أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (سورة النحل الآية 72)

    القرآن الكريم تفسير سورة النحل الآية رقم 72.
    قال اللهُ تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ [النحل: 72].


    التفاسير للآية 72 من سورة النحل


    التفسير الميسر


    والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا؛ لتستريح نفوسكم معهن، وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد، ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون، وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون، ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟


    تفسير ابن كثير


    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ|||

    يذكر تعالى نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجا من جنسهم وشكلهم [ وزيهم ] ولو جعل الأزواج من نوع آخر لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورا وإناثا ، وجعل الإناث أزواجا للذكور .

    ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة ، وهم أولاد البنين . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد .

    قال شعبة ، عن أبى بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( بنين وحفدة ) هم الولد وولد الولد .

    وقال سنيد : حدثنا حجاج عن أبي بكر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك . قال جميل :

    حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الأجمال

    وقال مجاهد : ( بنين وحفدة ) ابنه وخادمه . وقال في رواية : الحفدة : الأنصار والأعوان والخدام .

    وقال طاوس : الحفدة : الخدم وكذا قال قتادة ، وأبو مالك ، والحسن البصري .

    وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة أنه قال : الحفدة : من خدمك من ولدك وولد ولدك .

    قال الضحاك : إنما كانت العرب يخدمها بنوها .

    وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) يقول : بنو امرأة الرجل ليسوا منه . ويقال : الحفدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقال : فلان يحفد لنا قال : ويزعم رجال أن الحفدة أختان الرجل .

    وهذا [ القول ] الأخير الذي ذكره ابن عباس قاله ابن مسعود ، ومسروق ، وأبو الضحى ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والقرظي . ورواه عكرمة ، عن ابن عباس .

    وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هم الأصهار .

    قال ابن جرير : وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى : " الحفد " وهو الخدمة ، الذي منه قوله في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم فالنعمة حاصلة بهذا كله ; ولهذا قال : ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة )

    قلت : فمن جعل ) وحفدة ) متعلقا بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد ، وأولاد الأولاد ، والأصهار ; لأنهم أزواج البنات ، وأولاد الزوجة ، وكما قال الشعبي والضحاك فإنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته . وقد يكون هذا هو المراد من قوله [ عليه الصلاة ] والسلام في حديث بصرة بن أكثم : " والولد عبد لك " رواه أبو داود .

    وأما من جعل الحفدة هم الخدم فعنده أنه معطوف على قوله : ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) أي : وجعل لكم الأزواج والأولاد .

    ( ورزقكم من الطيبات ) من المطاعم والمشارب .

    ثم قال تعالى منكرا على من أشرك في عبادة المنعم غيره : ( أفبالباطل يؤمنون ) وهم : الأصنام والأنداد ، ( وبنعمة الله هم يكفرون ) أي : يسترون نعم الله عليهم ويضيفونها إلى غيره .

    وفي الحديث الصحيح : " إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ممتنا عليه " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ " .




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ|||

    يقول تعالى ذكره ( وَاللَّهُ ) الذي (جَعَلَ لَكُمْ) أيها الناس ( مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء، ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ).

    كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) : أي والله خلق آدم، ثم خلق زوجته منه ثم جعل لكم بنين وحفدة.

    واختلف أهل التأويل في المعنيين بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرجل على بناته.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا ثنا أبو معاوية، قال: ثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرو، عن ابن حبيش، عن عبد الله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الأختان.

    حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، عن عاصم، عن ورقاء سألت عبد الله: ما تقول في الحَفَدَة؟ هم حَشَم الرجل يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لا ولكنهم الأختان.

    حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ؛ وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قالا جميعا: ثنا سفيان، عن عاصم بن بَهْدَلة، عن زِرّ بن حُبَيْش، عن عبد الله، قال: الحَفَدَة: الأختان.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي. عن سفيان بإسناده عن عبد الله، مثله.

    حدثنا ابن بشار وأحمد بن الوليد القرشي وابن وكيع وسوار بن عبد الله العنبريّ ومحمد بن خلف بن خراش والحسن بن خلف الواسطيّ، قالوا: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، قال: الحَفَدَة: الأختان.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: الحَفَدَة: الأختان.

    حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحَفَدَة: الأختان.

    حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: الحَفَدَة: الخَتْن.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن عاصم، عن زِرّ، عن عبد الله، قال: الأختان.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الأختان.

    وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس، قوله ( وَحَفَدَةً ) قال: الأصهار.

    حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عاصم ، عن زِرّ، عن ابن مسعود، قال: الحَفَدَة: الأختان.

    حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، قال: قال لي عبد الله بن مسعود: ما الحَفَدَة يا زِرّ؟ قال: قلت: هم أحفاد الرجل من ولده وولد ولده. قال: لا هم الأصهار.

    وقال آخرون: هم أعوان الرجل وخدمه.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سليم بن قتيبة، عن وهب بن حبيب الأسَدي، عن أبي حمزة، عن ابن عباس سئل عن قوله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: من أعانك فقد حَفَدك، أما سمعت قوله الشاعر:

    حَــفَدَ الوَلائِــدُ حَـوْلَهُنَّ وأُسْـلِمَتْ

    بـــأكُفِّهِنَّ أزِمَّـــةُ الأجْمـــال (12)

    حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحفدة: الخُدّام.

    حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سَلْم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البَجَلي، عن سماك، عن عكرمة، قال: قال: الحَفَدَة: الخُدّام.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن عكرمة، قال: هم الذين يعينون الرجل من ولده وخدمه.

    حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة ( وَحَفَدَةً ) قال: الحَفَدَة: من خدمك مِنْ ولدك.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سلام بن سليم، وقيس عن سِماك، عن عكرمة، قال: هم الخدم.

    حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد ، قال: ثنا سلام أبو الأحوص، عن سِماك، عن عكرمة، مثله.

    حدثني محمد بن خالد، قال: ثني سلمة، عن أبي هلال، عن الحسن، في قوله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: البنين وبني البنين، مَنْ أعانك من أهل وخادم فقد حفدك.

    حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، قال: هم الخَدَم.

    حدثني محمد بن خالد وابن وكيع، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: ثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الحَفَدة: الخَدَم.

    حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، جميعا عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: ابنه وخادمه.

    حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: أنصارًا وأعوانًا وخدامًا.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: الحفدة: الخدم.

    حدثنا ابن بشار مرّة أخرى، قال: ابنه وخادمه.

    حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) مهنة يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامة أكرمكم الله بها.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السُّديّ، عن أبي مالك: الحَفَدَة، قال: الأعوان.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حصين، عن عكرمة، قال: الذين يعينونه.

    حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن الحكَم بن أبان، عن عكرمة، في قوله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك.

    حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن التيميّ، عن أبيه، عن الحسن، قال: الحَفَدَة: الخَدَم.

    حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن حصين، عن عكرمة ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: ولده الذين يعينونه.

    وقال آخرون: هم ولد الرجل وولد ولده.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( وَحَفَدَةً ) قال: هم الولد وولد الولد.

    حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد وسعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحَفَدَة: البنون.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا غُنْدَر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.

    حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك، قال حميد:

    حَــفَدَ الوَلائِــدُ حَـوْلَهُنَّ وأُسْـلِمَتْ

    بـــأكُفِّهِنَّ أزِمَّـــةُ الأجْمـــال (13)

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحَفَدَة: الخدم من ولد الرجل هم ولده، وهم يخدمونه ؛ قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبد ، إنما الحَفَدَة: ولد الرجل وخدمه.

    حُدثت عن الحسين بن الفَرَج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله ( بَنِينَ وَحَفَدَةً ) يعني: ولد الرجل يحفِدونه ويخدُمونه، وكانت العرب إنما تخدمهم أوْلادهم الذكور.

    وقال آخرون: هم بنو امرأة الرجل من غيره.

    * ذكر من قال ذلك:

    حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) يقول: بنو امرأة الرجل ليسوا منه ، ويقال: الحَفَدَة: الرجل يعمل بين يدي الرجل، يقول: فلان يحفد لنا، ويزعم رجال أن الحَفَدَة أخْتان (14) الرجل.

    والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى أخبر عباده معرفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) فأعلمهم أنه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفَدة، والحفَدة في كلام العرب: جمع حافد، كما الكذبة: جمع كاذب، والفسَقة: جمع فاسق. والحافد في كلامهم ؛ هو المتخفِّف في الخدمة والعمل. والحَفْد: خفة العمل يقال: مرّ البعير يَحفِد حفَدَانا: إذا مرّ يُسرع في سيره. ومنه قولهم: " إليك نسعى ونحفِد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك. يقال منه: حَفد له يحفد حفدا وحفودا وحفدانا ومنه قول الراعي:

    كَــلَّفْتُ مَجْهُولَهَــا نُوقــا يَمَانيَّـةً

    إذا الحُــدَاةُ عـلى أكْسـائها حَـفَدُوا (15)

    وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل ، المتخففون فيها، وكان الله تعالى ذكره أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا من مماليكنا إذا كانوا يحفدوننا ، فيستحقون اسم حفدة، ولم يكن الله تعالى دلّ بظاهر تنـزيله ، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ولا بحجة عقل، على أنه عنى بذلك نوعا من الحفدة ، دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا وجه في الصحة ، ومَخْرج في التأويل. وإن كان أولى بالصواب من القول ما اخترنا ، لما بيَّنا من الدليل.

    وقوله ( وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ) يقول: ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات ، ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: يحرّم عليهم أولياء الشيطان من البحائر والسوائب والوصائل، فيصدّق هؤلاء المشركون بالله ( وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ) يقول: وبما أحلّ الله لهم من ذلك ، وأنعم عليهم بإحلاله، يكفرون ، يقول: ينكرون تحليله، ويجحدون أن يكون الله أحله.

    ------------------------

    الهوامش:

    (12) استشهد بالبيت أبو عبيدة في مجاز القرآن: (1 : 364) ونسبه لجميل بن عبد الله بن معمر العذري. قال عند قوله تعالى: (بنين وحفدة): أعواناً وخداما، قال جميل: "حفد الولائد ... الخ" واحدهم حافد مخرج كامل. والجميع: كملة وقال في (اللسان: حفد) يحفد بالكسر حفدا، وحفدانا. واحتفد: خف في العمل وأسرع. وحفد يحفد حفدا: خدم. الأزهري: الحفد في الخدمة والعمل: الخفة، وأنشد (حفد الولائد ...) البيت.

    (13) سبق الاستشهاد بالبيت قريبا في صفحة 144 فراجعه ثمة.

    (14) الأختان: جمع ختن، بسكون التاء، وهو زوج بنت الرجل.

    (15) الأكساء: واحدها كسى، بوزن قفل، وهو مؤخر العجز، أو مؤخر كل شيء، والجمع أكساء (اللسان: كسا). وقال في (كسأ): كسء كل شيء وكسوءه: مؤخره. وكسء الشهر وكسوءه: آخره، قدر عشر بقين منه... وأنشد أبو عبيدة:

    كــلفت مجهولهـا ................

    إذا الحـــداد .......... حــفدوا

    ولعل الحداد في رواية الأزهري محرفة عن الحداة.




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura An-Nahl aya 72

    And Allah has made for you from yourselves mates and has made for you from your mates sons and grandchildren and has provided for you from the good things. Then in falsehood do they believe and in the favor of Allah they disbelieve?

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا