجل : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) .
حديث كعب بن مالك ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا محمد بن حرب ، حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله [ بن كعب ] بن مالك ، عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل ، ويكسوني ربي - عز وجل - حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود " .
حديث أبي الدرداء ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه ، فأنظر إلى ما بين يدي ، فأعرف أمتي من بين الأمم ، ومن خلفي مثل ذلك ، وعن يميني مثل ذلك ، وعن شمالي مثل ذلك " . فقال رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ، فيما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " هم غر محجلون ، من أثر الوضوء ، ليس أحد كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذريتهم " .
حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا أبو حيان ، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة ، ثم قال : " أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون . فيقول بعض الناس لبعض : [ ألا ترون إلى ما أنتم فيه ؟ ألا ترون إلى ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم عز وجل ؟ فيقول بعض الناس لبعض ] : أبوكم آدم ! .
فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ؛ فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح .
فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كانت لي دعوة على قومي ، نفسي ، نفسي ، نفسي! اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم .
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، [ اشفع لنا إلى ربك ] ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، فذكر كذباته نفسي ، نفسي ، نفسي [ اذهبوا إلى غيري ] اذهبوا إلى موسى .
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، أنت رسول الله ، اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى .
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه - قال : هكذا هو - وكلمت الناس في المهد ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنبا ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد .
فيأتوني فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله ، وخاتم الأنبياء ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي - عز وجل - ثم يفتح الله علي ، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي . فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأقول : يا رب ، أمتي أمتي ، يا رب أمتي أمتي ، يا رب ، أمتي أمتي! فيقال : يا محمد : أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب " . ثم قال : " والذي نفس محمد بيده لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " . أخرجاه في الصحيحين .
وقال مسلم ، رحمه الله : حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا هقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، حدثني أبو عمار ، حدثني عبد الله بن فروخ ، حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع " .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن داود بن يزيد الزعافري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، سئل عنها فقال : " هي الشفاعة " .
رواه الإمام أحمد عن وكيع وعن محمد بن عبيد ، عن داود ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : " هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه " .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة ، مد الله الأرض مد الأديم ، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأكون أول من يدعى ، وجبريل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه قبلها ، فأقول : رب ، إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي . فيقول الله تبارك وتعالى : صدق ، ثم أشفع . فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض " ، قال : " فهو المقام المحمود " ، وهذا حديث مرسل .
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ومن الليل فاسهر بعد نومة يا محمد بالقرآن، نافلة لك خالصة دون أمتك. والتهجد: التيقظ والسهر بعد نومة من الليل. وأما الهجود نفسه: فالنوم، كما قال الشاعر:
ألا طَرَقَتْنـــا والرّفــاقُ هُجُــودُ
فَبــاتَتْ بِعُــلاتِ النَّــوَالِ تَجُـودُ (5)
وقال الحطيئة
ألا طَـرَقَتْ هِنْـدُ الهُنُـودِ وَصُحْـبَتِي
بِحَــوْرَانَ حَـورَانِ الجُـنُودِ هُجُـودُ (6)
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث، عن مجاهد بن يزيد، عن أبي هلال، عن الأعرج أنه قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن رجل من الأنصار، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال: لأنظرنّ كيف يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ، فرفع رأسه إلى السماء، فتلا أربع آيات من آخر سورة آل عمران إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حتى مرّ بالأربع، ثم أهوى إلى القربة، فأخذ سواكا فاستنّ به، ثم توضأ، ثم صلى، ثم نام، ثم استيقظ فصنع كصنعه أوّل مرّة، ويزعمون أنه التهجد الذي أمره الله.
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن، قالا ثنا سعيد ، عن أبي إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن، عن علقمة والأسود أنهما قالا التهجد بعد نومة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: التهجد: بعد نومة.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: ثني أبو إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة والأسود، بمثله.
حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: التهجد: بعد النوم.
حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن ، قال: التهجد: ما كان بعد العشاء الآخرة.
حُدثت عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن كثير بن العباس، عن الحجاج بن عمرو، قال: إنما التهجد بعد رقدة.
وأما قوله ( نَافِلَةً لَكَ ) فإنه يقول: نفلا لك عن فرائضك التي فرضتها عليك.
واختُلف في المعنى الذي من أجله خصّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع كون صلاة كلّ مصلّ بعد هجوده، إذا كان قبل هجوده قد كان أدّى فرائضه نافلة نفلا إذ كانت غير واجبة عليه، فقال بعضهم: معنى خصوصه بذلك: هو أنها كانت فريضة عليه، وهي لغيره تطوّع، وقيل له: أقمها نافلة لك: أي فضلا لك من الفرائض التي فرضتها عليك عما فرضت على غيرك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ) يعني بالنافلة أنها للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة، أُمر بقيام الليل وكُتب عليه.
وقال آخرون: بل قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن فعله ذلك يكفِّر عنه شيئا من الذنوب، لأن الله تعالى كان قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر، فكان له نافلة فضل، فأما غيره فهو له كفارة، وليس هو له نافلة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: النافلة للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة من أجل أنه قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخَّر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة، فهو نافلة من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، فهي نوافل وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها، فليست للناس نوافل.
وأولى القولين بالصواب في ذلك، القول الذي ذكرنا عن ابن عباس، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الله تعالى قد خصه بما فرض عليه من قيام الليل، دون سائر أمته ، فأما ما ذكر عن مجاهد في ذلك، فقول لا معنى له، لأن رسول الله فيما ذُكِر عنه أكثر ما كان استغفارا لذنوبه بعد نـزول قول الله عزّ وجلّ عليه لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وذلك أن هذه السورة أنـزلت عليه بعد مُنْصَرَفه من الحديبية، وأنـزل عليه إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ عام قبض. وقيل له فيها فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا فكان يُعدُّ له صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد استغفار مائة مرّة ومعلوم أن الله لم يأمره أن يستغفر إلا لما يغفر له باستغفاره ذلك، فبين إذن وجه فساد ما قاله مجاهد.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن شمر عن عطية، عن شهر، عن أبي أمامة، قال: إنما كانت النافلة للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( نَافِلَةً لَكَ ) قال: تطوّعا وفضيلة لك.
وقوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) وعسى من الله واجبة، وإنما وجه قول أهل العلم: عسى من الله واجبة، لعلم المؤمنين أن الله لا يدع أن يفعل بعباده ما أطمعهم فيه من الجزاء على أعمالهم والعوض على طاعتهم إياه ليس من صفته الغرور، ولا شكّ أنه قد أطمع من قال ذلك له في نفعه، إذا هو تعاهده ولزمه، فإن لزم المقول له ذلك وتعاهده ثم لم ينفعه، ولا سبب يحول بينه وبين نفعه إياه مع الأطماع الذي تقدم منه لصاحبه على تعاهده إياه ولزومه ، فإنه لصاحبه غارّ بما كان من إخلافه إياه فيما كان أطمعه فيه بقوله الذي قال له. وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير جائز أن يكون جلّ ثناؤه من صفته الغرور لعباده صحّ ووجب أن كلّ ما أطمعهم فيه من طمع على طاعته، أو على فعل من الأفعال، أو أمر أو نهى أمرهم به، أو نهاهم عنه، فإنه موف لهم به، وإنهم منه كالعدة التي لا يخلف الوفاء بها، قالوا: عسى ولعلّ من الله واجبة.
وتأويل الكلام: أقم الصلاة المفروضة يا محمد في هذه الأوقات التي أمرتك بإقامتها فيها، ومن الليل فتهجد فرضا فرضته عليك، لعل ربك أن يبعثك يوم القيامة مقاما تقوم فيه محمودا تحمده، وتغبط فيه.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك المقام المحمود، فقال أكثر أهل العلم: ذلك هو المقام الذي هو يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدّة ذلك اليوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفَر، عن حُذيفة، قال: يجمع الناس في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، حفاة عراة كما خُلقوا، قياما لا تكلَّم نفس إلا بإذنه، ينادى: يا محمد، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، والشرّ ليس إليك، والمهديّ من هَدَيت، عبدك بين يديك، وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، تبارك وتعاليت، سبحانك ربّ هذا البيت ؛ فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفر، عن حُذيفة، قال: يُجْمع الناس في صعيد واحد. فلا تكَلَّم نفس، فأوّل ما يدعو محمد النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقوم محمد النبيّ صلى الله عليه وسلم، فيقول: لبيك، ثم ذكر مثله.
حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن رشدين بن كريب، عن أبيه عن ابن عباس، قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: المقام المحمود: مقام الشفاعة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزعراء، عن عبد الله في قصة ذكرها، قال: ثم يؤمر بالصراط فيضرب على جسر جهنم، فيمرّ الناس بقدر أعمالهم ؛ يمرّ أولهم كالبرق، وكمرّ الريح، وكمرّ الطير، وكأسرع البهائم، ثم كذلك حتى يمرّ الرجل سعيا، ثم مشيا، حتى يجيء آخرهم يتلبَّط على بطنه، فيقول: ربّ لما أبطأت بي، فيقول : إني لم أبطأ بك، إنما أبطأ بك عملك، قال: ثم يأذن الله في الشفاعة، فيكون أوّل شافع يوم القيامة جبرائيل عليه السلام، روح القُدس، ثم إبراهيم خليل الرحمن، ثم موسى، أو عيسى قال أبو الزعراء: لا أدري أيهما قال، قال: ثم يقوم نبيّكم صلى الله عليه وسلم رابعا، فلا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) .
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن عوف، عن الحسن في قول الله تعالى ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: المقام المحمود: مقام الشفاعة يوم القيامة.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ( مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: شفاعة محمد يوم القيامة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال : ثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: هو الشفاعة، يشفعه الله في أمته، فهو المقام المحمود.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) وقد ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم خير بين أن يكون نبيّا عبدا، أو ملكا نبيّا، فأومأ إليه جبرائيل عليه السلام: أن تَوَاضَعْ، فاختار نبيّ الله أن يكون عبدا نبيّا، فأُعْطِي به نبيّ الله ثنتين: إنه أوّل من تنشقّ عنه الأرض، وأوّل شافع. وكان أهل العلم يَرَوْن أنه المقام المحمود الذي قال الله تبارك وتعالى ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) شفاعة يوم القيامة.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال : هي الشفاعة، يشفِّعه الله في أمته.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر والثوريّ، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفَر، قال: سمعت حُذيفة يقول في قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: يجمع الله الناس في صعيد واحد حيث يُسْمعهم الداعي، فَيَنْفُذُهم البصر حُفاة عُراة، كما خُلِقوا سكوتا لا تكلَّم نفس إلا بإذنه، قال: فينادَى محمد، فيقول: لَبَّيك وسَعْديك، والخيرُ في يديك، والشرّ ليس إليك، والمهديّ من هَدَيت، وعبدُك بين يديك، ولك وإليك، لا ملْجَأَ ولا منجَى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربّ البيت، قال: فذلك المقامُ المحمودُ الذي ذكر الله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زُفَر، قال حُذيفة: يجمع الله الناس في صعيد واحد، حيث يَنْفُذُهم البصر، ويُسْمعهم الداعي، حُفاة عُراة كما خُلقوا أوّل مرّة، ثم يقوم النبيّ صلى الله عليه وسلم فيقول: " لبيك وسعديك "، ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال: هو المقام المحمود.
وقال آخرون: بل ذلك المقام المحمود الذي وعد الله نبيّه أن يبعثه إياه، هو أن يقاعده معه على عرشه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: يُجْلسه معه على عرشه.
وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صحّ به الخبر عن رسول الله.
وذلك ما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن داود بن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) سئل عنها، قال: " هِىَ الشَّفاعَةُ".
حدثنا عليّ بن حرب، قال: ثنا مَكّيّ بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن يزيد الأوْدِيّ، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قال: " هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي".
حدثنا أبو عُتبة الحِمْصِيّ أحمد بن الفَرَج، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الزُّبيديّ، عن الزهريّ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي ، فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ ، فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ".
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثني الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، أنه قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّمْسَ لتَدْنُو حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأذُنِ ، فَبَيْنَما هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَيَقُولُ لَسْتُ صَاحِبَ ذَلِكَ ثُمَّ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَيَقُولُ كَذلكَ ، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ فَيَشْفَعُ بين الخلق حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ الْجنة فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا ".
حدثني أبو زيد عمر بن شَبَّة، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا سعيد بن زيد، عن عليّ بن الحكم، قال: ثني عثمان، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لأقُومُ المَقَامَ المَحْمُودَ" فقال رجل: يا رسول الله، وما ذلك المقام المحمود؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذَاكَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام ، فَيُؤْتَى بِرَيْطَتَيْنِ بَيْضَاوَيْنِ ، فَيَلْبِسْهُمَا ، ثُمَّ يَقْعُدُ مُسْتَقْبِلَ الْعَرْشِ ، ثُمَّ أُوتَى بِكِسْوَتِي فَأَلْبَسُهَا ، فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ مَقَامًا لا يَقُومُهُ غَيْرِي يَغْبِطُنِي فِيهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ ، ثُمَّ يُفْتَحُ نَهَرٌ مِنْ الْكَوْثَرِ إِلَى الْحَوْضِ " .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، عن عليّ بن الحسين، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إذَا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ مَدَّ الله الأرضَ مَدَّ الأدِيمِ حتى لا يَكُونَ لِبَشَر مِنَ النَّاسِ إلا مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: فَأَكُونُ أوَّلَ مَنْ يُدْعَى وجَبْرَائِيل عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، والله ما رآهُ قَبْلَها، فَأَقُولُ: أيْ ربّ إنَّ هذَا أخْبَرَنِي أنَّك أرْسَلْتَهُ إليَّ، فَيَقُولُ الله عَزَّ وجَلَّ: صَدَقَ، ثُمَّ أَشْفَعُ، قال: فَهُوَ المَقامُ المَحْمُودُ".
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر ، عن الزهريّ، عن عليّ بن الحسين، قال : قال النبيّ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ"، فذكر نحوه، وزاد فيه: " ثُمَّ أشْفَعُ فَأَقُولُ: يا ربّ عِبادُكَ عَبَدُوكَ في أطْرافِ الأرْضِ، وَهُوَ المَقامُ المَحْمُودُ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال : ثنا إبراهيم بن طهمان، عن آدم، عن عليّ، قال: سمعت ابن عمر يقول: إن الناس يحشرون يوم القيامة، فيجىء مع كلّ نبيّ أمته، ثم يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الأمم هو وأمته، فيرقى هو وأمته على كَوم فوق الناس، فيقول: يا فلان اشفع، ويا فلان اشفع، ويا فلان اشفع، فما زال يردّها بعضهم على بعض (7) يرجع ذلك إليه، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه.
حدثنا محمد بن عوف، قال: ثنا حَيْوة وربيع، قالا ثنا محمد بن حرب، عن الزبيديّ، عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلّ ، فَيَكْسُونِي رَبِي عَزَّ وَجَلَّ حُلَّةً خَضْرَاءَ ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ ، فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ".
وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يُقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك. فأما من جهة النظر، فإن جميع من ينتحل الإسلام إنما اختلفوا في معنى ذلك على أوجه ثلاثة: فقالت فرقة منهم: الله عزّ وجلّ بائن من خلقه كان قبل خلقه الأشياء، ثم خلق الأشياء فلم يماسَّها، وهو كما لم يزل، غير أن الأشياء التي خلقها، إذ لم يكن هو لها مماسا، وجب أن يكون لها مباينا، إذ لا فعال للأشياء إلا وهو مماسّ للأجسام أو مباين لها. قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله عزّ وجلّ فاعل الأشياء، ولم يجز في قولهم: إنه يوصف بأنه مماسّ للأشياء، وجب بزعمهم أنه لها مباين، فعلى مذهب هؤلاء سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، أو على الأرض إذ كان من قولهم إن بينونته من عرشه، وبينونته من أرضه بمعنى واحد في أنه بائن منهما كليهما، غير مماسّ لواحد منهما.
وقالت فرقة أخرى: كان الله تعالى ذكره قبل خلقه الأشياء، لا شيء يماسه، ولا شيء يباينه، ثم خلق الأشياء فأقامها بقدرته، وهو كما لم يزل قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه ولا شيء يباينه، فعلى قول هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، أو على أرضه، إذ كان سواء على قولهم عرشه وأرضه في أنه لا مماس ولا مباين لهذا، كما أنه لا مماس ولا مباين لهذه.
