أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (سورة الإسراء الآية 16)

    القرآن الكريم تفسير سورة الإسراء الآية رقم 16.
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا [الإسراء: 16].


    التفاسير للآية 16 من سورة الإسراء


    التفسير الميسر


    وإذا أردنا إهلاك أهل قرية لظلمهم أَمَرْنا مترفيهم بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله، وغيرهم تبع لهم، فعصَوا أمر ربهم وكذَّبوا رسله، فحقَّ عليهم القول بالعذاب الذي لا مردَّ له، فاستأصلناهم بالهلاك التام.


    تفسير ابن كثير


    وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا|||

    اختلف القراء في قراءة قوله : ( أمرنا ) فالمشهور قراءة التخفيف ، واختلف المفسرون في معناها ، فقيل : معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا ، كقوله تعالى : ( أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ) [ يونس : 24 ] ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، قالوا : معناه : أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب .

    وقيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة . رواه ابن جريج عن ابن عباس ، وقاله سعيد بن جبير أيضا .

    وقال ابن جرير : وقد يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء .

    قلت : إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ " أمرنا مترفيها " قال علي بن طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) يقول : سلطنا أشرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب ، وهو قوله : ( وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ) [ الأنعام : 123 ] ، وكذا قال أبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس .

    وقال العوفي عن ابن عباس : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) يقول : أكثرنا عددهم ، وكذا قال عكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وقتادة ، وعن مالك عن الزهري : ( أمرنا مترفيها ) : أكثرنا .

    وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا أبو نعامة العدوي ، عن مسلم بن بديل ، عن‌ إياس بن زهير ، عن سويد بن هبيرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير مال امرئ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة " .

    قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام ، رحمه الله ، في كتابه " الغريب " : المأمورة : كثيرة النسل . والسكة : الطريقة المصطفة من النخل ، والمأبورة : من التأبير ، وقال بعضهم : إنما جاء هذا متناسبا كقوله : " مأزورات غير مأجورات " .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا|||

    اختلف القرّاء في قراءة قوله (أمَرْنَا مُتْرَفِيها) فقرأت ذلك عامة قرّاء الحجاز والعراق (أمَرْنا) بقصر الألف وغير مدها وتخفيف الميم وفتحها. وإذا قرئ ذلك كذلك، فإن الأغلب من تأويله: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها بمعصيتهم الله، وخلافهم أمره، كذلك تأوّله كثير ممن قرأه كذلك.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس (أمَرْنا مُتْرَفِيها) قال: بطاعة الله، فعصوا.

    حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا شريك، عن سلمة أو غيره، عن سعيد بن جبير، قال: أمرنا بالطاعة فعصوا، وقد يحتمل أيضا إذا قرئ كذلك أن يكون معناه: جعلناهم أمراء ففسقوا فيها، لأن العرب تقول: هو أمير غير مأمور. وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: قد يتوجَّه معناه إذا قرئ كذلك إلى معنى أكثرنا مترفيها، ويحتجّ لتصحيحه ذلك بالخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خَيْرُ المَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أوْ سِكّةٌ مَأْبُورَةٌ" ويقول: إن معنى قوله: مأمورة: كثيرة النسل. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين ينكر ذلك من قيله، ولا يجيزنا أمرنا، بمعنى أكثرنا إلا بمد الألف من أمرنا. ويقول في قوله " مهرة مأمورة ": إنما قيل ذلك على الاتباع لمجيء مأبورة بعدها، كما قيل : " ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيرَ مَأْجُورَاتٍ" فهمز مأزورات لهمز مأجورات، وهي من وزرت إتباعا لبعض الكلام بعضا. وقرأ ذلك أبو عثمان (أمَّرْنا) بتشديد الميم، بمعنى الإمارة.

    حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم عن عوف، عن أبي عثمان النهدي أنه قرأ (أمَّرْنا) مشدّدة من الإمارة. وقد تأوّل هذا الكلام على هذا التأويل، جماعة من أهل التأويل.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا عليّ بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (أمَّرْنا مُترَفِيها) يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب، وهو قوله وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا .

    حدثني الحرث، قال: ثنا القاسم، قال: سمعت الكسائي يحدّث عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، أنه قرأها(أمَّرْنا) وقال: سلَّطنا.

    حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن أبي حفص، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: (أمَّرْنا) مثقلة: جعلنا عليها مترفيها: مستكبريها.

    حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: (أمَّرْنا مُتْرَفِيها) قال: بعثنا.

    حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

    وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك (آمَرْنا) بمدّ الألف من أمرنا، بمعنى: أكثرنا فسقتها. وقد وجَّه تأويل هذا الحرف إلى هذا التأويل جماعة من أهل التأويل، إلا أن الذين حدّثونا لم يميزوا لنا اختلاف القراءات في ذلك، وكيف قرأ ذلك المتأوّلون، إلا القليل منهم.

    ذكر من تأوّل ذلك كذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَإِذَا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً آمَرْنا مُترَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) يقول: أكثرنا عددهم.

    حدثنا هناد ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة قوله (آمَرْنا مُتْرَفِيها) قال: أكثرناهم.

    حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله (أمَرْنا مُتْرَفِيها) قال: أكثرناهم.

    حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (أَمَرْنَا مُتْرَفِيها) يقول: أكثرنا مترفيها: أى كبراءها.

    حدثنا بشر، قالا ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلكَ قَرْيَةً آمَرْنَا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فيها فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ) يقول: أكثرنا مترفيها: أى جبابرتها، ففسقوا فيها وعملوا بمعصية الله (فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) وكان يقال: إذا أراد الله بقوم صلاحا، بعث عليهم مصلحا، وإذا أراد بهم فسادا بعث عليهم مفسدا، وإذا أراد أن يهلكها أكثر مترفيها.

    حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (آمَرْنَا مُتْرَفِيها) قال: أكثرناهم.

    حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على زينب وهو يقول: " لا إِلَهَ إِلا الله وَيْلٌ لِلْعَرَبِ منْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمُ منْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذَا، وحلق بين إبهامه والتي تليها، قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ".

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ) قال: ذكر بعض أهل العلم أن أمرنا: أكثرنا. قال: والعرب تقول للشيء الكثير أمِرَ لكثرته. فأما إذا وصف القوم بأنهم كثروا، فإنه يقال: أمر بنو فلان، وأمر القوم يأمرون أمرا، وذلك إذا كثروا وعظم أمرهم، كما قال لبيد.

    إنْ يُغْبَطُــوا يُهْبَطُــوا وَإِنْ أَمِـرُوا

    يَوْمــا يَصِــيرُوا للقُــلّ والنَّقَــدِ (5)

    والأمر المصدر، والاسم الإمر، كما قال الله جلّ ثناؤه لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قال: عظيما، وحكي في مثل شرّ إِمْر: أي كثير.

    وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بقصر الألف من أمرنا وتخفيف الميم منها، لإجماع الحجة من القرّاء على تصويبها دون غيرها. وإذا كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأويلات به تأويل من تأوّله: أمرنا أهلها بالطاعة فعصوا وفسقوا فيها، فحقّ عليهم القول، لأن الأغلب من معنى أمرنا: الأمر، الذي هو خلاف النهي دون غيره، وتوجيه معاني كلام الله جلّ ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه، أولى ما وجد إليه سبيل من غيره.

    ومعنى قوله (فَفَسَقُوا فِيهَا): فخالفوا أمر الله فيها، وخرجوا عن طاعته (فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ) يقول: فوجب عليهم بمعصيتهم الله وفسوقهم فيها، وعيد لله الذي أوعد من كفر به، وخالف رسله، من الهلاك بعد الإعذار والإنذار بالرسل والحجج (فَدَمَّرْناها تَدْميرًا) يقول: فخرّبناها عند ذلك تخريبا، وأهلكنا من كان فيها من أهلها إهلاكا، كما قال الفرزدق:

    وكــانَ لَهُــمْ كَبكْــرِ ثَمُـودَ لَمَّـا

    رَغــا ظُهْــرًا فَدَمَّــرَهُمْ دَمـارًا (6)

    والبيت من قصيدة ناقض بها الفرزدق قصيدة جرير التي مطلعها:

    ألا حَــيَّ الدّيــارَ بِسُــعْدِ إنّــي

    أُحِــبّ لِحُــبّ فاطمــةَ الّذيــارا

    والضمير في قوله " وكان لهم كبكر ثمود " راجع إلى جرير المذكور في البيت قبله وهو :

    جَــرٍّ الْمُخْزِيــاتِ عَــلى كُـلَيْبٍ

    جَــرِيرٌ ثــمَّ مــا مَنَـعَ الدَّمَـارَا

    وبكر ثمود : ولد ناقة صالح . ورغا: صوت . والرغاء: صوت ذوات الخف.

    --------------------------

    الهوامش :

    (5) البيت في ديوان لبيد طبع فينا سنة 1880 رواية الطوسي ص 19 وفي روايته آخر البيت : "للهلك والنكد" في موضع: للقل والنقد في رواية المؤلف: وقال شارحه: يقول: إن غبطوا يوما فإنهم يموتون، ويهبطوا هاهنا يموتون. قال أبو الحسن: وهو قول أبي عمرو. ويروى: "إن يغبطوا: يموتون غبطة، كأنهم يموتون من غير مرض. ويقال للناقة إذا ذبحت من غير علة: اعتبطت، أخذه من العبيط، والعبيط: الطري من كل شيء" أ ه. قلت: والقد النفد بمعنى القلة والغناء.

    (6) البيت للفرزدق (ديوانه 443) استشهد به المؤلف على أن قوله تعالى: "فدمرناها تدميرا" معناه: خربناها تخريبا.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Al-Israa aya 16

    And when We intend to destroy a city, We command its affluent but they defiantly disobey therein; so the word comes into effect upon it, and We destroy it with [complete] destruction.

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا