(ثم يوم القيامة يخزيهم ) أي : يظهر فضائحهم ، وما كانت تجنه ضمائرهم ، فيجعله علانية ، كما قال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] أي : تظهر وتشتهر ، كما في الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدرته ، فيقال : هذه غدرة فلان بن فلان " .
وهكذا هؤلاء ، يظهر للناس ما كانوا يسرونه من المكر ، ويخزيهم الله على رءوس الخلائق ، ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرعا لهم وموبخا : ( أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) تحاربون وتعادون في سبيلهم [ أي ] : أين هم عن نصركم وخلاصكم هاهنا ؟ ( هل ينصرونكم أو ينتصرون ) [ الشعراء : 93 ] ( فما له من قوة ولا ناصر ) [ الطارق : 10 ] . فإذا توجهت عليهم الحجة ، وقامت عليهم الدلالة ، وحقت عليهم الكلمة ، وأسكتوا عن الاعتذار حين لا فرار ( قال الذين أوتوا العلم ) - وهم السادة في الدنيا والآخرة ، والمخبرون عن الحق في الدنيا والآخرة ، فيقولون حينئذ : ( إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ) أي : الفضيحة والعذاب اليوم [ محيط ] بمن كفر بالله ، وأشرك به ما لا يضره ولا ينفعه .
يقول تعالى ذكره: فعل الله بهؤلاء الذين مكروا الذين وصف الله جلّ ثناؤه أمرهم ما فعل بهم في الدنيا ، من تعجيل العذاب لهم ، والانتقام بكفرهم ، وجحودهم وحدانيته، ثم هو مع ذلك يوم القيامة مخزيهم ، فمذلهم بعذاب أليم ، وقائل لهم عند ورودهم عليه ( أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) أصله: من شاققت فلانا فهو يشاقُّني، وذلك إذا فعل كلّ واحد منهما بصاحبه ما يشقّ عليه . يقول تعالى ذكره يوم القيامة تقريعا للمشركين بعبادتهم الأصنام: أين شركائي؟ يقول: أين الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركائي اليوم ، ما لهم لا يحضرونكم ، فيدفعوا عنكم ما أنا مُحلّ بكم من العذاب ، فقد كنتم تعبدونهم في الدنيا ، وتتولونهم ، والوليّ ينصر وليه ، وكانت مشاقتهم الله في أوثانهم مخالفتهم إياه في عبادتهم.
كما حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) يقول: تخالفوني.
وقوله ( إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) يعني: الذلة والهوان والسوء ، يعني: عذاب الله على الكافرين.
Quran Translation Sura An-Nahl aya 27
Then on the Day of Resurrection He will disgrace them and say, "Where are My 'partners' for whom you used to oppose [the believers]?" Those who were given knowledge will say, "Indeed disgrace, this Day, and evil are upon the disbelievers" -