وقالت فرقة أخرى: كان الله عزّ ذكره قبل خلقه الأشياء لا شيء ولا شيء يماسه، ولا شيء يباينه، ثم أحدث الأشياء وخلقها، فخلق لنفسه عرشا استوى عليه جالسا، وصار له مماسا، كما أنه قد كان قبل خلقه الأشياء لا شيء يرزقه رزقا، ولا شيء يحرمه ذلك، ثم خلق الأشياء فرزق هذا وحرم هذا، وأعطى هذا، ومنع هذا، قالوا: فكذلك كان قبل خلقه الأشياء يماسه ولا يباينه، وخلق الأشياء فماس العرش بجلوسه عليه دون سائر خلقه، فهو مماس ما شاء من خلقه، ومباين ما شاء منه، فعلى مذهب هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا على عرشه، أو أقعده على منبر من نور، إذ كان من قولهم: إن جلوس الربّ على عرشه، ليس بجلوس يشغل جميع العرش، ولا في إقعاد محمد صلى الله عليه وسلم موجبا له صفة الربوبية، ولا مخرجه من صفة العبودية لربه، كما أن مباينة محمد صلى الله عليه وسلم ما كان مباينا له من الأشياء غير موجبة له صفة الربوبية، ولا مخرجته من صفة العبودية لربه من أجل أنه موصوف بأنه له مباين، كما أن الله عزّ وجلّ موصوف على قول قائل هذه المقالة بأنه مباين لها، هو مباين له. قالوا: فإذا كان معنى مباين ومباين لا يوجب لمحمد صلى الله عليه وسلم الخروج من صفة العبودة والدخول في معنى الربوبية، فكذلك لا يوجب له ذلك قعوده على عرش الرحمن، فقد تبين إذا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدا على عرشه.
فإن قال قائل: فإنا لا ننكر إقعاد الله محمدا على عرشه، وإنما ننكر إقعاده (8) .
حدثني عباس بن عبد العظيم، قال: ثنا يحيى بن كثير، عن الجريريّ، عن سيف السَّدُوسيّ، عن عبد الله بن سلام، قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على كرسيّ الربّ بين يدي الربّ تبارك وتعالى ، وإنما ينكر إقعاده إياه معه ، قيل: أفجائز عندك أن يقعده عليه لا معه. فإن أجاز ذلك صار إلى الإقرار بأنه إما معه، أو إلى أنه يقعده، والله للعرش مباين، أو لا مماسّ ولا مباين، وبأيّ ذلك قال كان منه دخولا في بعض ما كان ينكره وإن قال ذلك غير جائز كان منه خروجا من قول جميع الفرق التي حكينا قولهم، وذلك فراق لقول جميع من ينتحل الإسلام، إذ كان لا قول في ذلك إلا الأقوال الثلاثة التي حكيناها، وغير محال في قول منها ما قال مجاهد في ذلك.
------------------
الهوامش :
(5) البيت لم أقف على قائله. وهجود: يجوز أن يكون مصدر هجد يهجد هجودا إذا نام، ويكون المراد منه: والرفاق ذوو هجود أو والرفاق هاجدون، فيكون بمعنى المشتق. ويجوز أن يكون هجود جمعا لهاجد بلا تأويل، كعقود جمع قاعد، وجلوس جمع جالس وحضور جمع حاضر. والعلات: جمع علة اسم للمرة من العل، وهو السقي الثاني بعد الأول. والنوال: ما يعطيه الحبيب حبيبه من ثمرة الحب.
(6) البيت للحطيئة (ديوانه طبعة الحميدية ص 103). وقال شارحه: كل كورة من كور الشام: جند. وهجود: جمع هاجد، وهو النائم، ومثله قعود: جمع قاعد. ومحل الشاهد أن الهجود في الآية معناه: النوم، كما في بيت الحطيئة. مصدر هجد يهجد هجودا إذا نام. ويكون المصدر في معنى المشتق، أو يكون على معنى: والرفاق "ذوو هجود" ثم حذف المضاف، وأقيم المصدر مقامه.
(7) لعله حتى يرجع.
(8) لعل هذه الجملة قد سقطت بقيتها في هذا الموضع. وستجيء نظيرتها تامة في السطر الثالث بعدها.
Quran Translation Sura Al-Israa aya 79
And from [part of] the night, pray with it as additional [worship] for you; it is expected that your Lord will resurrect you to a praised station.